منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People
مرحبا بك في موطنك الافتراضي الأندلس، على قول المثل: "تفاءل بالخير تنله". نرجو أن تستفيد وتفيد في إطار أخوي هادف
http://smiles.a7bk-a.com/smile_albums/welcoms/11921929472176.gif

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People
مرحبا بك في موطنك الافتراضي الأندلس، على قول المثل: "تفاءل بالخير تنله". نرجو أن تستفيد وتفيد في إطار أخوي هادف
http://smiles.a7bk-a.com/smile_albums/welcoms/11921929472176.gif
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموريسكيون الأندلسيون في تونس

اذهب الى الأسفل

الموريسكيون الأندلسيون في تونس Empty الموريسكيون الأندلسيون في تونس

مُساهمة من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر الأحد 28 مارس 2010, 19:16

الموريسكيون الأندلسيون في تونس

[منقول من موقع التاريخ]


أردت أن أسلّط الضوء في هذاالموضوع على هجرة الموريسكيين إلى المغرب العربي عامة و تونس خاصة بعد طردهم سنة1609في عهد الملك فيليب الثالث، ولمزيد من التوضيح أبدأ بموجز عن الهجراتالمتعاقبة للأندلسيين نحو بلاد المغرب عامّة وتونس خاصة.
وبما أن الموضوع يتحدث عن تونسفأقول إن هؤلاء استوطنوا أساسا مدن الشمال وشجعهم الرخاء الاقتصادي والاستقرارالسياسي الذي تمتعت به البلاد في بداية عهد الحفصيين، فأقاموا بتشجيع من الحاكمالحفصي بحوض وادي مجردة غربي العاصمة وبنوا لهم مدنا وساهموا في استصلاح الأراضيوتعميرها بعد الخراب الذي أصابها إثر غزو قبائل بني هلال وسليم للبلاد أواخر دولةبني زيري( حوالي 1070م).


من هذه المدن في الشمال الغربي مدينة باجة على اسم حاضرة أندلسية استولى عليها البرتغاليون، ومدينة مجاز الباب وتستور، أما إلى الشرق منالعاصمة فاستوطن أهل الساحل الأندلسي الشرقي بمدن بني خلاد وقربة وسليمان وقلعةالأندلس،


وتعتبر هذه المناطق إلى اليوم مركز زراعات الحمضيات من ليمون وبرتقال وقدجلبت هذه الزراعات من الأندلس، في حين يعرف باقي البلاد بتركيزه على الزيتون والحبوب، ومن أبرز من رحلوا عن الأندلس في هذه الفترة نذكر ابن الأبار الذي أتى منبلنسية واستقر في بلاط الخليفة الحفصي الذي عينه وزيرا له.


وسأركز في الجزء الثاني من هذا المقال على أثار هؤلاء في تونس،إذ أن الموريسكيين كانوا حدثا لافتا في تاريخ البلاد، فوجود أناس يقولون أنهممسلمون وأغلبهم لا يتحدث العربية ويلبسون ملابس أوروبية والعديد منهم غير مختونينشكّل حدثا غير اعتيادي، وعلى الرغم من تساوي دول المغرب في استقبال هؤلاء إلا أنوفرة الوثائق التي تتحدث عن هؤلاء في تونس مقارنة بالجزائر والمغرب ترجع – حسب رأييالخاص – إلى أن الموريسكيين في الجزائر والمغرب قد اندمجوا مع من سبقوهم في الهجرةطيلة القرن الذي سبق الطرد، في حين أن تونس لم تستقبل بعد سقوط غرناطة وطيلة القرنالذي تلاه ( بين عامي 1492 إلى 1609 ) أعداد كبيرة من المهاجرين نظرا لأوضاعهاالداخلية المضطربة، فكانت هجرة الموريسكيين في عام 1609 حدثا دون سابق له، وأرجو أنأكون قد بلغت المعنى في هذه الفقرة...


ذكرنا فيما سبق أن تونس عانت خلال القرن السادس عشر من هجمات الصليبيين التي توجتباستيلاء الأسبان على البلاد سنة 1534 وبقاءهم فيها 30 عاما، واستطاع بعد ذلكالأتراك أن يطردوهم ( سنان باشا ) سنة 1574 واحتاج الأمر إلى حدود عام 1590 لتنهضالبلاد مرة أخرى بعد أن خربتها الحروب والهجمات الصليبية والمجاعات وسنوات الجدبالتي أهلكت العباد. 
وبالتالي لم تكن تونس خلال هذه الفترة ملجأ للهجرة ولم يكن أحدمن الموريسكيين الأندلسيين يستطيع أن يهرب ويلجأ ببلد يحتله الأسبان !
غير أنه وبعدتحسن الأوضاع وبعد قرار طرد بقية المسلمين من اسبانيا سنة 1609 وجد الكثيرون فيتونس ملاذا آمنا كغيره من بلدان المغرب، غير أن الحدث الذي ميز تونس عن الباقين هوأن الموريسكيين في الجزائر والمغرب قد اندمجوا مع من سبقهم في الهجرة طيلة القرنالذي سبق، في حين كانت تونس أمام وضع فريد: قدوم 80.000 (ثمانين ألف) موريسكي أندلسي 
(حسبتقديرات سجلات الموانئ الإسبانية يصل عدد الموريسكيين الذين طردوا من إسبانيا بين1609و 1614 إلى 300 ألف شخص)، 
ويقولون أنهم مسلمون ويتحدثون الإسبانية، مما أبطأمن عملية دمجهم في المجتمع التونسي الذي كان مفكك الأوصال من الناحية العمرانية بعدقرن من الحروب والمجاعات والذي نهض للتو بعد الدعم الذي قدمّه له الأتراك، لذاحافظت الجماعة الموريسكية على خصائصها المتميزة خلال فترة طويلة..


كانالعثمانيون يرغبون في إعادة إعمار البلاد، والاستفادة من مهارة الموريسكيين ومايمكن أن يجلبوه معهم من حرف أو زراعات قد تساهم في بناء البلاد من جديد، وقد تدخّلالسلطان العثماني أحمد الأول (1603- 1617 ) لدى ولاة تونس وأمرهم بتنظيم استقبالالموريسكيين الأندلسيين والترحيب بهم ومنحهم الأراضي ووسائل المعيشة (وثيقة بهذاالصدد عرضها الدكتور التميمي مدير مركز الدراسات الموريسكية بتونس).


كان حاكم تونس آنذاك عثمان داي وكان شبه مستقل عن السلطان العثماني، ومن إجراءاته أنه أمر بعدم تحصيل رسوم على السفن التي كانت تحضر الموريسكيين إلى تونس، ومنحهم إعفاءات منالمكوس والضرائب خلال سنوات طويلة وقدم الحماية الرسمية لهم.


وتذكر المصادر أن أبوالغيث القشاش المسئول عن الأوقاف في ذلك العهد قد طلب من سكان العاصمة تونس أنيستضيفوا القادمين من إسبانيا في بيوتهم وفتح أيضا للموريسكيين الأندلسيين أبوابالمساجد، وهناك نص يتحدث عن شكوى أحد الأئمة من أن أطفال الموريسكيين يتبولون فيالمسجد مما يؤدي إلى نجاسته فأجابه أبو الغيث بأن"جدرانالمسجد لو تكلمت لنطقت بسعادتها بإيواء من هجروا وطردوا في سبيل دينهم"،
وقد ساند أبو الغيث كذلك عملية تعليم القادمين الجدد شعائر الإسلام باللغةالإسبانية إذ كانوا لايعرفون العربية.


وسمح الحاكم عثمان داي للموريسكيينالأندلسيين باختيار زعمائهم، وذلك رغبة منه في تنظيم أمور هذه الجالية.


وكان أوّلزعيم لهم هو لويس زاباتا (اسمه الإسباني ولا تذكر المصادر الاسم الذي اتخذه بعدذلك) في حين تولى بعده بسنوات قليلة مصطفى كارديناس زعامة الجاليةالأندلسية.


وسيطر الأندلسيون الذين استوطنوا تونس العاصمة على الحرف، فاحتكرواصناعة الشاشية أوالطاقية الطليطلية، فشاع تصنيعها في البلاد واتخذها التونسيينكغطاء لرؤوسهم، 
كما كان لهم مجموعة من الأشراف الذين أسسوا مدرسة هي "مدرسةالأندلسيين" واستطاعوا تكوين أحياء في قلب العاصمة مع إقطاعيات زراعية غير بعيدعنها، فاستقرت بعض العائلات في الحي المرتفع بالقرب من القصبة وقصر الحاكم،
ويعرف
إلى الآن هذا المكان بشارع الأندلسيين، وقد أقام الحرفيون بالأرباض، خاصة في الجزء الشمالي من المدينة القديمة في 

العطارين (حي العطارين
وباب سويقة (حيث شيدوامسجدا لا يزال إلى الآن) 
وحي الفخارين 
وكانت لهم بساتين بالقرب من "البيغة" (شارعترونجة الحالي) خارج العاصمة تونس، 
وفي مدينة بنزرت ذلك الميناء العسكري المهم في أقصى شمالالبلاد، أنشأ الموريسكيون ربضا غرب الأسوار، ولا يزال حتى اليوم يعرف بـ"حومةالأندلس"، 
وأيضا استوطن الموريسكيون ميناءا عسكريا ثان غير بعيد عن الأول وهو "غارالملح"، وتقع هذه القرية وسط الطريق بين تونس وبنزرت، وقد صممت لحراسة مدخل خليج تونس العاصمة، وهي محاطة بقرى
زراعية استوطن بعضها موريسكيون أيضا، 
وتجد في المناطقالريفية المحيطة بالعاصمة شكّل الموريسكيون نظما زراعية وبنوا قرى صغيرة على نمطمختلف عن نظيره المغاربي.


والقرى الأندلسية بتونس موزعة على أربع مناطقكبيرة:
1 حوض نهر مجردة والماطق المحيطة بالعاصمة، وإن كان الوجود

الأندلسي هناكيعود إلى القرن الثالث عشر ولا يقتصر فقط على الموريسكيين.
2 السهول الشماليةالموجودة على الطريق بين تونس وبنزرت
3 السهول الشمالية الموجودة بين تونسومدينة نابل
4
منطقة زغوان بجوار الجبل الذي يوفر الماء لتونس العاصمة

وكلواحدة من هذه المناطق تتمتع بخصائص معمارية وحضرية ظلّ بعضها موجودا حتى اليوم، مثل 
قرية تستور وحفلات الموشحات الأندلسية التي تقام بها كلّ صيف،
ومدينة (غرمباليا)
لاحظوا طابع الاسم الإسباني للمدينة التي شيدها مصطفى كارديناس زعيم
الموريسكيين.

أما الموريسكيون الذين استقروا بعيدا عن العاصمة، فقد فقدوا بسرعةطابعهم الأندلسي واندمجوا مع النسيج المجتمعي المحلي.


كان للموريسكيين بتونسطابع خاص، وكانوا ينحدرون أساسا من مقاطعات قشتالة وأراغون وقطالونيا، لذلك كانوا أقل تشبعا بالثقافة العربية من نظرائهم 
موريسكيي بلنسية الذي هاجر أغلبهم إلىالجزائر 
وموريسكيي أندلوسيا الذين اختاروا المغرب، 
وكان للموريسكيين بعد 120 عاما من سقوط غرناطة أسماء وألقاب إسبانية في إطار حملات تصفية ثقافتهم المستمرة طولالقرن السادس عشر، وسرعان ما غيّر هؤلاء ذلك إلى أسماء عربية بمجرد استقرارهمبالبلاد ولكن احتفظ الكثير منهم بلقبه العائلي الإسباني إلى يومنا هذا
( مورو،بلانكو، الكستيلي أي القشتالي، شورو، كاراباكا، طرويل،،،)
في حين توجد هناك عائلاتأندلسية قد تكون جاءت قبل الموريسكيين أو قد تكون غيرت اسمها الإسباني مثل 
عائلة بنعاشور 
وعائلة الإخوة، 
أيضا توجد بتونس ألقاب عائلات تحمل دلالة أندلسية واضحةكالقرطبي والشبيلي (الإشبيلي) والغرنوطي والمالقي...


