معركة الزلاقة(اعظم معارك المسلمين في الأندلس)(12رجب479ه/23اكتوبر1086م)

شهد القرن الرابع الهجري ، العاشر الميلادي، قمة التقدم الحضاري و السياسي في بلاد الأندلس و أضحت قرطبة(عروس الغرب) ووصل التقدم الى أوجه في حكم المنصور ابن ابي عامر،فلما مات المنصور ثم من بعده ولده عبد الملك ثم ءالت الخلافة الى عبد الرحمان ابن المنصور فثار القرطبيون عليه و بدأت سلسلة الأحداث الدامية أدت الى تمزق الدولة و قامت في جوانبها ممالك وسلطنات لا حول لها ولا قوة بل قاتل بعضها بعضا حتى انهكت القوى و اضمحلت الأندلس ذلك ما يعرف بعصر ملوك الطوائف الامر الذي ادى الى ضعف المسلمين. و على الجانب الآخر تولى ألفونسو السادس عرش قشتالة و ليون فاستغل الوضع فبدأ يضرب الممالك ببعضها و يفرض عليها الأتاوات و الغرامات حتى يستنفذ طاقتها.
قام ألفونسو بالإغارة على العديد من المدن الإسلامية و غزاها و كان من ابرزها مدينة طليطلة حاضرة بنو ذو النون و عاصمة الدولة الموية سابقا لأزيد من 350عام فحاصرها حتى استسلمت .
اتجه ألفونسو بعد ذلك إلى مملكة بني هود و ضرب حصارا على مدينتهم سرقسطة و استولى عليها الأمر الذي أرعب الأندلسيين خصوصا بنو العباد إذ كان بنو هود من حلفاء ألفونسو و قد غدر بهم.
غالى ألفونسو في طلب الجزية من المعتمد ابن عباد و بالغ في إذلاله حتى وصل الأمر بالمعتمد ان قتل رسل ألفونسو و صلبهم مما أدى بألفونسو لأن يحاصر إشبيلية 3 ايام لتهديد المعتمد ابن عباد،و قد كتب ألفونسو للمعتمد كتابا جاء فيه"كثر بطول مقامي في مجلسي الذباب و اشتد الحر فأتحفني من قصرك بمروحة أروح بها عن نفسي و أطرد بها الذباب عن وجهي" فرد عليه المعتمد"قرأت كتابك و أدركت خيلاءك و إعجابك فسأنظر لك في مراوح من الجلود اللمطية تريح منك ولا تروح عليك إن شاء الله"(يقصد أنه سيستعين بقوات خارجية).
قام علماء الأندلس و منهم ابو الوليد الباجي بحث المعتمد و كان اقوى ملوك الطوائف بطلب المساعدة من المرابطين، فراسل ابن عباد ملوك الطوائف ووجهائها من غرناطة و قرطبة و بطليوس و اتفقوا على لب المساعدة من الدولة المرابطية و كان يوسف ابن تاشفين زعيمهم. و يذكر ان ابن المعتمد عاتب اباه على طلب المساعدة من المرابطين فقال المعتمد قولته المشهورة "اي بني والله لا يسمع عني أبدا أني أعدت الأندلس دار كفر و لا تركتها للنصارى فتقوم علي اللعنة على منابر الإسلام مثلما قامت على غيري، تالله إنني لأوثر أن أرعى الجمال لسلطان مراكش على أن أغدو تابعا لملك النصارى و أن أؤدي له الجزية و إن رعي الجمال في صحراء إفريقية خير من رعي الخنازير في بادية قشتالة".
وافق اب تاشفين على مساعدة الأندلسيين شريطة اعطائه الجزيرة لخضراء لتكون له مركزا في الأندلس و نقطة رجوع و ترتيب لأوراقه في حالة انهزامه في حربه ضد الصليبيين او في حال غدر أحد القادة المحليين.
ترك ابن تاشفين 5 ءالاف جندي له في الجزيرة الخضراء و انطلق هو ب12 ألف مقاتل شمالا نحو إشبيلية.
لما علم ألفونسو بمقدم جيش المسلمين ترك حصار سرقسطة و توجه الى طليطلة ليعد العدة لقتال المسلمين فطلب المساعدة من فرنسا و إيطاليا فاجتمع عنده على رأي بعض المؤرخين قرابة 100ألف جندي عسكروا على بعد 3أميال من جيش المسلمين على الضفة الأخرى من نهر جريرو.
بعث ألفونسو كتابا الى جيش المسلمين يقول فيه إن غدا هو يوم الجمعة و هو لكم عيد و السبت عيد اليهود و هم حلفائنا و خدامنا و يوم الأحد عيدنا فلتكن المعركة يوم الإثنين. وإنما اراد بذلك خداهم ،فتفطن لذلك ابن عباد و تجهز ليوم الجمعة.(12رجب479ه/23اكتوبر1086م).
قام ألفونسو بهجوم خاطف و مفاجئ على قوات المسلمين مما أربكها وكان يخترق صفوفها و قاوم المسلمون خاصة ابن عباد مقاومة عنيفة وقد اصيب بجراحات، فأرسل ابن تاشفين جنوده على دفعات الى ارض المعركة ،ثم عمد الى معسكر النصارى فاخترقه و قضى على حراسه و اشعل النار فيه مما أدى غلى تفرق جيش ألفونسو بين مدافع عن المعسكر و محارب للقوات الإسلامية، و حوصر ألفونسو و بقية جنوده و قد أصابه أحد جنود المسلمين بخنجر في فخذه فلم ينجو إلا بشق الأنفس مع 100 من فرسانه.
و هكذا نصر الله جيش المسلمين نصرا عزيزا و سحقت جيوش الصليبيين و سار الخبر في أنحاء اوروبا فأصيبت بالرعب.
رجع ابن تاشفين الى بلاد المغرب بعد انتهاء القتال، فقد هزم الصليبين هزيمة ساحقة أوقفت زحفهم أخرت سيطرتهم على الأندلس مدة تزيد عن قرنين و نصف.