عودة الروح إلى مسلمي إيبيريا، محمد قبرطاي

عودة الروح إلى مسلمي إيبيريا
محمد قبرطاي
04/08/2009 01:35:28 م

انتشر التفرنج منذ عقود في جميع البلدان العربية وبلغ الذروة عندما أخذت بنات سودانيات يرتدين ملابس فاضحة. مع أن خبرتي الشخصية تؤكد أن الملابس الفضفاضة المألوفة في البلدان ذوات الطقس الحار جدا كالسودان أفضل بكثير من الملابس الأوروبية الضيقة التي تحبس الحرارة. وهذا يعني أنه ليس كل إفرنجي يستحق لقب "برنجي" أي درجة أولى.
وفي غضون ذلك يأتي نبأ سار من إسبانيا حيث تزايد عدد الذين يعتنقون الإسلام "أو يعودون إليه بعد أن أرغمت الكنيسة الكاثوليكية أجدادهم على نبذه" فبلغ عدد المسلمين الجدد في إسبانيا حسب الإحصاءات الأخيرة أكثر من مئة ألف شخص. وإذا أضيفوا إلى الأرقام الأخرى المتوفرة يصبح عدد المسلمين في شبه جزيرة إيبيريا، أي إسبانيا والبرتغال، حوالي مليوني نسمة، وهذا خير وبركة.
العرب وإخوانهم البربر المسلمون فتحوا الأندلس "أي الجزء الجنوبي من إسبانيا" بقيادة طارق بن زياد سنة 711 م "أي قبل أن تكتمل مئة سنة على ظهور الإسلام". وهذا توسع سريع لم يسبق له مثيل وكان مقابله توسع الدولة العثمانية في البلقان وأسلمة البوشناق والألبان.
وعمَّر المسلمون تلك البلاد وأقاموا فيها 781 سنة. ومن جراء نشوب الاختلافات بين ملوكهم تغلب عليهم القوط والفندال الذين توحدوا، بينما تفرق المسلمون شيعاً وطوائف.
عند سقوط العهد الإسلامي في الأندلس فرض الأسبان على المسلمين "مثلما فرضوا على اليهود من قبل" أن يختاروا بين ثلاثة حلول مرَّة؛ إما أن يعتنقوا النصرانية، وإما أن يحرقوا بالنار بعد التعذيب الشديد، وإما أن يغادروا إسبانيا.
فاختار عدد كبير منهم الهجرة للمحافظة على دينهم؛ فكانت السفن الإسبانية تنقلهم إلى عرض البحر ثم يلقيهم البحارة الأسبان في خضم اليَّم بعد سلب ما كانوا يحملونه مما خف وزنه وغلا ثمنه.
وبالرغم من ذلك وصل بعض الأندلسيين إلى المغرب وانضموا إلى إخوانهم الأصائل تحت راية "الحمد الله على السلامة" والنجاة من زبانية الشيطان أمثال القس اللعين توركومادا مؤسس المحاكم المسماة محاكم التفتيش، والتي كانت في الواقع محاكم التجريم والتعذيب ثم الحرق بأكوام من الحطب.
بعد أن راجت الأنباء عن مآسي إغراق المهاجرين عم التردد بين الباقين، ولكن لم يبق أمامهم سوى خيارين: إما أن يواجهوا محاكم التفتيش التي كان يديرها القساوسة القساة غلاظ الأكباد، فيتعرضون لأحكام مدبَّرة سلفاً وهي الإحراق بالنيران، وإما أن يدخلوا في دين عبادة الصليب.
قلما توجد لدى عامة الناس شجاعة كالتي أبدتها الفدائية الفرنسية جان دارك أمام المحكمة الانجليزية التي حكمت عليها بالإحراق. لذا كان محتوماً أن يرضخ "المغلوبون" كرهاً وعنوةً لصلبان القوط ويؤدوا الصلوات الصليبية في كنائس الأسبان كلما دقت الأجراس.
ظل التعصب النصراني مستمراً منذ انتصار الأسبان حتى مجيء عصر الانفتاح فأتيح للمرتدين المسلمين أن يعودوا إلى دين أجدادهم دون أن يحرقوا بالنار.
وهكذا فقد بابا الفاتيكان مئة ألف على الأقل من رعيته وسيفقد المزيد.
في هذه السنة احتفل مجلس اللوردات البريطاني بمرور مائتي سنة على نشر كتاب "نشوء الخليقة وبقاء الأصلح" الذي ألفه العالم البيولوجي البريطاني تشارلز داروين.
هذا الكتاب "الذي ترجمه إلى العربية قبل أكثر من نصف قرن العلامة المصري سلامة موسى" كان نقطة التحول في العالم المسيحي الذي أخذ يتقبل فكرة داروين عن النشوء التدريجي ويرفض الرأي اللاهوتي بهذا الشأن بالرغم من العقوبات القاسية التي فرضتها الكنائس عبر المحيطات، ومن جملتها منع تدريس نظريات داروين في المدارس التابعة للكنائس والسعي لمنع تدريسها في أية مدارس أخرى.
بالرغم من ذلك ارتدت عن المسيحية أعداد هائلة من المسيحيين في أوروبا والقارة الأمريكية وظهرت مؤلفات خطيرة ككتاب "الإنجيل كما رواه عيسى" الذي ألفه البرتغالي خوزيه ساموراغو الفائز بجائزة نوبل للأدب سنة 1992 وكُتُب كارل ماركس ولينين وآخرين ممن اعتبروا الدين الذي يعرفونه وهو الدين المسيحي بأنه أفيون الشعوب.
في الآونة الحالية ظهرت بادرة مرعبة للفاتيكان، فقد أخذ بعض الناس يعرضون التوراة والإنجيل في أماكن عامة ويدعون من يدخلها إلى شطب أي شيء فيهما لا يتقبله المنطق؛ فالتهم التشطيب ثلاثة أرباع السفرين.
عندما بلغ هذا النبأ إلى قداسة البابا الذي يكره الإسلام قال: إنني أتحدى هؤلاء الزنادقة أن يشطبوا حرفاً واحداً من القرآن. ويقصد البابا بذلك أن يحرض المرتدين عن المسيحية على محاربة الإسلام بدلاً من محاربة الصليب. لكننا لا نظن أن أحداً سيجرؤ على تلبية نداء البابا لأن نظرة المسلمين لقرآنهم الكريم أمتن بكثير من نظرة الآخرين لأسفارهم.
http://www.alarabonline.org/index.asp?fname=\2009\08\08-04\822.htm&dismode=x&ts=04/08/2009 01:35:28 م

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31