منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People
مرحبا بك في موطنك الافتراضي الأندلس، على قول المثل: "تفاءل بالخير تنله". نرجو أن تستفيد وتفيد في إطار أخوي هادف
http://smiles.a7bk-a.com/smile_albums/welcoms/11921929472176.gif

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People
مرحبا بك في موطنك الافتراضي الأندلس، على قول المثل: "تفاءل بالخير تنله". نرجو أن تستفيد وتفيد في إطار أخوي هادف
http://smiles.a7bk-a.com/smile_albums/welcoms/11921929472176.gif
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموريسكيون الاندلسيون و تأثيرهم علي المناخ العام للبلاد التونسية

اذهب الى الأسفل

الموريسكيون الاندلسيون و تأثيرهم علي المناخ العام للبلاد التونسية Empty الموريسكيون الاندلسيون و تأثيرهم علي المناخ العام للبلاد التونسية

مُساهمة من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر الأربعاء 06 نوفمبر 2013, 23:03

الموريسكيون الاندلسيون و تأثيرهم علي المناخ العام للبلاد التونسية

لطفي قرباية * 
باحث - تونس

المقدمة:
أود أن افتتح مداخلتي ضمن محور " قيم التعايش و الاعتراف بالآخر: من خلال حضور الموريسكيون في اسبانيا و في البلدان التي احتضنتهم شرقا و غربا." باستعراض لأهم الأفكار الواردة في كتاب: " اسبانيا في تاريخها المسيحيون و المسلمون و اليهود" و هو كتاب من تأليف اميركو كاسترو، ترجمة على إبراهيم منوفي ، مراجعة حامد أبو أحمد و صادر عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر سنة 2002. و قد تم تقديمه في مجلة العربي كالآتي: صدر هذا الكتاب في منتصف القرن العشرين، و أثار في حينه جدلا في ما يخصّ تأثير الثقافة العربية في الهوية الاسبانية. و قد واجه مؤلفه (اميركو كاسترو) تحديا، بتقديمه كتابا خارج المألوف في الدراسات الأسبانية الإسلامية، أكثر ما تجلى في مفهومه، بأن الأحداث ليست التاريخ، بل هي مؤثر عليه، اذ هو باعترافه، "عبارة عن سلم القيم الذي يصبوا اليه كل شعب." ففي العنوان الأول "أسبانيا أو تاريخ القلق " يذهب المؤلف عبر مقارنات الى الجذور، رائيا إلى ان أسبانيا لم تكن غائبة عن العلم الأوروبي، و لكنها مع ذلك اكتسبت ملامح خاصة، مختلفة عن تلك التي اتسمت بها انجلترا و فرنسا، مصرحا بأنه " عندما يتم تأمل ذلك التاريخ نجد هناك رغبة فيه لو أن الأحداث أخذت مسارا آخر عما هي عليه في الواقع... لأن تاريخ اسبانيا كان مترعا منذ قرون مضت، و حتى الآن بالرغبة في اللا حياة و الهروب من النفس، و هنا نجد أفكارا متناقضة مثل العظمة و الانحطاط لا تاخذ منا كثيرا." و من اللافت كذلك انه يتوقف خصوصا عند المرحلة " القشتالية" التي حسمت الوجود الإسلامي في أسبانيا. 
و تحت عنوان " التراث الاسلامي و الحياة الاسبانية"، يتوقف الكاتب عند العادات الاجتماعية التي اقتبسها الاسبان من المسلمين، فيصفها بالتقاليد الرفيعة، التي من الصعب فهم مدلولها، الا من خلال السياق الاسلامي، و من ذلك كلمة "تفضل". 
و بالنسبة للحالة العامة للبلاد التونسية عند قدوم الأندلسيين في القرن السابع عشر، فإنها كانت تتمثل في وجود فئات منعزلة. كما أن الأماكن العمرانية كانت قليلة في حين لم يبق من المدن الرومانية الأخيرة إلا أثارها. و لم يؤد قدوم الأتراك إلى تونس إلى إيجاد مدن جديدة . لان عرب اسبانيا أول الأمم المتمدنة في القرن الحادي عشر بعد الميلاد بل كانوا يفوقون في ذلك العصر جميع أمم أوروبا إلا أن ميلهم إلى الشقاق أثار بينهم نار الحرب و عجل دمار سلطانهم في ذلك الزمان المحتاجين فيه إلى نفوذ كلمتهم ليتمكنوا من مقاومة نصارى اسبانيا. 
** الاندلوسيون في تونس:
أما تونس فقد انتقل اليها كثير من أهل شرق الأندلس و أقاموا في كنف السلطان أبي زكريا يحيى الحفصي (620-647هـ) و ذلك بعد أن استولى خايمي الأول ملك أرغون على بلنسية في سنة 636هـ (1238م)، و جزيرة شقر في سنة 639، و مرسية سنة 641، و شاطبة في سنة 643هـ. لقد وفد على البلاد التونسية جالية اندلسية هامة مثلت دورا هاما في خلق تثاقف على مستوى الفن المعماري و الفلاحة و الصناعات، وخلقت جملة من العادات و التقاليد باندماجها في العائلات التونسية أيام الحفصيين.
و لهذه الهجرات أسباب واضحة تمثلت في تدهور أوضاع الدولة العربية الإسلامية في الأندلس و استحواذ الإسبان على المناطق التي كانت تحت حكم العرب، مما دفع بهؤلاء إلى التوغل في أغلب مناطق شمال إفريقيا. 
و قد استقبل الأندلسيون استقبالا حسنا من طرف الأتراك الذين قدموا لهم كل المساعدات. و هكذا نشأت تجمعات مستقلة بذاتها تقريبا و نلاحظ وجود أربعة مراكز تجمعية بشمال البلاد و هي : سهول مجردة، الوطن القبلي، المنطقة الساحلية شرقي بنزرت و أحواز تونس. و يفسر ذلك بطبيعة المناخ و التربة.
و في البلاد التونسية كان تأثير الأندلسيين أشمل و أعمق. و قد بدأت هجرتهم منذ أواخر القرن الثاني عشر انطلاقا من الجزر الشرقية الأندلسية و مصب نهر الابر حيث انتصبوا في الجنوب التونسي. و كانت تونس انذاك مستقر العلماء و الادباء في المغرب و منزل رهط من علماء الاندلس الذين رحلوا إليها بعدما حلّ في ذلك القطر من نكبات. 
كما أكد الشهاب الحجري ان جل الموريسكيين انتقل الى تونس : ... بلغ نهاية جميع الاندلس بصغارهم لثمان مائة ألف مخلوق، أكثرهم خرج بتونس... ، كما أكد المقري نفس الملاحظة بقوله : فخرجت ألوف بفاس و ألوف أخر بتلمسان من وهران، و جمهورهم خرج بتونس.."، وسارت على نفس المنهج المصادر الاسبانية إذ اعتبرت تونس البلد الذي استقبل اكبر عدد من المورسكيين. أما بالنسبة لنوعية المورسكيين الذين استقبلتهم تونس، فإننا نلاحظ في هذا المجال أن الأراجونيين يحظون بنصيب 3/2، بالاضافة الى عدد من البلنسيين و القشتاليين و غيرهم. ولهذه الوضعية آثارها على صعيد استقرار المورسكيين بتونس، فقد اعتبرت فئة الأراجونيين هي الفئة الأكثر تعليما في جميع شبه الجزيرة الايبيرية، و بالتالي فإن تأثيرها سيكون بليغا في مختلف مظاهر الحياة الفكرية و الاجتماعية و الاقتصادية بتونس. 
و إثر سقوط غرناطة (1492) قدمت موجة ثانية من المدجنين الذين استقروا بتونس و القيروان و نفطة و قابس و صفاقس و سوسة. و في هذا الشأن يقول الدكتور ابراهيم جدلة: فقد انتشر المهاجرون الاندلسيون اثر سقوط غرناطة في العديد من المدن، فإضافة لمدينة تونس، استقروا في بجاية و القيروان و سوسة و صفاقس و قابس و نفطة (اقرب نقطة إلى قفصة). 
و لقد فتحت إسبانيا عام 2009 ملف الموريسكيين بعد 400 عام على طردهم من الأندلس، لم يكونوا مستعمرين جاؤوا من الخارج بل إسبانا إعتنقوا الإسلام وطردوا من بلادهم. وحسب العديد من المراقبين، والمنظمات الإسلامية العاملة في إسبانيا، فإن طرح مشروع قانون حول هذا الموضوع ـ الذي كان أحد طابوهات السياسة الإسبانية ـ يعد تعبيرا عن قدرة الإسبان على فتح دهاليز ماضيهم والتخلص من العقد تجاهه. ينص مشروع القانون على رد الاعتبار لأحفاد الموريسكيين، الموجودين اليوم في بعض البلدان المغاربية ويوصي بتقوية العلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية معهم، لكنه لا يذهب إلى حد مطالبة الدولة بالاعتذار الرسمي عن تلك الجريمة، أو تعويض أحفاد المطرودين اليوم مقابل ممتلكات أجدادهم التي سلبت منهم، أو تمكينهم من الحصول على الجنسية الإسبانية. ويرى بعض المسؤولين عن المنظمات الإسلامية في إسبانيا أن المشروع، وإن كان يساويهم باليهود الذين طردوا من الأندلس قبل خمسة قرون بعد صدور قانون بهذا الشأن عام 1992، إلا أنه لا يشير إلى ضرورة اعتذار إسبانيا للمسلمين مثلما اعتذرت لليهود الأسبان قبل هذا العام.
في الوثائق الجديدة حول الأندلسيين بتونس في أوائل القرن الثامن عشر يقول ميكال دي ايبالثا: من خلال النصوص التي نقدمها هنا و التي تلقى أضواء جديدة على وضع الأندلسيين بتونس في أوائل القرن الثامن عشر يمكننا استخلاص استنتاجين : أولا أن الأندلسيين حافظوا على طابعهم الذاتي خصوصا في ميدان اللغة الإسبانية بالقرى إذ أن بعضهم كان قادرا على ترجمة كتب من العربية إلى الإسبانية و هو أمر ليس له نظير حتى في المغرب الأقصى. و ثانيا هو أن عدة شخصيات أندلسية لها دور هام جدا في إدارة شؤون الدولة في أوائل عهد المملكة الحسينية مدة قرنين و نصف وهو ما لم يكن ممكنا في الجزائر 
كما قام الرحالة ( فرانسيسكو خيماناث) بجولة عبر منطقة بنزرت فزار مدينة بنزرت و العالية فغار الملح و منبسط أوتيكا. خلال جولته هذه و بقية الرحلات المقبلة تركز اهتمامه على ملاحظة مجموعة الأندلسيين و خصياتهم و دورهم فيذكر لنا عدد مساكنهم و طريقة بنيانهم ثم دورهم في الحياة الإجتماعية وفي تطوير الزراعة و تقدمها و كذلك محافظتهم على اللغة الإسبانية.
أما وصفه لمنطقة وادي مجردة فهو أدق و أعمق. تبدأ الرحلة بزغوان و تنتهي في تستور عبورا بطبربة، مجاز الباب، السلوقية، وقريش الوادي. إن جميع هذه القرى تم إنشاؤها أو إعادة بنيانها من طرف الأندلسيين الذين بنوا الديار على الطريقة الإسبانية و حافظوا على عاداتهم و لغتهم. كما نجد أيضا معلومات أخرى هامة جدا مثل مهاجرة الأندلسيين من ديارهم في بعض القرى المهجورة إلى تونس بأمر من الشريف باي حتى لا يجد الجزائريون من يعطيهم المؤونة لأنهم كانوا في حالة حرب مع تونس، أو ذلك الأمر العجيب الذي وجد بطبربة و المتمثل في إقامة مدارس و كتب بالإسبانية اضمحلت في ذلك الوقت بعد منعها من طرف الباي. و يؤكد خيماناث أن قرية قريش الوادي وقع تشييدها و تعميرها من طرف " الكاطلان" الذين أطردوا من إسبانيا في سنة 1610.
إن أحسن ما كتبه خيماناث في مؤلفه " البعثة الدينية إلى تونس" الذي يقول فيه بالخصوص أن الأندلسيين أتوا إلى تونس بعد أن أجلاهم فيليب الثالث سنة 1610م فأحسن عثمان داي استقبالهم ووزع عليهم الأراضي و السلاح و أعفاهم من الضرائب و منحهم شبه استقلال ذاتي بالمناطق التي استقروا بها فبنوا وجددوا عدة قرى و مدن : بنزرت، رأس الجبل، العالية، غار الملح، الماتلين، تركي بلي، نيانو، قرمبالية، سليمان، طبربة، ماطر، مجاز الباب، السلوقية، قريش الوادي و تستور.
و أتى أغلب الأندلسيين من منطقة " الأندلس" لكن أيضا موريسكيون قدموا من كاطالونيا، طرقونا، أراقون، وقشتالة و لقد جلبوا معهم أغلب الصناعات الموجودة حاليا مثل الشاشية، و الصوف و الحرير وهم يختلفون عن بقية الأهالي إذ أنهم حافظوا على لغتهم وعاداتهم وطباعهم كما أن لهم حضارة متفوقة.
إذن نرى أنه بفضل علاقاته واتصالاته في تونس و بفضل حب اطلاعه و كتابة كل ما شاهد حوله، قد ترك لنا خيماناث مشاهد حية و معلومات قيمة عن الأندلسيين الذين هاجروا إلى تونس في القرن السابع عشر .
و أنشأ الأندلسيون بهذه المناطق عدة مدن كما أحيوا قرى أخرى كانت خالية من العمران. و الملاحظ هنا أن بعض القرى لم تعمر طويلا . و رغم الإنتفاضات السياسية و عدم الإستقرار فإن القرى الأندلسية بقيت مزدهرة و حافظت على طابعها و عاداتها. و نلاحظ أيضا أنه في أواسط القرن التاسع عشر بدأت هذه القرى الأندلسية تسير في طريق الإنحطاط . و يرجع ذلك إلى المصادرات و الجبايات و الطاعون و اللصوصية مما أدى إلى هجرة الأندلسيين إلى تونس.
و منذ عهد الحماية ازداد هذا الإنحطاط إلى حد أن الكثير منهم هاجر إلى المانيا و فرنسا. وعندما يزور المغرب مسافرون إسبان في القرن التاسع عشر و مطلع القرن العشرين، إن كانوا يشعرون وقتئذ باحتقار لماضي شبه الجزيرة، الإسلامي، مهما كان ضعيفا، فلا شكّ أنّهم سيلاحظون أنّه لا وجود في البلد المجاور أي شيء يضاهي المعالم العربيّة المجيدة الموجودة في إسبانيا. فالأندلسيّون، لمجرّد كونهم أندلسيّين، أي أنّهم عاشوا في ذلك الإقليم المتميّز، يعتبرون أنفسهم أسمى من أبناء ملّتهم الموجودين في الضفّة الأخرى من المضيق. وبصورة موازية يقرّ الوسط العلمي و يشجّع الفكرة التي مفادها أن الأندلسيين كانوا دائما أكثر ثقافة وحضارة من المغربيّين. 
و لقد ادخل الموريسكيون طرقا جديدة في الانتاج طوروا بها كل القطاعات الاقتصادية: فلاحة – صناعة – تجارة و خدمات كما جلبوا معهم ثقافتهم و رؤيتهم الخاصة للعالم و التي كانت بمثابة النبراس الذي يضئ لهم دروب الحياة. 

* الفلاحة:
و في الميدان الفلاحي أدخل الأندلسيون عدة طرق للري و الزراعة و المسكن كما أتوا ببعض الشتائل التي لم تكن معروفة كالذرة و الطماطم و البطاطة و عدة أنواع أخرى. كما تمهروا في تربية الحيوانات الأهلية و في الصيد البحري و أدخلوا أيضا طرقا جديدة في الحراثة و في وسائل النقل. و في ناحية الباطان قرب بلدة طبربة أقام الأندلسيون سدا لتجميع المياه كما حفروا عدة آبار و أعادوا استغلال حنايا زغوان مما أدخل تغييرات على الحياة الريفية بالأماكن التي استوطنوها. و الملاحظ أنه منذ الحرب العالمية الثانية خاصة توجه البعض من الأندلسيين إلى القطاع الصناعي و التجاري. 
و يمتاز الاندلسيون عن العربان بغراسة الاشجار، مثلما نشاهد بوضوح في الاماكن التي سكنوها. فكل المناطق المجاورة لمدنهم تقريبا امتلأت بساتين، غصت بالأشجار المثمرة و ببقول متقنة الحفظ و الصيانة. و يذهبون إلى تونس لبيع معظمها. و في الاماكن النائية عن هذه المدينة ، لهم العنب و بساتين الزيتون، مصففة بإحكام و مصانة. يربون الأبقار، و الشياه، و يصنعون الجبن، و الزبدة التي يطلقون عليها اسم السمن، و لهم الحمام الزاجل و الدجاج و بإيجاز فإنهم يجتهدون في كل الأشغال لفلاحة متميزة. فقد: حملت الأقلية الموريسكية معها إلى إيالة تونس تجربة و خبرة نوعية عالية في إحياء الأراضي الفلاحية، تمثلت بادئ الأمر في حسن استغلال المياه عن طريق بناء السدود و إيجاد و تعميم الخزانات المائية و القنوات التي كان يصل طولها إلى 30 كيلومترا، و آليات تصريف المياه لسقي الأراضي و التي بلغت، وفقا لبعض الدراسات إلى 2500 هكتار يومئذ و أنهم أحيوا خط جلب المياه من زغوان- قرطاجنة بطول 75 كيلومترا و الذي كان سائر العمل به إلى حدود سنة 1900. و في هذا السياق أطلق على أحد أنواع "البيثر" ( أي التين ) المستجلب بالقوتي نسبة إلى (Goth) و هي التسمية القديمة لإسبانيا. 
وإذا ظن المسيحيين المتعصبين- مثل رئيس الأساقفة اكزيمنيس الذي أحرق ثمانين ألف كتاب من كتب العرب بعد جلائهم عن أسبانيا- أنهم يستطيعون محو آثار الحضارة الإسلامية من الأندلس فإن هؤلاء فاتهم أن ما تركه العرب من طرق معبدة و قصور مرفوعة، ومشافي وفنادق و غيرها كل ذلك كان كفيلا بتخليد اسم العرب، حتى قال لوبون إنه لا يوجد في أسبانيا المعاصرة من أعمال الري سوى ما أتمه العرب. 

* الصناعة:
لقد ساهم الاندلوسيون بقسط واقر في تنمية اقتصاد البلاد من خلال اهتمامهم
بالميادين الصناعية و التقنية. و أحسن مثل لذلك صناعة الشاشية التي عرفت على أيدهم طرقا جديدة في الإستغلال و بالتالي في الترويج كذلك ازدهرت صناعة النسيج و الجلد و العطورات.
و من ناحية أخرى، عرفت صناعة الخزف تطورا كبيرا بإدخال فنيات جديدة عليها. و بفضل هذا النشاط للجالية الأندلسية، فإن التجارة الخارجية للبلاد التونسية عرفت ازدهارا لا مثيل له. فلا يقل المجال الصناعي و التجاري أهمية وطرافة و إبداعات عن المجال الفلاحي و حيث عرف هو الآخر نقلة جديدة بفضل خبرة هؤلاء المهجرين بإدخال فنيات صناعية و تنظيمية، وكانت تأثيراتها بالغة جدا على الحياة الاقتصادية و التجارية و على الأخص منها التجارة الخارجية، بدءا من تطوير صناعة الشاشية التي احتلت حيزا كبيرا من المعاملات التجارية المحلية و المغاربية و التي وصلت إلى مصر. وقد تفنن الصناع الموريسكيون في حسن اختيار ألوانها وصوفها. وتذهب بعض الدراسات إلى أن هاته المهنة، قد تعممت في البلاد التونسية، ووصل إنتاجها من خمسمائة ألف إلى مليون قطعة سنويا. و قد أثر ذلك القطاع في صناعة النسيج و خصوصا منها المعتمدة على الحرير وهو ما أطلق عليه بروكار (Brocart ) ثم إبداعات قطع السروج الجلدية الثمينة و كذا الصابون ذي الروائح الطيبة، و كذا صناعة العطور. 
و يظهر تأثير الأندلسيين في عدة ميادين من الصناعة نذكر منها صناعة الأقمشة و الحرير و الفخار و الشاشية خاصة التي احتكروها بصفة كلية مستعملين مصلطحات فنية باللغة الإسبانية و حرصوا على المحافظة على سر هذه الصناعة فيما بينهم إذ نوعوا وفرقوا المراكز التي يتم فيها صنعها (العاصمة و أريانة و الباطان و زغوان و العالية و غيرها). و لقد عرفت صناعة الشاشية ازدهار منقطع النظير موفرة لمنتجتها و للبلاد أرباحا طائلة مما جعلها تلقى عناية خاصة و حماية كبيرة من طرف السلطات الحاكمة.
و بالمقابل تضررت اسبانيا كثيرا في الجانب الصناعي و التجاري، إذ كان الموريسكيون يمارسون الصناعة و التجارة بمهارة فائقة كانت تدهش الاسبان أنفسهم، فقد اختفت بعض الصناعات من بعض المناطق مثل سرقسطة التي اختفت منها صناعة الأسلحة، و أغلقت في مناطق أخرى مصانع الورق و الحرير و الأقمشة .

* التجارة و الخدمات:
لقد تعاطي الأندلسيون التجارة و خاصة منها العبيد نظرا للأرباح الوفيرة التي كانت تجود بها كما كان لهم أثر واضح في الحياة اليومية من ناحية اللباس و المآكل و التي احتفظت البعض منها بالأسماء الإسبانية إلى وقتنا الحاضر .
و للأندلسيين أيضا تأثير واضح في ميدان الفن المعماري و نراه من خلال بعض الدراسات التي وقعت حول جامعي تستور و العالية و حول طريقة بناء المناطق السكنية و استقامة أنهجها و نجد كذلك بعض التشابه مع الفن " المدجن" بإسبانيا. ( و الشخص المدجن المسلم الباقي في المدن الإسلامية بعد سقوطها في حروب الاسترداد. )
فقد ساعد مجيء الأندلسيين على نمو مدينة تونس، و لو أن أقلية منهم وجدت مستقرا داخل المدينة. أما العدد الوافر من القادمين فقد لجأ إلى المدارس و الزوايا. و كان دور أبي الغيث القشاش كبيرا في تقارب الأندلسيين و بقية أهل البلد. و من جهة أخرى فإن أغلبية ساحقة من الأندلسيين استقروا داخل البلاد التونسية في أربعة مناطق هي : تونس و المناطق الريفية منها و الوطن القبلي و ضفاف مجردة و منطقة بنزرت و توجد هنا جل البلدان التي أسسها الأندلسيون أو التي أحيوها. و هاته البلدان تمتاز بطابع أندلسي بحت، و أحسن مثال لذلك تستور. 

* ثقافة:
لقد استطاع المهاجرون الأندلسيون إلى تونس أن يغيروا وجه البلاد الثقافي، ورغم انخراط العديد من المهاجرين الأندلسيين في سلك الجيش حيث شاركوا في مقاومة الصليبين بكل شجاعة. فقد جلب الاندلوسيون معهم موسيقاهم الخاصة: "لان الفلمنكو المعروف في عدة بلدان العالم و خاصة بدول امريكا اللاتينية هو ضرب من الموسيقى الأندلسية. و بفضل طبيعة الأرض بالأندلس و عاداتها فإن الرقصة و الأغنية الأندلسية حافظتا على طابعهما على مر العصور و تمكنت إسبانيا خلالها من التكون و التقدم ثقافيا و فنيا و موسيقيا خاصة بتلاحق حضارة إسبانيا المسيحية و إسبانيا المسلمة. كل هذا مكن كذلك من تكوين نوع موسيقي شعبي جديد ألا وهو الفلمنكو الذي ينبع من الأندلس و يستوحي قوته من الأغنية الأندلسية القديمة و الأغنية العربية اليهودية و القصائد القشتالية التي ألفت بعد حركة الإسترجاع.
و يجب كذلك تحليل المشكل الأندلسي الذي يتمثل خاصة في الأغاني القروية للموريسكيين و المشكل الآخر هو الغجري(Gitan) الذي ينحدر من أصل هندي.
و الذي يجب تأكيده هنا هو أن الغجري الأندلسي كان الوحيد الذي يغني و يرقص الفلمنكو لأنه من السهل أن تستهويه الأغنية و الرقص الأندلسيين الذين يقتربان من عقليته و عاداته. و قد أعطى الغجري مدا وصبغة جديدة للفلمنكو . فقد دخل عبر الهجرة الأندلسية إلى إفريقية المألوف الأندلسي، وما ورثه هؤلاء من صناعة الغناء، و من أشهر المشتهرين في المألوف: زرياب (789/852) الذي نشأ بالعراق وانتقل إلى الأندلس، وزرياب قد أقام زمنا بالقيروان قبل أن ينتقل إلى المغرب و منها إلى الأندلس. 
اما فيما يخص كتابة الخط:"فلقد أثرت سيطرة الأندلسيين على التعليم في إفريقية على تغير الخط الإفريقي بالخط الأندلسي، و انتشر في البلاد ما جاء به أهل الأندلس من صنائع وفن معماري و صار خط أهل إفريقية من أجمل الخطوط الأندلسية على الإطلاق. 
و من ناحية الأسماء و الألقاب الي توارثها التونسيون" يقول الاستاذ أحمد الحمروني ان ألقاب التونسيين تتوزع على عدة أنواع منها ما هو راجع إلى الطبيعة و منها متأت من الاماكن و البلدان التي ينحدر منها اصحابها و مجموعة اخرى تعود إلى بعض الصفات الخلقية أو المهن أو الرتب الاجتماعية و الوظيفية والعسكرية. 
فهناك ألقاب منسوبة إلى الأصول الأولى كالأندلسي و التركي و الاسطنبولي و حجيج (... ) و كذلك بجد لقب المغربي و الفاس و الفارسي و السوداني و المصري و البغدادي وبرتقيز و هو لقب الأشخاص الذين ينحدرون من البرتغال و هناك ألقاب فرنسية و اخرى ايطالية." 
ففي قرية قلعة الاندلس و حسبما جاء في محاضرة لشيخ القرية، السيد المكي بوبكر الأندلسي رحمه الله فإن الأندلسيين الأوائل قدموا من مدينة بطلاوس و تبعهم اللواتيون و القيروانيون و الطرابلسيون و الرفرافيون و الجماعة المنحدرة من سلالة الحداد و الجماعة المعروفين ببرتقيز الواردين من المغرب حسب شيخ القرية. و من الملاحظ أن كل فئة سكنت بحي منفصل و كانت القرية تعد 500 نسمة تقريبا و يكون الأندلسيون الأغلبية و يشغلون المناصب الإدارية الهامة. 
أما الألقاب التي تعمد اصحابها تحسينها أو تغييرها فهي كثيرة جدا، و هناك الألقاب الفرعية التي جمعت في اصل واحد مشترك الأمر الذي يعسّر توزيع البريد.
فهل أن محمد الأندلسي مثلا من عائلة ماركو او من عائلة مركيكو (تصغير ماركو) أم من عائلة البنتور (الرسام أو الدهان في اللغة الاسبانية) أم من عائلة زبيس؟ 
و بصورة أدقّ ورد في كتاب " عالم المعرفة" ما يشير إلى أن اسم الأندلس كان يعني حركة الأخذ و العطاء الثقافي التي تجري بين العالم الإسلامي و العالم المسيحي الغربي، تلك الحركة التي يقوم فيها اليهود بدور بالغ الأهميّة .
و من الغريب أنّ الباحثين غير الإسبانيّين على وجه الخصوص، هم الذين كانوا خلال العقود الأخيرة، الأشدّ حزما في مثل هذا المنهج، ربّما حفزهم ما كان من صدى بعيد لآثار داميريكو كاسترو (d’Americo Castro) المنفي في الولايات المتّحدة الأمريكية بعد الحرب الأهلية الإسبانية. ودرست البورتوريكية لوس لوبيز بارلت (Luce Lopez Baralt) جذور تصوّف القديس يوحنّا الصليبي، الإسلاميّة. واهتّمت الشمال أمريكيّة ماريا روزا مينوكال (Maria Rosa Menocal) بالتأثير العربي في الشعر الغنائي الأوروبي. وناقض جرير أبو حيدر نظريّات هذه الأخيرة بتخصيص كتاب لنقض الفكرة القائلة بأن الشعر البروفنسي قد مدّ جذوره في الشعر العربي . فقد ظلّ الأندلسيّون خلال القرون الأولى على هامش العمل الفكري الذي كان يجري في المناطق الإسلامية المركزيّة، تاركا المجال لظهور عملية أخذ و تنافس، أفضت إلى "تمشرق" الثقافة الأندلسيّة .
و سرعان ما ترك إنتاج العلماء الأندلسيّين الفكري أثره في مناطق أخرى من العالم الإسلامي. وقد كانت الروابط بين العدوتين مستمرة في سائر العصور وبوجه أخصّ حين تكونان تابعتين لحكومة واحدة. ولئن كانت القيروان، في العهود الإسلامية الأولى قطب اجتذاب بالنسبة إلى الأندلسيّين، ففي عهود متأخرة أكثر، أصبحت قرطبة و بعض المدن الأندلسية الأخرى مثل إشبيليّة مقصدا لا بدّ منه بالنسبة إلى علماء شمال إفريقيا، و المغرب العربي بوجه أخصّ .فقد أضفى التعريب و التمشرق اللذان ظهرا خلال الفترة الأمويّة، على الأندلس صبغة متميّزة، تجاه أقرب منطقة إسلامية منها، و هي المغرب العربي. إلاّ أنّ اعتناق هذه المنطقة الإسلام في فترة متأخرة، و تعريبها، وهويّتها العرقيّة البربريّة قد ساعدت على شعور الأندلس أكثر فأكثر بصبغتها الجزيريّة .
و يقول فرناندو سانشيث دراجوه : لقد نشأت هذه المخادعة الثانية للأندلس من ردّ فعل عنيف على تاريخ " رسمي"تورّط في تأويل جوهري لتاريخ إسبانيا، وتقبّل باستياء- كما كان منتظرا – نظريّات أمريكو كاسترو (Américo Castro) حول الوجود المستمرّ لعناصر عربيّة و يهوديّة في التراث الثقافي الإسباني. ولمّا بدأت هذه الأفكار، و أفكار أخرى كثيرة، تناقش بحريّة و تخرج من حلقة الأوساط الثقافيّة المفرغة، وجدت مجالا ملائما تماما لرفض الصورة الأحادية و الأساسيّة للماضي الإسباني، و هي صورة مطابقة بالضبط لنظام سياسي كان قد ألغى الحريّات السياسيّة منذ أكثر من أربعين سنة. فأصبحت الأقليّات اليهوديّة و المورسكيّون و الأندلسيّون و جميع المضطهدين و المقصيين من التاريخ موضوعا ممتازا للمطالبة. ثم يضيف: امتناني كذلك للعالم الإسلامي بسبب الشعر العربي الأندلسي، ما سمح- على سبيل المثال- بازدهار شعر جيل دون الذهاب أبعد من ذلك. ما كان ليوجد كل هؤلاء الشعراء الإسبان العظام دون الشعر العربي الأندلسي السالف، الذي لم يكن مكتشفا، لكن كان مترجما ومدروسا و موضوعا في مداره من قبل إميليو جارثيا جوميث. وامتناني لكل ما شكل رؤية العالم الأندلسي. 
و يضيف سانشيث مظهرا اعجابه بالثقافة الاسلامية: اعتدت القول إنه سيكون علي، بشكل لا يمكن تحاشيه، أن كتب كتابا عن الإسلام. لن يكون كتابا متبحرا و لا بحثا فلسفيا، بل سيكون كتابا معيشيا، و أعرف ما الاسم الذي سيأخذه. سيحمل عنوانا، بالعربية مكونا من ثلاث كلمات، أي ثلاثة مفاهيم تحدد و تعين تماما الفلسفة الخاصة و الطريقة المميزة لمجابهة الحياة التي يحظى بها الإسلام. الكلمات الثلاثة هي : إن شاء الله Insha Allah بكرة Boukra، شوية شوية Shuai-Shuai. أظن أنه سيكون جيدا للعالم الآن، سواء أكان مسلما أم لا، أن يتمثل هذه المفاهيم الثلاثة و أن يطبقها. و يخلص الكاتب الي القول:" أعتقد أنه لا يمكنني أن أتحاشى، ما دمنا هنا في إسبانيا، في الجزيرة الإيبيرية، في الإمبراطورية الغربية، ومادمنا في الأندلس، أن أشير إلى هذه الظاهرة التي ليس لها شبيه في التاريخ الكوني و التي كانها الإسلام في إسبانيا. و يوجد مثال آخر لمثاقفة نصارى الأندلس، و هو نصّ الترجمة العربيّة لشرائع الكنيسة القوطيّة، إذ أنّ هذا النصّ يظهر إلى أيّ مدى اعتبرت اللغة العربية لغة عالمية، ويبيّن اعتماد النصارى بسهولة تامّة للمصطلحات الدينّية الإسلامية في كتاباتهم الدينية الذاتية. 
و هكذا فقد تمكن الاندلسيون: من توضيف مخزونهم الحضاري و الفني في عديد المشاريع الزراعية و التجارية و الصناعية (...) و يرجع الفضل لهم في إحداث نقلة جديدة في عديد المستويات: الفلاحية و الصناعية و المعمارية و الحضارية، حيث ما زالت بصماتهم قائمة حتى اليوم في اللباس و التجهيزات المنزلية و هندسة الشوارع و البناءات الدينية و الزركشة و البستنة و ادخال فنيات معمارية، ثم تفننهم في غرس انواع من الزهور وفي صناعة الأسلحة و السفن و كذا إبداعاتهم في الموسيقى، فيما يعرف بالموشحات الانذلسية. لان الأندلس، المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبيرية، تمثّل، مكانا يتسم بصبغة أسطورية فائقة. و إنّ الحديث عن الأندلس اليوم، في الوقت الذي رفع فيه الناس و يرفعون في ذلك، شعار " إسبانيا ذات الثقافات الثلاث" أو ذات الديانات الثلاث .

مثال سليمان:
ساسوق هنا شهادات حية لاشخاص من هذه المدينة التي زرتها في الصائفة الماضية(2010 ). فمنذ وصولي الى قربص شدت انتباهي عـمارة الأندلس و هي بناية عتيقة قبالة النزل الذي أقيم فيه خاصة وان طابقها السفلي فيه مقهى. مما يسر علي الاجتماع بصاحبها. فطرحت عليه جملة من الاسئلة: 
ماهو عمرهذه البناية؟
من بناها؟
ما علاقتها بأهل الأندلس؟
فاجابني : مؤسس العمارة :" كاربونتي و هو معمر فرنسي و مهندس معماري بناها في 1918 و توفي في 1921 و دفن قرب منزله في قربص و منزله الآن تابع لرئاسة الدولة التونسية.
و تم تداولها عن طريق الكراء إلى أن اشترتها عائلة النجار إلى جانب عمارة اخرى اشترتها عائلة زروق و هما من أصل اندلسي لذلك وقعت تسمية ( عمارة الأندلس). 
ثم اضاف:" مهرجان الأندلس بسليمان و تستور في فصل الصيف و فيه موسيقى المألوف الى جانب العادات الاندلسية.
و اضاف ان نساء المدينة يقمن باعداد الاكلات الأندلسية مثل :
القرص : نوع من الخبز مع الجبن.
البناضج : اكلة عيد الاضحى و تتكون من الخبز و البقدنوس واللحم.
كوايارس : الأمعاء الغليظة (المصرانة الخشينة) لكبش العيد محشوة بالبيض و اللحم و الخبز المجفف و المرحي ( المهرس). 

و التقيت كذلك في قربص بالسيد الحبيب وهو عون بريد متقاعد الذي قال إن اكبر تجمعات الأندلس كانت في تستور و سليمان. بالنسبة لسليمان هناك عائلات ماظور، الرشيكو، بن اسماعيل، البنديكو و البيرصو.
و قال ايضا:" لقد جاء الاندلسيون قبلي انا و قبل أبي قبل جدي لذلك أعرف تاريخهم بدقة".
و انتهزت فرصة وجودي بجهة الوطن القبلي فذهبت الى سليمان و التي سمعت انها قرية اندلسية بامتياز اين توجد عائلات بالقاب اندلسية كالبيرسو، رشيكو، بن اسماعيل، ماضور، صحابو.
اما السيد ساسي الحمروني و هو إمام جامع في "بئر مروة" و أستاذ تاريخ و جغرافيا متقاعد منذ 1995 فحدثنا عن مجىء الأندلسيين إلى الوطن القبلي/ دخلة المعاوين نسبة إلى الولي الصالح سيدي معاوية الموجود في منزل تميم.
ثم امدني بالمعلومات التالية فقال ان الأندلس = أيبيريا التي فتحها طارق بن زياد.
1492 خروج الأندلسين في اسبانيا اخرجهم فرناندو و زوجته ايزبيلا و قالت له لا أتزوجك إلا إذا أخرجت كل من هو غير مسيحي من اليهود و المسلمين.
و قبل فرناندو الشرط مع تشتت المسلمين و اختلاف رؤاهم جعلهم يتناحرون ويتقاتلون و يتفرقون و ادي بهم ذلك إلى الضعف و الهزيمة و كان مجيئهم الى تونس سنة 1609.
2009- 1609 = 400 سنة. 
و الموريسكيون : هم الأندلسيين الناطقين بالعربية و الاسبانية.
بالنسبة لدخولهم الوطن القبلي ذهبوا إلى مكان مرتفع يسمى سيدى الجديدي طريق الحمامات بدعوة انهم يريدون الانعزال و عدم الاختلاط بغيرهم. و لكن صعوبة الحياة جعلتهم ينتقلون من ذلك المكان و يتفرقون في اربعة اماكن : تركى، بلى، نيانو،سليمان و هي مناطق قريبة من قرمبالية و قريبة من سيدي الجديدي.
مجيئهم لسليمان : عام 1609 ووجدوا بعض الأتراك الذين اسسوا جامع البليدة (البلدة الصغيرة) و كان مجيء الأتراك إلى هذا المكان لحماية السواحل البحرية من قدوم الأسبان الذين لم يكتفوا بطرد المسلمين بل تابعوهم إلى مناطق الإقامة الجديدة و أول ما أسس الأندلسيون بسليمان الجامع الكبير الذي لا يزال موجودا بدؤه سنة 1609 و تم سنة 1616. و اسسوا سليمان الكبرى و سكنوا في مناطق متقاربة و كانوا يتعاونون في مختلف أنواع الحياة من العمل الفلاحي و كانوا يتزوجون من بعضهم فقط. و هي نقطة اشار اليها الدكتور التميمي في" حوار المشارقة و المغاربة": و خاصة التزاوج فيما بينهم فقط." ( ص 59). و اشار اليها ايضا انطونيو دومنقاز أورتيث في كتاب " بحوث عن الأندلس في تونس" تحت عنوان: الاطوار التي مرت بثلاثمائة الف موريسكي اطردوا من اسبانيا: حتى أنهم يرفضون الإختلاط بسكان البلاد في ميدان الزواج ( ص 99).
و بنوا منازل تحتوى على غرف مقسمة بين المطبخ و بيت السهر و بيت النوم و كانت منازلهم تحتوى كذلك على الآبار و الماجن. و غالبا أمام أبواب منازلهم تجد سقف مقوس يسمى الصباط و في وسط هذه المنازل كانوا يزرعون الأشجار و الأزهار لتجميلها. و جلبوا الفلاحة و كذلك بعض الصناعات التقليدية مثل تبيض النحاس و أنواع 
من المآكل مثل القرص و البناضج و البقلاوة و البناضج هو المصرانة الخشبية محشوة بالخبز و اللحم. و عند طردهم من الاندلس استعملوها في تهريب القطع الذهبية حتى لا يراها الاسبان الذين حرموا عليهم اخذ المال و الذهب.
من بين العائلات الموجودة في سليمان بن اسماعيل، اللبيرصو، رشيكو، ماضور و مازلوا يحافظون على عاداتهم و تقاليدهم الموروثة عن الأندلس.
هناك المالوف في تستور و في سليمان هناك أيام الاندلس تتم غالبا في الصيف في شكل مهرجان. 
و قدم السيد الإمام مثلا لمحمد ماضور و هو اندلسي الأصل من علماء الزيتونة الكبار و كان محررا للخطب و الرسائل للباي ( في الخمسينات) ثم للرئيس بورقيبة. ثم اشتغل عدل اشهاد في باب الجديد بتونس العاصمة ، ثم انتقل إلى سليمان و أصبح إماما للجامع الكبير.
و استعمل الاندلوسيون طريقة في تكييف الهواء وذلك ببناء سقف هرمي الشكل جوفه فارغ يقي سطح الجامع من حرارة الشمس.
و في شان هذه المنطقة يقول دي ابيالثا:" بعد منطقة وادي مجردة تحول خيماناث إلى الوطن القبلي حيث زار سليمان، قرمبالية، بلي نيانو وتركي فيقول أن جميع هذه القرى أندلسية إلا أنه يطنب بلدة "سليمان" من الناحية المعمارية و عدد أهاليها من البدو و العرب و الأندلسيين و هؤلاء الأخيرون بأيدهم السلطة في المنطقة و هم يحكمون على المنوال الإسباني و لا يؤدون الضرائب بعكس بقية الأهالي". 
و يتضح كذلك من خلال هذا العرض أن العنصر الأندلسي لعب دورا هاما في الحياة الإقتصادية و الإجتماعية و الإدارية للقرية و التي مازالت محافظة على طابعها الأندلسي بعد مرور أكثر من ثلاثة قرون من انتصاب الأندلسيين بها. 
اذا هذه اللمحة عن تاريخ مدينة سليمان نتمنى أن تكون مساهمة متواضعة إلى الإهتداء إلى تاريخ الأندلسيين بتونس الذي مازال ينتظر دراسات أشمل و أعمق. 

الخاتمة:
إن قصة الأندلس عجيبة حقا، مثيرة للنفس حقا. فيها من أحاديث البطولة و الإقدام ما يعجب له العجب، و يهتز له عطف العربي الكريم. فيها جرأة طارق، و إقدام عبد الرحمن الداخل، و عزيمة الناصر، و عبقرية المنصور. و فيها إلى جانب كل هذا أمثلة رائعة للصبر حين البأس، و للجلد على أشد المكروه، و للتمسك بالعقيدة و السيف مصلت فوق الرؤوس، و للثبات في مأزق يفر فيه الشجاع. و بصفة عامة كان قد شمل التأثير عدة ميادين من حياة التونسيين، و تواصل عدة قرون مما أدى إلى النهوض بالبلاد. على ان هذا التأثير الاندلسي على المستوى السياسي كان واضحا اثناء القرنين السابع و الثامن اما في القرنين التاسع و العاشر فّإن دورهم تضاءل إلى حد الإختفاء. 
لانه و مهما يكن من أمر، فقد كانت الأندلس خلال مدة طويلة أرض اللقاء الإثني و الثقافي، فقد ساهم الإسبان و البربر و العرب في بناء حضارة ثرية، الحضارة العربية الإسلامية للأندلس. و لتذوّق هذه الحضارة يمكن الذهاب إلى قرطبة أو غرناطة حيث يبهرنا المعمار و القصور و المساجد و المساكن و الحمامات و المدارس و مبان أخرى مدنية ودينية، عامة و خاصة. 

المراجع
- مارين (منويلا)، الأندلس و الأندلسيون، ترجمة حمادي الساحلي، سلسلة الموسوعة المتوسطية، الطبعة العربية الأول ، أليف للنشر، تونس.
- عاصي (حسني)، ابن خلدون مؤرخا، الطبعة1، دار الكتب العلمية، بيروت،1991
- جدلة (ابراهيم)، المجتمع الحضري بإفريقية في العهد الحفصي، منشورات وحدة البحث : الجنوب الغربي: التاريخ و الاثار و التراث و المجتمع، المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الانسانيات بقفصة، جامعة قفصة جانفي 2010
- الحمروني(أحمد)، في الذكرى الاربعمائة للجلاء الموريسكي(1609-2009)، الملحق الثقافي لجريدة الحرية، 5 مارس 2009.
- ( دي ايبالثا ) ميكال، وثائق جديدة حول الأندلسيين بتونس في أوائل القرن الثامن عشر، بحوث عن الأندلس في تونس، تونس 1983
- فنطر (محمد حسين) تونس و الأندلس، الحوار الثقافي العربي الايبيرو أمريكي الإسهامات المشتركة و التأثير المتبادل، المنطقة العربية للتربية و الثقافة و العلوم، تونس، 2003.
- سيديو، خلاصة تاريخ العرب، دار الاثار، بيروت.
-العربي ( البشير)، الهجرة الداخلية و التنمية في المجتمع التونسي، مكتبة علاء الدين، صفاقس، 2005.
- بيضون (ابراهيم)، اسبانيا في تاريخها المسيحيون و المسلمون و اليهود، مجلة العربي
عدد 615، فيفري 2010.
- هـ.(ج كراس)، عناصر أساسية اندلسية في نشأة الجغرافيا الثقافية بتونس، بحوث عن الأندلس في تونس، تونس 1983
- عبد الحكيم (القفصي)، دراسة اقتصادية و اجتماعية لقلعة الأندلس من سنة 1847 إلى سنة 1881، بحوث عن الأندلس في تونس، تونس
- ظافر شعبان (ناديا)، ثربانتس و القراءة المدجنة لرواية دون كيشوت، مجلة العربي ، عدد 621، أوت .2010
- (الجارم) علي، العرب في اسبانيا، دار المعارف للطباعة و النشر، سوسة، تونس، .
2000
- ج.د. (لاثام)، مصطفى كرضناش- مساهمة الأندلسيين في المجتمع التونسي في القرن السابع عشر، بحوث عن الأندلس في تونس، تونس 1983
- سانشيت دراجوه (فرناندو)، الإسلام الأسباني: ما ندين به للإسلام، ترجمة أحمد يماني، مجلة الثقافة العربية، الرياض .
- فيارو (ماريبال)، الأندلس: معارف ومبادلات ثقافية (الجزء الأول)، نقلها إلى العربية حمّادي الساحلي، أليف – منشورات المتوسط – تونس، 2004. 
- التميمي (عبد الجليل)، تأثيرات الموريسكيين- الأندلسين في المجتمع المغاربي إيالة تونس نموذجا، حوار المشارقة و المغاربة، كتاب العربي، الجزء الأول، وزارة الاعلام، الكويت، 
- - أحمد ياغي ( اسماعيل)، الحضارة الاسلامية و أثرها في الغرب، الطبعة2، مكتبة العبيكان، الرياض
- - عبد العزيز سالم (السيد)، قرطبة حاضرة الخلافة في الأندلس، الجزء الثاني، دار النهضة لعربية، بيروت، 1972.
- - رزوق (محمد)، الاندلسيون و هجراتهم إلى المغرب خلال القرنين 16 و 17، الطبعة الثالثة، فريقيا الشرق، 1998
- كانو (منويل)، الفلمنكو و الموسيقى الأندلسية، بحوث عن الأندلس في تونس، تونس 1983
- المالكي (ناجية)، الاستاذ و الباحث أحمد الحمروني يبحث في اصل الألقاب التونسية و فصلها، (محاضرة)، جريدة الشروق، الأحد 20 جوان 2010 . 
أ. د. جمال بن عمار الأحمر
أ. د. جمال بن عمار الأحمر
رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية

الجنس : ذكر
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2937
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4878
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق

http://www.andalus-woap.org

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الموريسكيون الاندلسيون و تأثيرهم علي المناخ العام للبلاد التونسية Empty رد: الموريسكيون الاندلسيون و تأثيرهم علي المناخ العام للبلاد التونسية

مُساهمة من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر الأربعاء 06 نوفمبر 2013, 23:04

أ. د. جمال بن عمار الأحمر
أ. د. جمال بن عمار الأحمر
رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية

الجنس : ذكر
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2937
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4878
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق

http://www.andalus-woap.org

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى