أهل الذمة في الأندلس خلال الحكم الأموي "عصري الإمارة والخلافة" (138ه-421ه/ 756-1030م)

الاثنين, 12 أبريل 2010
أهل الذمة في الأندلس خلال الحكم الأموي "عصري الإمارة والخلافة" (138ه-421ه/ 756-1030م)/ عبد المطلب مصطفى رجب مظهر، إشراف: صالح محمد فياض، تاريخ إسلامي وحضارة إسلامية، جامعة اليرموك، أربد الأردن، ماجستير 1999.
ملخص الدراسة: شغل أهل الذمة مكانة هامة في التاريخ الإسلامي، حيث ارتبط وجودهم بقيام الدولة الإسلامية، وتطوروا بتطورها، حتى كان لهم مساهماتهم الخاصة في بناء الحضارة الإسلامية العريقة، واعتبروا جزءا لا يتجزأ من كيان المجتمع الإسلامي، فكان لا بد من التوقف عند هذه الفئة الاجتماعية، وإثارة العديد من التساؤلات حول ماهيتها، ونظرة الشريعة الإسلامية إلى هذه الطوائف الدينية، وكيف مارس أولئك الذميون أنشطتهم الاجتماعية والدينية في ظل الحكم الإسلامي؟ وأسئلة أخرى كانت مثار نقاش دائم بيني وبين أستاذي الدكتور صالح أبو دياك الذي شجعني مشكورا لسبر أغوار هذا الموضوع.
ولقد تم اختيار المجتمع الأندلسي في أزهى عصوره، خلال حكم الأمويين في قرطبة (138ه-421ه/ 756-1030م) لدراسة أحوال الذميين هنالك، ومن ثم الإجابة على هذه الأسئلة المثارة.
وتكونت هذه الرسالة من ستة فصول وخاتمة، اختص الفصل الأول بالتعريف بأهل الذمة لغة واصطلاحا، ومن ثم موقف الشريعة الإسلامية السمحة من أهل الذمة كطوائف عقائدية في المجتمع المسلم، ثم تحدثت عن سكان إسبانيا حتى عصر إمارة بني أمية (138ه/765م).
وتناول الفصل الثاني الدولة وأهل الذمة، الذي تطرقت فيه إلى موقف السلطة الحاكمة مع كل من رجال الدين والأماكن المقدسة، وتطرقت في الحديث إلى التنظيم الداخلي لكل من النصارى واليهود، والوظائف الرسمية التي شغلوها في بلاط الدولة الإسلامية آنذاك، وأشرت إلى القضاء عند أهل الذمة في الأندلس وأحباسهم.
وفي الفصل الثالث تحدثت عن الحياة الاجتماعية لأهل الذمة في الأندلس، مبرزا العلاقات الاجتماعية بين الذميين والمسلمين وما تخللها من صداقة وزواج مختلط، مع بيان مدى تأثر هذه العلاقات على كلا الجانبين، وفيما يخص الحياة الدينية عند أهل الذمة فقد ركزت على شعائرهم الدينية وعلى أعيادهم ومزاراتهم، وفي نهاية الفصل تحدثت عن حركة اجتماعية دينية اجتاحت العاصمة الأندلسية (قرطبة) في الفترة ما بين (236ه-238ه/850م-852م) كادت أن تودي بحكم المسلمين هناك إلا أنها أخمدت، وعرفت هذه الحركة بفتنة المستعربين (حركة المنتحرين).
وتطرقت في الفصل الرابع إلى الحديث عن النشاط الاقتصادي لأهل الذمة في الأندلس، بمرافقه الثلاث الزراعي، الصناعي، التجاري، للذميين في المجتمع الأندلسي، والالتزامات المالية المفروضة عليهم.
وبينت في الفصل الخامس أوجه الحياة الثقافية والفكرية عند أهل الذمة في الأندلس، تحدثت فيه عن عوامل تطور الحياة الثقافية والفكرية في البلاد، ومن ثم مظاهر هذه الحياة عن أهل الذمة وتحدثت عن ثقافة المستعربين وأشرت إلى ازدواجية اللغة في المجتمع الأندلسي، وإلى الترجمة والتعلم والتعليم عند الذميين في الأندلس، وفي نهاية الفصل تحدثت عن أشهر علماء أهل الذمة وأطبائها.
