البرواز والكومندا - قصة قصيرة من واقع الستينيات - لصلاح ابوشنب
2 مشترك
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: منتديات الأندلسيين المعاصرين-CONTEMPORARY ANDALUSIANS’ FORUMS - FOROS ANDALUCES CONTEMPORÁNEOS - FORUMS DES ANDALOUS CONTEMPORAINS :: منتدى الدبلوماسي المترجم: صلاح أبو شنب Dp. Tr. Salaah Abu Shanab
صفحة 1 من اصل 1
البرواز والكومندا - قصة قصيرة من واقع الستينيات - لصلاح ابوشنب
البرواز والكومندا
وسط بهو واسع كان يرتفع برواز كبير تجاوزَ الثلاث أمتار ، عُلـّق بأعلى الحائط المواجه للعنابر الخمسة التى كان يشغلها عاملون فقراء ، ألجأهم العوز إلى العمل فى هذا المكان الرطب الممتلىء بالغبار الأصفر القاتل الذى ينهش الرئتين ...
ترتعُ سمومُه ببطىء فى صدورهِم .. ترعَى فى أجسامهم وهم صامتون .. صابرون .. ومن المصير المجهول خائفون.
كان البرواز مصنوع من خشب الأبنوس المطلى بماء الذهب ، فى داخله لوحة زيتية تصور الخواجه "كارابيجو" واقفاً على قدميه بقبعته السوداء وعصاته العاجية ، فى فمه سيجار غليظ ماركة توسكانللى ، توليفة من التبغ الهافانى الفاخر ذو الأوراق الذهبية الناعمة ، وارد من مزارع كوبا.
يقف مقتضب الجبين يملئه غرور، مُحَدِّقُ العينين يتوسط وجهه أنفٌ طويل معكوف ، يشد قامته شداً لاخفاء قصرها...
ولم لا يتغتر وقد ا حتكرُ نوعاً فريداً من التبغ ، يُصدِّره الى أنحاء أوروبا .. أثريائها ومشاهيرها ، ويجنى أرباحاً طائلة ...
كانت اللوحة تستهوى منصور الذى كان حديث العهد بهذا المكان لما تحمله من قيمة فنية وإطار ذهبى هائل جيد الصنع ومزخرف بمهارة لكنه كان شديدُ الحنقِ على القابع فيه.
كلما مر بجانبه تأمله وتذكرالسؤال الحائر بداخل نفسه:
- ألم يعلن الزعيم أن البلاد لأهلها ..ألم يُؤكد ذلك الكتيب الصغير الذى فرضت علينا دراسته؟
المعلم جابر رجل عريض المنكبين قوى البُنية ، أكرش ، دائم عبوس الوجه ، كان العمال يدعونه " هيمو" اختصاراً لاسم هامان...
جاء من إحدى قرى الريف المتاخمة للثغر ، بعدما عانى من الإكتراء فى حقول الغرباء إلى أن إحترق جلدهُ واسودت بشرته.
وجد فرصته فى مصنع "كارابيجو" لقاء عشرة قروش فى اليوم...
إستحسن قسوة قلبه ، وبنيته القوية وغبائه وجهله...
سلمه أدوات عمله .. بالطو من التيل الأصفر السميك وخيـزُرَانة ، ورفع راتبـه قرشين ، قرشٌ لقـاء القسوة والغباء الذى تميز به ، والآخر لقاء الطاعة والاخلاص فى استخدام الخَيزُرَانة ...
لم يفلت من خَيْزُرََانتِه كبيرٌ أو صغيرٌ ، ولا صحيحٌ أوعليلٌ
كان من بين العمال فتى طويل القامة أسود الوجه ، أفطس الأنف ضخم الشفتين بليد الفهم ، أُعْجِبَ به هيمو فصنع منه مساعداً ...
أطلق عليه العمال "إبرة"...
لا يتوانى فى تطويق أى فرد يشير إليه أصبعه، يُصدِّر مؤخرته الى خيزرانة الكوماندا الذى يُشبِعُه ضرباً.
كان إبرة هو أداة التسجيل السمعى والبصرى وناقل الاخبار المفبرك معظمها ...
يسكن "كارابيجو" فيلا تعلو المبنى تسمع أذناه لكل دقة تحدث من تحته...
تقرير يومى يمده به مدير حائز بالكاد على شهاده الثقافة يحوى كل صغيرة وكبيرة نقلها اليه هيمو عن طريق إبرة...
"كارابيجو" لا يعرف العربية رغم أنه جاء طفلاً...!!
طونى محاسب تولى مهمة الترجمة الفورية من العربية إلى الفرنسية يقوم بفك طلاسم التقرير...
توزيع الكــؤوس على الحاضرين علامــة دالـة على رضا الخواجة...
إظهار القوة وإحكام القبضة هما المضمون، أما الهدف فهوإنتاج كبير بأجرٍ قليل).
يَخْرُجُ من الباب الفاصل بين الفيلا والمصنع يترنح بعد أن لعبت برأسه الخمرُ .. يحاول إخفاءَ نفسِه فيفشل بجدارة.
يتلقاه هيمو بسرعة خشية أن يسقط مُتدحرجا فوق درجات السُّلم ...
يتأبط ذراعَه ويُنزله برفق درجة تلو الأخرى ، حتى يُدخله غرفة مكتبه...
يُجَهِّز النارجيلة ، يُنظف مَبْسَمْهَا جيدا بطرف البالطو ويَغُزُّهُ بين شفتيه المُتهَدِّلتين...
تخرجُ سُحبُ الدخانِ من بين شفتيهِ حاملةً لرائحةِ الخمرِ المختلطة برائحةِ أنفاسِ المعسلِ فتصنعان خليطاً مُنتناً وكأنه خارج من فم تنين...
مصيبةٌ كُبرى تحدثُ إن تجاسَرَ أحدٌ من العاملين وطالب برفع أجره الزهيد قرشاً واحداً دون أن يتلقى صفعةً مُباغِتَةً على وجهه من قِبَلْ هيمو تلحقه قبل أن يُكمِلَ كلمته...
الاعتراض على الصفع ولو بالإشارة جريمة تُعَرِّض صاحبها لعقوبة الضرب بالخيزرانة بلا هوادة ...
لا نقابات لا تأمينات لا ضمانات اجتماعية ولا احتجاجات...
الخواجة هو القاضى والجلاد ومصدر الرعب والإفساد...
غَضِبَ المدير ذات مرة من كثرة تردد العمال على صنبور المياه لغسل أيديهم مما أصابها من إتساخ بسبب تقليبهم للمواد التى يعملون فيها ...!!
تفتق ذهنه عن فكرة للحيلولة دون ذلك ...
أمر "هيمو" بإحضار برميل مملوء بالماء ، وضعه داخل العنبر ، وأجبر العمال على غسل أيديهم فيه ...
كان هذا التصرف سبباً مباشراً فى أصابة العديد منهم بأمراض جلدية مُعدية ، لم تتوقف هذه المهزلة رغم إعتراض الجميع وتكرار شكواهم إلى الطبيب الذى كان بالكاد يأتى مرة أو مرتين كل أسبوع إلا بعد أن إنتقل المرضُ إليه واستشرى فى جلده ...!!
فى صالة الاستقبال بفيلا "كارابيجو" قفصٌ ذهبىُ اللونِ جميل الشكل يسكنه ببغاءٌ أمازونى كبير الحجم ، بديع المنظر ، ذو ألوان جذابة تتدرج من الأحمر الفاقع والأزرق التركوازى والأصفر البراق، يُرَمِّقُ الداخل والخارج ، ويتفحصُ الوجوهَ ويتحدثُ الفرنسية والايطالية واليونانية التى تعلمها من زوجة الخواجة...!!
كلما خرج "كارابيجو" فى الصباح ألقى عليه التحية بالإيطالية قائلا:
- بنجورنو ( أى صباحُ الخير )...
يرد الببغاء قائلا :
- بنجورنوسينيورى ، ( أى صباحك خيرٌ يا سيدى) .
لكن عثمان الطبَّاخ كلما مر عليه ولا سيما فى غياب الخواجة بصق عليه وقال له :
- جاتك داهية أنت والخواجة بتاعك يازفت؟
يرد الببغاء :
- بنجورنو سينيورى ....
عثمان :
- انتى حمار...
الببغاء :
- كومو استاى سينيورى .. أى " كيف حالك سيدى"...؟
يجيبه بخيت السفرجى:
- طُظ فيك يا " مأفن "
فى ظهيرة يوم من أيام صيف عام 1961 ، كان منصور يقف كعادته أمام برواز الخواجة غارقاً فى تأملاتهِ يقول له فى سره:
- متى سيأتى اليوم الذى ستغرب فيه عنا وتتوقف عن استنزاف أقواتِنا.؟
لم يكد ينتهى من حواره حتى تناهى إلى سمعه ضوضاء وجلبةٌ وأصواتٌ هتافاتِ آتية من الشارع ...
أسرع إلى أقرب نافذة فى البدروم الخانق ، فإذا به يلتقط صوت الراديو القادم عبر إحدى شرفات مسكن مجاور . كان الزعيم جمال عبد الناصر يُعلن عبر المذياع قرار التأميم التاريخى.
صاح منصور:
- عاش جمال عبد الناصر .. عاش جمال عبد الناصر .
لم يمضى سوى القليل حتى كان الخبر قد انتشر فى ربوع المكان ...
ترك العمالُ أماكنهم .. خرجوا إلى الممر يهتفون:
- عاش جمال عبد الناصر ...
نهض كيمو وهيمو لإيقافهم ومنعهم من الهتاف ، إنقسم العمال الى فريقين ، فريق تكفل بكيمو وهيمو وفريق سارع كالسيل العارم الى البرواز...
مزقوه ، داسوه بالاقدام .. ألقوا ببقاياه فوق رأسيهما بعد أن أوسعوهما ضرباً وركلاً...
استطاعا بعد عناء وبمساعدة البعض الصعود للاختباء داخل فيلا الخواجة...
أما " إبرة " فقد وقع فى قبضتهم كالفأر...
أوثقوه فى عامود ، سكبوا فوق رأسه صفيحة من العسل الفاسد وتركوه فريسة للذباب الجائع...
ما أن بلغ "كارابيجو" النبأ حتى ألغى رحلته وعاد من المطار يهرول ، فوجىء بمندوبوا الحكومه برئاسة العضو المنتدب فى استقباله ، نظر إلى الببغاء وقال :
- فينيتو توتو (أى قد انتهى كل شىء)...
رد عليه الببغاء :
- روح جاتك داهية مستعجلة فيك وفى الخواجة بتاعك ...
لم يخفى دهشته وقال :
- هو أنت خلاص بقيت مصرى زيهم؟
أجاب الببغاء :
- طُظ فيك يا " مأفن "....
=====
وسط بهو واسع كان يرتفع برواز كبير تجاوزَ الثلاث أمتار ، عُلـّق بأعلى الحائط المواجه للعنابر الخمسة التى كان يشغلها عاملون فقراء ، ألجأهم العوز إلى العمل فى هذا المكان الرطب الممتلىء بالغبار الأصفر القاتل الذى ينهش الرئتين ...
ترتعُ سمومُه ببطىء فى صدورهِم .. ترعَى فى أجسامهم وهم صامتون .. صابرون .. ومن المصير المجهول خائفون.
كان البرواز مصنوع من خشب الأبنوس المطلى بماء الذهب ، فى داخله لوحة زيتية تصور الخواجه "كارابيجو" واقفاً على قدميه بقبعته السوداء وعصاته العاجية ، فى فمه سيجار غليظ ماركة توسكانللى ، توليفة من التبغ الهافانى الفاخر ذو الأوراق الذهبية الناعمة ، وارد من مزارع كوبا.
يقف مقتضب الجبين يملئه غرور، مُحَدِّقُ العينين يتوسط وجهه أنفٌ طويل معكوف ، يشد قامته شداً لاخفاء قصرها...
ولم لا يتغتر وقد ا حتكرُ نوعاً فريداً من التبغ ، يُصدِّره الى أنحاء أوروبا .. أثريائها ومشاهيرها ، ويجنى أرباحاً طائلة ...
كانت اللوحة تستهوى منصور الذى كان حديث العهد بهذا المكان لما تحمله من قيمة فنية وإطار ذهبى هائل جيد الصنع ومزخرف بمهارة لكنه كان شديدُ الحنقِ على القابع فيه.
كلما مر بجانبه تأمله وتذكرالسؤال الحائر بداخل نفسه:
- ألم يعلن الزعيم أن البلاد لأهلها ..ألم يُؤكد ذلك الكتيب الصغير الذى فرضت علينا دراسته؟
المعلم جابر رجل عريض المنكبين قوى البُنية ، أكرش ، دائم عبوس الوجه ، كان العمال يدعونه " هيمو" اختصاراً لاسم هامان...
جاء من إحدى قرى الريف المتاخمة للثغر ، بعدما عانى من الإكتراء فى حقول الغرباء إلى أن إحترق جلدهُ واسودت بشرته.
وجد فرصته فى مصنع "كارابيجو" لقاء عشرة قروش فى اليوم...
إستحسن قسوة قلبه ، وبنيته القوية وغبائه وجهله...
سلمه أدوات عمله .. بالطو من التيل الأصفر السميك وخيـزُرَانة ، ورفع راتبـه قرشين ، قرشٌ لقـاء القسوة والغباء الذى تميز به ، والآخر لقاء الطاعة والاخلاص فى استخدام الخَيزُرَانة ...
لم يفلت من خَيْزُرََانتِه كبيرٌ أو صغيرٌ ، ولا صحيحٌ أوعليلٌ
كان من بين العمال فتى طويل القامة أسود الوجه ، أفطس الأنف ضخم الشفتين بليد الفهم ، أُعْجِبَ به هيمو فصنع منه مساعداً ...
أطلق عليه العمال "إبرة"...
لا يتوانى فى تطويق أى فرد يشير إليه أصبعه، يُصدِّر مؤخرته الى خيزرانة الكوماندا الذى يُشبِعُه ضرباً.
كان إبرة هو أداة التسجيل السمعى والبصرى وناقل الاخبار المفبرك معظمها ...
يسكن "كارابيجو" فيلا تعلو المبنى تسمع أذناه لكل دقة تحدث من تحته...
تقرير يومى يمده به مدير حائز بالكاد على شهاده الثقافة يحوى كل صغيرة وكبيرة نقلها اليه هيمو عن طريق إبرة...
"كارابيجو" لا يعرف العربية رغم أنه جاء طفلاً...!!
طونى محاسب تولى مهمة الترجمة الفورية من العربية إلى الفرنسية يقوم بفك طلاسم التقرير...
توزيع الكــؤوس على الحاضرين علامــة دالـة على رضا الخواجة...
إظهار القوة وإحكام القبضة هما المضمون، أما الهدف فهوإنتاج كبير بأجرٍ قليل).
يَخْرُجُ من الباب الفاصل بين الفيلا والمصنع يترنح بعد أن لعبت برأسه الخمرُ .. يحاول إخفاءَ نفسِه فيفشل بجدارة.
يتلقاه هيمو بسرعة خشية أن يسقط مُتدحرجا فوق درجات السُّلم ...
يتأبط ذراعَه ويُنزله برفق درجة تلو الأخرى ، حتى يُدخله غرفة مكتبه...
يُجَهِّز النارجيلة ، يُنظف مَبْسَمْهَا جيدا بطرف البالطو ويَغُزُّهُ بين شفتيه المُتهَدِّلتين...
تخرجُ سُحبُ الدخانِ من بين شفتيهِ حاملةً لرائحةِ الخمرِ المختلطة برائحةِ أنفاسِ المعسلِ فتصنعان خليطاً مُنتناً وكأنه خارج من فم تنين...
مصيبةٌ كُبرى تحدثُ إن تجاسَرَ أحدٌ من العاملين وطالب برفع أجره الزهيد قرشاً واحداً دون أن يتلقى صفعةً مُباغِتَةً على وجهه من قِبَلْ هيمو تلحقه قبل أن يُكمِلَ كلمته...
الاعتراض على الصفع ولو بالإشارة جريمة تُعَرِّض صاحبها لعقوبة الضرب بالخيزرانة بلا هوادة ...
لا نقابات لا تأمينات لا ضمانات اجتماعية ولا احتجاجات...
الخواجة هو القاضى والجلاد ومصدر الرعب والإفساد...
غَضِبَ المدير ذات مرة من كثرة تردد العمال على صنبور المياه لغسل أيديهم مما أصابها من إتساخ بسبب تقليبهم للمواد التى يعملون فيها ...!!
تفتق ذهنه عن فكرة للحيلولة دون ذلك ...
أمر "هيمو" بإحضار برميل مملوء بالماء ، وضعه داخل العنبر ، وأجبر العمال على غسل أيديهم فيه ...
كان هذا التصرف سبباً مباشراً فى أصابة العديد منهم بأمراض جلدية مُعدية ، لم تتوقف هذه المهزلة رغم إعتراض الجميع وتكرار شكواهم إلى الطبيب الذى كان بالكاد يأتى مرة أو مرتين كل أسبوع إلا بعد أن إنتقل المرضُ إليه واستشرى فى جلده ...!!
فى صالة الاستقبال بفيلا "كارابيجو" قفصٌ ذهبىُ اللونِ جميل الشكل يسكنه ببغاءٌ أمازونى كبير الحجم ، بديع المنظر ، ذو ألوان جذابة تتدرج من الأحمر الفاقع والأزرق التركوازى والأصفر البراق، يُرَمِّقُ الداخل والخارج ، ويتفحصُ الوجوهَ ويتحدثُ الفرنسية والايطالية واليونانية التى تعلمها من زوجة الخواجة...!!
كلما خرج "كارابيجو" فى الصباح ألقى عليه التحية بالإيطالية قائلا:
- بنجورنو ( أى صباحُ الخير )...
يرد الببغاء قائلا :
- بنجورنوسينيورى ، ( أى صباحك خيرٌ يا سيدى) .
لكن عثمان الطبَّاخ كلما مر عليه ولا سيما فى غياب الخواجة بصق عليه وقال له :
- جاتك داهية أنت والخواجة بتاعك يازفت؟
يرد الببغاء :
- بنجورنو سينيورى ....
عثمان :
- انتى حمار...
الببغاء :
- كومو استاى سينيورى .. أى " كيف حالك سيدى"...؟
يجيبه بخيت السفرجى:
- طُظ فيك يا " مأفن "
فى ظهيرة يوم من أيام صيف عام 1961 ، كان منصور يقف كعادته أمام برواز الخواجة غارقاً فى تأملاتهِ يقول له فى سره:
- متى سيأتى اليوم الذى ستغرب فيه عنا وتتوقف عن استنزاف أقواتِنا.؟
لم يكد ينتهى من حواره حتى تناهى إلى سمعه ضوضاء وجلبةٌ وأصواتٌ هتافاتِ آتية من الشارع ...
أسرع إلى أقرب نافذة فى البدروم الخانق ، فإذا به يلتقط صوت الراديو القادم عبر إحدى شرفات مسكن مجاور . كان الزعيم جمال عبد الناصر يُعلن عبر المذياع قرار التأميم التاريخى.
صاح منصور:
- عاش جمال عبد الناصر .. عاش جمال عبد الناصر .
لم يمضى سوى القليل حتى كان الخبر قد انتشر فى ربوع المكان ...
ترك العمالُ أماكنهم .. خرجوا إلى الممر يهتفون:
- عاش جمال عبد الناصر ...
نهض كيمو وهيمو لإيقافهم ومنعهم من الهتاف ، إنقسم العمال الى فريقين ، فريق تكفل بكيمو وهيمو وفريق سارع كالسيل العارم الى البرواز...
مزقوه ، داسوه بالاقدام .. ألقوا ببقاياه فوق رأسيهما بعد أن أوسعوهما ضرباً وركلاً...
استطاعا بعد عناء وبمساعدة البعض الصعود للاختباء داخل فيلا الخواجة...
أما " إبرة " فقد وقع فى قبضتهم كالفأر...
أوثقوه فى عامود ، سكبوا فوق رأسه صفيحة من العسل الفاسد وتركوه فريسة للذباب الجائع...
ما أن بلغ "كارابيجو" النبأ حتى ألغى رحلته وعاد من المطار يهرول ، فوجىء بمندوبوا الحكومه برئاسة العضو المنتدب فى استقباله ، نظر إلى الببغاء وقال :
- فينيتو توتو (أى قد انتهى كل شىء)...
رد عليه الببغاء :
- روح جاتك داهية مستعجلة فيك وفى الخواجة بتاعك ...
لم يخفى دهشته وقال :
- هو أنت خلاص بقيت مصرى زيهم؟
أجاب الببغاء :
- طُظ فيك يا " مأفن "....
=====
صلاح ابوشنب- مفكر وقائد في القضية الأندلسية المعاصرة
- الجنس :
العمر : 77
تاريخ الميلاد : 29/08/1946
تاريخ التسجيل : 22/12/2009
عدد المساهمات : 74
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 34
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 167
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2937
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4878
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
رد: البرواز والكومندا - قصة قصيرة من واقع الستينيات - لصلاح ابوشنب
صورة المبانى والاطلال تبثنا فى الخفاء الحنين وتبعث فى عطاشى القلوب ماءً زلالاً من انقى لجين ، الا يا اندلسا انت دوما فى القلب والعقل والعين .
صلاح ابوشنب- مفكر وقائد في القضية الأندلسية المعاصرة
- الجنس :
العمر : 77
تاريخ الميلاد : 29/08/1946
تاريخ التسجيل : 22/12/2009
عدد المساهمات : 74
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 34
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 167
مواضيع مماثلة
» مكايــــــــــــــــــد - قصة قصيرة لصلاح ابوشنب
» المطرود - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب
» أشباح قلعة قايتاباى - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب
» المطرود - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب
» أشباح قلعة قايتاباى - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: منتديات الأندلسيين المعاصرين-CONTEMPORARY ANDALUSIANS’ FORUMS - FOROS ANDALUCES CONTEMPORÁNEOS - FORUMS DES ANDALOUS CONTEMPORAINS :: منتدى الدبلوماسي المترجم: صلاح أبو شنب Dp. Tr. Salaah Abu Shanab
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 27 فبراير 2024, 02:43 من طرف dlhtserv
» ألقاب عائلات أندلسية في الجزائر
الأحد 10 ديسمبر 2023, 00:07 من طرف غالمي أمينة
» لقب: خلـــيفة، بالشرق الجزائري
الجمعة 06 أكتوبر 2023, 23:06 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» مسرحية (ولادة)، علي عبد العظيم (نالت الجائزة الأولى للتأليف المسرحي من وزارة الشؤون الاجتماعية، بمصر)، 1948م
السبت 05 أغسطس 2023, 17:22 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» WSDOT BridgeLink v7.0.1.0 English 64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:52 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniSettle v4.0.0.58 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:50 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniPile v5.0.0.60 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:48 من طرف dlhtserv
» Leica MissionPro v12.9.0 Multilingual 64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:46 من طرف dlhtserv
» FlexSim Enterprise 2022.2.2.331 English 64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:43 من طرف dlhtserv