أما عن استمرار أثر الثقافة الإسبانية لدى الموريسكيين الأندلسيين بعد طردهم، فقد تم السماح بتعليمشعائر الإسلام لهؤلاء باللغة الإسبانية لجهل أغلبهم بالعربية أو ضعفها لديهم.


وتوجد بتونس اليوم مخطوطات باللغة الإسبانية كتبها هؤلاء مثل مخطوطة إبراهيم الطبيلي، ولكن يبدو أن إجادة اللغة اللغة الإسبانية لم تتجاوز حدود الجيل الأول منالموريسكيين المهجّرين من إسبانيا.


ورغم ذلك كتب دبلوماسي إنقليزي في الربع الأولمن القرن الثامن عشر أنه وجد شخصين قادرين على تكلم الإسبانية بقرية تستور ( بعد حوالي مائة عام من قرار الطرد سنة 1609).
وقد تحدث المؤرخ والمستشرق الإسبانيفرانسشكو خيمينيث عن أنه في بعض القرى التونسية قرب العاصمة كان الناس يرددون أغانبها مفردات إسبانية وأن كبار السن كانوا يتحدثونها أو قادرين على فهمها بل هو نفسهخيمينيث – استعمل مرافقا ومعاونا له موريسكيا تونسيا اسمه محمد كورال (تاريخ رحلةخيمينيث إلى تونس يعود إلى منتصف القرن السابع عشر، أي أربعين عاما فقط بعد طردالموريسكيين الأندلسيين، وبالتالي كان من الطبيعي بقاء أثار من الثقافة الإسبانيةخلال هذه المدة القصيرة).


أسهم الموريسكيون في التطور العمراني الذي شهدته تونسفي القرنين السابع والثامن عشر ( قدوم 80 ألف شخص في بلد غير
كتونس يكون له أثر
معتبر)،

وقد استفادوا من النماذج العمرانية الشرقية التي شجّع عليها العثمانيون، ونجد تماثلا للدور الذي قام به الموريسكيون في سهول متيجة بالجزائر، ففي سهولالشمال حول العاصمة شكلت المناطق الزراعية التي استوطن أغلبها هؤلاء  مصدرا مهمالإمداد العاصمة تونس بالمنتوجات الزراعية والحرفية اليدوية الأولية.


وقد درس الباحث "القفصي" تزويد قرية تبوربا الموريسكية ( 40 كيلومتر غرب العاصمة ) العاصمة بالزيوتوإثراء أهلها تبعا لاحتكارهم لهذا الخط من التجارة ومنافستهم لأهل صفاقس فيالجنوبوسوسة في الوسط في هذا المجال.


ودرس نفس الباحث أيضا قنوات الري التي شقهاالموريسكيون في منطقة الباطان بضواحي العاصمة لتزويد أحياءها وبساتينها بالمياه،كما كان للمساجد التي ساهموا في بناءها أيضا طابع أندلسي خاص ( يلاحظ ذلك إلى الآنبمساجد: تستور، مجاز الباب، قرية العالية قرب بنزرت وبمدينة بنزرت).


أما عن المهن التي مارسوها فإضافة لتخصصهم في صناعة الطاقية الحمراء (كان وجودها سابقا للطربوش التركي بـ200 سنة)
وبعض المنسوجات كالحرير وأيضا تجارة وصناعة الجلود)وقد احتكرها بعدهم اليهود التونسيون – دراسة تاريخ الحرف بتونس لابن عاشور-،


كانبعضهم تجارا استغلوا معرفتهم بالبحر المتوسط ليمارسوا التجارة بين موانئه، 
كمااستفاد العثمانيون من الموريسكيين الأندلسيين في الجانب العسكري لتخطيط وإنشاء بعضالموانئ العسكرية، وفي القرصنة والجندية وصنع المدافع.


وقد تضاءل الطابعالأندلسي الموريسكي بمرور الوقت واندمجوا في النسيج المجتمعي بالبلاد، غير أنالدارسين والباحثين قد أماطوا اللثام عن هذه الآثار التي طبعت المجتمع التونسي الذيمسّه تغير كبير بوفود هذه الموجة من المضطهدين، وقد غير هؤلاء وجه الشمال التونسي العمراني والحضاري.


أتمنى أن أكون قد أنرت قراء المنتدى ولفتت انتباههم إلى جزءمهم من تاريخ الأندلس، وهو تاريخ ما بعد السقوط، وللأسف تندر الدراسات العربية الجادة في هذا المجال، فأغلب الكتاب والمؤرخين العرب ظلوا يندبون سقوط غرناطةوتوقّف التاريخ عند معظمهم آنذاك، وقد اعتمدت في هذا المقال على بحثين إسبانيين لـ"ميغيل دي إيبالثا" و" ميرسيديث" إضافة لبعض مقالات مركز الدراسات الموريسكية بتونس (التميمي- القفصي) ومعلوماتي الشخصية حول بعض مناطق الشمال التونسي، أتمنى أن يكونقد وفقني الله في تسليط الضوء على هذه القضية، وأعتذر إن كان المعنى غير واضح ببعضالفقرات فأنا لست مختصا في كتابة التاريخ وإنما بالمناقشات والحوارات، وأردت أنأقوم بصياغة المقال بنفسي بدلا من النقل وذلك لتعدد المصادر وأيضا لأتدرب على كتابةالمقال التاريخي، وهو مجال بعيد كل البعد عن تخصصي المهني (هندسة الأساليبوالهندسة الكيميائية Chemical and Process Engineering))وهو لا يمتّ كما ترونللتاريخ بصلة، أتمنى أن تشاركوني بالنقاش والتعليق على ما كتبت، وتنبهوني للأخطاء فيالصياغة أو في بنية المقال التاريخية أو اللغوية إن وجدت، أو في وجهات النظرالتاريخية الأخرى...
وجزاكم الله خيرا 


بدأت أولى موجات هجرةالأندلسيين إلى بلدان المغرب العربي في القرن الثالث عشر في أواخر عهد الموحدّين،إذ أنه وبعد انتصار النصارى متمثلين في قشتالة وأراغون إضافة إلى فرق من الفرنسيينوالجنويين والبنادقة على جيوش الموحدين في فاجعة العقاب 1212 م أصبح ظهر الأندلسمكشوفا أمام الغزو النصراني، ولم تمض سنوات قلائل حتى بدأت هجمة شرسة تقضم مدنالأندلس قطعة قطعة، فانهارت حواضر تليدة كبلنسية وقرطبة وجيان وبطليوس و مرسيةودانية وشاطبة في ظرف 20 سنة، واختتم ذلك كلّه بسقوط إشبيلية سنة 1248 بعد سنة ونصفمن الحصار، ولم يبق بيد المسلمين سوى شريط ساحلي ضيق في أقصى الجنوب والجنوب الشرقيمتمثلا في مملكة غرناطة وتوابعها المرية ومالقة ووادي أش وأندرش، في حين احتفظالمغرب بالجزيرة الخضراء وطريف ورندة، غير أن أهل المدن والثغور التي سقطت بيدالإسبان لم يستسغ أغلبهم البقاء تحت سلطة الكفار والرضى بمرتبة المدجنين، والتيتضمن حدّا أدنى من الحقوق المدنية في ظل سلطة الإسبان، فهاجر أغلبهم إلى غرناطةومدنها، في حين فضّل العديد منهم الرحيل من الأندلس والتوجه إلى الضفة الأخرى منالمتوسط، ولم تساعد الظروف التي يمرّ بها المغرب الأقصى آنذاك على إعتباره ملاذاآمنا لهؤلاء، إذ كانت دولة الموحدين في النزع الأخير، وقد بدأت القلاقل والفتن تنخرعظم الدولة وساهمت الإضطرابات في تحويل وجهة اللاجئين إلى المغرب الأوسط (الجزائروخاصة مدينتي وهران وتلمسان) وأفريقية ( تونس)، 


كان سقوط غرناطة سنة1492إيذانا بموجة جديدة من الهجرة، إذ لم يركن العديد من أهل البلاد إلى عهودومواثيق النصارى، فتركوا غرناطة
هاربين بدينهم، وتذكر المصادر مثلا خروج أبيعبدالله أخر ملوك غرناطة إلى المغرب سنة 1493 ومعه ستة آلاف شخص، مع العلم أن بعضالمؤرخين يعتقدون أن عدد سكان مملكة غرناطة في ذلك الوقت قد يصل إلى أربعة ملايينإنسان وهو رقم كبير بمقاييس ذلك
الزمان وأظن شخصيا أنهم أقل من ذلك، وكان المغرب
الأقصى في السنوات الأولى التي تلت سقوط غرناطة هو الوجهة المفضلة للمهاجرينالغرناطيين، وتوزعوا على مدن المملكة دون استثناء وكانت لهم جاليات كبيرة ( أغلبأهل تطوان في الشمال يقولون أنهم أندلسيون )، وعلى إثر نكص ملوك الإسبان لعهودهموبدء إجبارهم للمسلمين على اعتناق النصرانية تواصلت الهجرة من إسبانيا على
امتداد
القرن السادس عشر، وقد ساهمت الثورات المتلاحقة في دفع هؤلاء لمغادرة البلاد رغممنع الإسبان لهم، وكان أغلب هذه الهجرات السرية تنطلق من بلنسية لكثافة الموريسكيينبها، وتجدر الإشارة إلى أن لفظ الموريسكيين هو للدلالة على من بقي في إسبانيا
من
المسلمين، وللتفريق بينهم وبين من هاجر قبل سقوط غرناطة أو بعد ذلك بفترةوجيزة.



لقد ساهم اضطهاد محاكم التفتيش، والقمع الوحشي لثورة البيازين سنة 1501وثورات بني وزير ببلنسية 1512 وخاصة حرب البشرات بين 1568 و1570 في التشجيع علىالهجرة السرية الغير منظمة لهؤلاء، وقد كانت سواحل الجزائر الملاذ الأقرب لهم، وقدشجعهم أيضا وضع الجزائر أنذاك كمركز لمقاومة الزحف الإسباني على موانئ المغربالعربي، كما فضل العديد منهم المغرب الأقصى على تونس التي انهارت تماما خلال القرنالسادس عشر ودخل الاسبان عاصمتها عام 1534 ولم يخرجوا إلاّ بعد ثلاثين عاما على يدالعثمانيين...


هذه مقدمة لتبيان الموجات الأساسية لهجرة الأندلسيين قبل قرارالطرد سنة 1609، إذ أنه بعد هذا التاريخ قرر الاسبان التخلص من هؤلاء مهما كانوزنهم في الحياة الإجتماعية والإقتصادية، وقد توزّع الموريسكيون على دول عدة، إذفيهم من اختار اللجوء إلى دول المغرب كمن سبقوه في القرون التي مضت، لكن وصل بعضهمإلى مصر وإسطمبول، 
اما الجزائر والمغرب، وفقد كان لهما نصيبأيضا في هجرة الموريسكيين، فقد استعان بهم حكام المغرب السعديين في البحرية نظرالخبرتهم بها، ويذكر أن أكبر تجمع لهم كان برباط سلا وأيضا بتطوان كل المدن المغربيةالمهمة دون أن يستقروا أو يحاولوا الإستقرار بالأرياف والقرى ولعل أشهرهم الوزيرعبد لله دودار الغرناطي الذي أرسله أحمد المنصور إلى إنقلترا لمحاولة إقناعالانقليز بمساعدة المغرب في شن حرب على إسبانيا يسترجع خلاله المغرب الأندلس وتكونامريكا المستكشفة حديثا من نصيب الإنقليز وأيضا الكاتب والرحالة أحمد  الحجريبيخارنو والذي سأفرده بموضوع خاص به وقصته ورحلاته ومؤلفاته بالعربية والاسبانيةوأيضا عائلة "بن سودة" الموريسكية إلى الآن العريقة والتي أنجبت رجالات دولة علىعدة قرون.