ونوهت في الفصل السادس عن العلاقات الخارجية لدولة بني أمية في الأندلس مع الدول والممالك النصرانية المجاورة لها، وأثر هذه العلاقات الخارجية على واقع أهل الذمة في المجتمع وخرجت من هذه الدراسة بنتائج عديدة، لعل أهمها:
- أهل الذمة هم المعاهدون من أهل الكتاب من النصارى واليهود، ويلحق بهم السامرة والمجوس، وغير هؤلاء مشركون لا يجوز لهم عقد ذمة ولا عهد.
- يتم عقد الذمة بإيجاب وقبول ما بين إمام المسلمين -أو من ينوب عنه- وبين الذمي، وإذا ما صح العقد للذمي وجبت له حقوق مدنية، وترتبت عليه واجبات.
- حرص المشرع الإسلامي على الرفق بأهل الذمة، ومعاملتهم المعاملة الحسنة، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم، وذلك باتفاق العلماء والفقهاء.
- استقبال السكان الإسبان جيوش الفتح الإسلامي بالتأييد والمآزرة لتلخيصهم من ظلم وجور القوطيين.
- عامل المسلمون أهل الذمة في الأندلس معاملة حسنة، قائمة على العدل ولمساواة والتسامح الديني، فضمنوا لهم تنظيمهم الديني والإداري وأماكنهم المقدسة، ولم يتعرضوا لها بالهدم أو التخريب.
- لعب العديد من النصارى واليهود دورا هاما في النشاط الدبلوماسي بين العاصمة المركزية قرطبة، والممالك الأخرى من خلال غرسالهم في سفارات رسمية وغير رسمية، أو عمل كمترجمين لسفراء تلك الدول إلى البلاط الحاكم في الأندلس.
واعتمدت هذه الدراسة أيضا على جملة من كتب المستشرقين الذين اهتموا بدراسة أخبار الذميين في الأندلس، كان أبرزها كتاب المستشرق الإسباني فرانسيسكو خافير سايمنت تاريخ المستعربين في إسبانيا (historia de los mozarabe de espana)، نشر هذا الكتاب في مدريد عام 1897م، وهو من أهم الكتب الحديثة التي تحدثت عن المستعربين في الأندلس رغم احتوائه على أغاليط تعرض بحكم المسلمين في إيبيريا، وكتاب ليفي بروفنسال باللغة الفرنسية بعنوان تاريخ أسابنية الإسلامية (histore de l'espagne musulmane) وهو مؤلف هام من ثلاثة أجزاء، ولقد أفاد البحث في التعرف على أحوال أهل الذمة في الأندلس، حيث أفرد المؤلف العديد من صحافته في الحديث عنهم.
كما استفاد الباحث من مراجع تناولت التاريخ العام الأندلسي منها كتاب فجر الأندلس لمؤلفه حسين مؤنس وكتابي عبد الرحمن علي حاجي التاريخ الأندلسي وأندلسيات (المجموعة الأولى والثانية) وكتاب دولة الإسلام في الأندلس لمحمد عبد الله عنان الذي يعد من أهم المراجع الحديثة في التاريخ الأندلسي العام، كما أفاد البحث من كتاب الوجيز في تاريخ المغرب والأندلس للدكتور صالح محمد فياض أبو ذياك.
ومن كتب الأدب اعتمد الباحث على كتاب تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة) لمؤلفه الدكتور إحسان عباس، وكتاب الأدب الأندلسي للدكتور أحمد هيكل.
وأسأل الله أن أكون قد رفقت في دراسة هذا الموضوع وأن يتقبله خالصا لوجهه الكريم.

http://www.veecos.net/portal/index.php?option=com_content&view=article&id=3019:-q-q-138-421-756-1030&catid=43:-masters&Itemid=180