أما الجزائر،فقد ساهم دور مدينة الجزائر كثغر جهادي إلى تدفقالموريسكيين عليها قبل وبعد قرار الطرد ( حي الثغريين بمدينة الجزائر) وسجل تواجدهمبسهل متيجة ومدينة البليدة وشرجيل، واستقروا أيضا بأحياء خاصة بهم بموستغانم وأرزيووتلمسان كما تذكر المصادر الإسبانية تعرّض الموريسكيين القادمين إلى ميناء وهران (الواقع تحت سيطرة الإسبان) إلى هجمات البدو الذين وجدوا أناسا بملابس أروربيةويتكلمون الإسبانية فهاجموا بعضهم وسلبوهم ( ذكر ذلك أيضا المقري التلمساني ذلك فيكتابه نفح الطيب) ومن أشهر موريسكيي الجزائر الحاج مصطفى بن عمار أحد أغنىالإقطاعيين في القرن السابع عشر وعائلة توبال على كل،...


تعبت الأن وإعذرونيإخواني سأوافيكم بالجزء الثاني غدا أو بعد غد بإذن الله، وسوف أتحدث فيه عن أحوالالموريسكيين في تونس بعد 1609، وأثارهم والوثائق التي تتحدث عنهم، سأعتمد في ذلكعلى ما نشرته مؤسسة التميمي للدراسات الموريسكية بتونس وأيضا على بحث إسباني قام به "ميكيل دي إيبالثا أحد المختصين المعاصرين في تتبع أثر الموريسكيين...


الموريسكيون: هم المسلمون الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط غرناطةسنة 1492، وأجبروا على التنصر والدخول في الكاثوليكية... وغيرت أسماءهم إلىالإسبانية وحرموا من حقوقهم وتابعتهم محاكم التفتيش دون هوادة... وكلمة الموريسكيينهي تصغير لكلمة مور والتي يطلقها الإسبان على كل المسلمين وموريسكو هو المسلمالصغير ( إمعانا في الإهانة والتحقير)، وقد ظل هؤلاء ماسكين بدينهم طيلة حوالي
115عاما ثاروا فيها عديد المرات وتعرضوا للقمع والتنكيل في واحدة من أقسى التجارب التيمرت بها البشرية...وقد كانوا ممنوعين من الخروج من اسبانيا إلى حدود 1609 حين صدرقرار بطردهم... 



والفرق بين الموريسكيين والأندلسيين أن الأندلسيين هاجروا إلىالمغرب وهم يتكلمون العربية، وكانت هجرتهم على امتداد قرون من الضعف الأندلسيوالزحف الاسباني...في حين كان الموريسكيون قد تأثروا بالثقافة الاسبانية وأضاعأغلبهم اللغة العربية ( لديهم لغة خاصة بهم اسمها الألخميادو وهي القشتالية بحروفعربية كتبوا بها تعاليم الدين وتداولوها سرا جيلا بعد جيل...) وكان لهم أسماءاسبانية ...الحديث يطول عن الموريسكيين، وإن كان من المفروض أن أفردهم ببحث تعريفيقبل أن أتحدث عن أثارهم بتونس وغيرها، لكن المراجع عنهم متوفرة وبكثرة...أرجوا أنأكون قد بلّغت المعنى ولو بإيجاز.


هذا نص مكتوب بالحروف العربية للغة الإسبانيةفي القرن السادس عشر ( لغة الألخميادو = الأعجمية)، الكاتب لم يكن يتقن جيداالعربية إلا أنه يعرف حروفها، كان وجود مثل هذا النص كافيا لإحراق صاحبه والتحفظعلى كل أملاكه ...
الموريسكيون الأندلسيون في تونس Clip_image002



المرجع:


http://www.altareekh.com/vb/showthread.php?t=43555
أ. د. جمال بن عمار الأحمر
أ. د. جمال بن عمار الأحمر
رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية

الجنس : ذكر
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2937
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4878
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق

http://www.andalus-woap.org

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى