السدر المخضود 9
2 مشترك
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: منتديات الأندلسيين المعاصرين-CONTEMPORARY ANDALUSIANS’ FORUMS - FOROS ANDALUCES CONTEMPORÁNEOS - FORUMS DES ANDALOUS CONTEMPORAINS :: منتدى الأستاذ الدكتور محمد زين العابدين رستم Pr. Muhammad Zeinalabideen Rostom
صفحة 1 من اصل 1
السدر المخضود 9
اشتد الحر ونحن نطوف في دروب وأزقة طليطلة ...
وكانت بين أيدينا خريطة المدينة باللغة الإسبانية وكان بعض مرافقيّ يتقنون فهمها والتعبير بها ...
وكان وُكدنا أن نجد معلما تاريخيا إسلاميا، أو منارة مسجد أندلسي قديم ... وكانت الخريطة التي بين أيدينا تدلنا على أن المساجد في طليطلة الإسلامية كثيرة ... وأن من بين أهمها وأروعها وأبقاها على ضرباته الدهر مسجد باب المردوم ... فجعلنا هدفنا البحث عن هذا المسجد والوقوف على ما تبقى منه ....
ومرت الساعة أويزيد ونحن في تجوال بين دروب طليطلة التي تتبدى من بعيد كنيستها الرئيسية التي كانت مسجدا حوّل وغير ...
وأسلمنا البحثُ مع الخريطة التي كانت بين أيدينا إلى الهدف المنشود والمقصد المطلوب ... إذ وقفنا قريبَ يأسنا من الوقوف على الأثر الإسلامي البارز في طليطلة على المسجد المنوه به ...
كانت تلك اللحظات عسيرةً عليَّ ... فهأنذا وجها لوجه أمام دليل قاطع على الوجودالإسلامي في هذه المدينة التي كانت عاصمة القوط قبل الفتح ...
اقتربتُ من المسجد بخطى مترددة ... ويدي ترتعش ... ونفس يخيل إليها أنها ستجد داخل المسجد أهل المسجد من الأندلسيين الذين سكنوا هذه المدينة العجيبة ...
كان المسجد مغلق الباب ... قد أوشك أن يسقط من القدم والبلى ... وكان صغير الحجم ... مرتفع السقف لا منارة له ...
يتوسط حديقة فيها أشجار وفيها قبور قديمة، الظاهر أنه قد دفن فيها مسلمون من أهل الأندلس في أزمنة سابقة مختلفة ... وقد علت باب المسجد نقوش قرأت فيها:" لا إله إلا الله..." وأحيط المسجدُ وما فيه من حديقة وقبور بسياج لمنع من يريد الدخول ...
وسألنا عن سبيل لدخول المسجد فقيل لنا إن ذلك يؤدى عنه كذا كذا يورو ... وأن الزيارة تقع في مدة وجيزة وفي مكان محدود لوجود أعمال الصيانة والترميم ... فاستقر الرأي بعد إجالة نظرومشورة على عدم الدخول لأن باطن المسجد يُرى من ظاهره..
وكانت بين أيدينا خريطة المدينة باللغة الإسبانية وكان بعض مرافقيّ يتقنون فهمها والتعبير بها ...
وكان وُكدنا أن نجد معلما تاريخيا إسلاميا، أو منارة مسجد أندلسي قديم ... وكانت الخريطة التي بين أيدينا تدلنا على أن المساجد في طليطلة الإسلامية كثيرة ... وأن من بين أهمها وأروعها وأبقاها على ضرباته الدهر مسجد باب المردوم ... فجعلنا هدفنا البحث عن هذا المسجد والوقوف على ما تبقى منه ....
ومرت الساعة أويزيد ونحن في تجوال بين دروب طليطلة التي تتبدى من بعيد كنيستها الرئيسية التي كانت مسجدا حوّل وغير ...
وأسلمنا البحثُ مع الخريطة التي كانت بين أيدينا إلى الهدف المنشود والمقصد المطلوب ... إذ وقفنا قريبَ يأسنا من الوقوف على الأثر الإسلامي البارز في طليطلة على المسجد المنوه به ...
كانت تلك اللحظات عسيرةً عليَّ ... فهأنذا وجها لوجه أمام دليل قاطع على الوجودالإسلامي في هذه المدينة التي كانت عاصمة القوط قبل الفتح ...
اقتربتُ من المسجد بخطى مترددة ... ويدي ترتعش ... ونفس يخيل إليها أنها ستجد داخل المسجد أهل المسجد من الأندلسيين الذين سكنوا هذه المدينة العجيبة ...
كان المسجد مغلق الباب ... قد أوشك أن يسقط من القدم والبلى ... وكان صغير الحجم ... مرتفع السقف لا منارة له ...
يتوسط حديقة فيها أشجار وفيها قبور قديمة، الظاهر أنه قد دفن فيها مسلمون من أهل الأندلس في أزمنة سابقة مختلفة ... وقد علت باب المسجد نقوش قرأت فيها:" لا إله إلا الله..." وأحيط المسجدُ وما فيه من حديقة وقبور بسياج لمنع من يريد الدخول ...
وسألنا عن سبيل لدخول المسجد فقيل لنا إن ذلك يؤدى عنه كذا كذا يورو ... وأن الزيارة تقع في مدة وجيزة وفي مكان محدود لوجود أعمال الصيانة والترميم ... فاستقر الرأي بعد إجالة نظرومشورة على عدم الدخول لأن باطن المسجد يُرى من ظاهره..
محمد بن زين العابدين رستم- مفكر وقائد في القضية الأندلسية المعاصرة
- الجنس :
تاريخ التسجيل : 19/08/2011
عدد المساهمات : 129
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 126
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 399
رد: السدر المخضود 9
موسوعة عمارة المساجد في الأندلس.. طليطلة وإشبيلية، الجزء الثاني
المؤلف: باسيليو بابون مالدونادو
الناشر: مركز جامع الشيخ زايد الكبير ومشروع "كلمة"، هيئة أبوظبي للثقافة والتراث
الطبعة الأولى: 2011م، عدد الصفحات: 302ص، من القطع الكبير
في الجزء الثاني من موسوعته عمارة المساجد في الأندلس باسيليو بابون مالدونادو يقدم بانوراما للعمارة الإسلامية في طليطلة وإشبيلية
موسوعة "عمارة المساجد في الأندلس" في أجزائها الأربعة "عمارة المساجد في الأندلس.. مدخل عام" و"عمارة المساجد في الأندلس.. قرطبة" و"عمارة المساجد في الأندلس.. غرناطة"، و"عمارة المساجد في الأندلس.. طليطلة وإشبيلية"، لعالم الآثار الإسلامية باسيليو بابون مالدونادو، والصادرة عن مركز جامع الشيخ زايد الكبير ومشروع "كلمة" التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بترجمة د.على إبراهيم منوفي، ليست مجرد موسوعة متخصصة تبحث في الآثار الإسلامية في شبه جزيرة إيبيريا وشمال أفريقيا. فهي تسجيل معماري لما شهدته المنطقة سواء في عصر الإمارة أو الخلافة الإسلامية من تحول الكثير من الكنائس والكاتدرائيات إلى مساجد أو العكس عندما سيطر المسيحيون، حيث حولوا الكثير من المساجد والجوامع إلى كنائس وكاتدرائيات، وعلاقات كل ذلك بمختلف فنون وآثار الحضارات الأخرى العالمية المسيحية والرومانية والبيزنطية واليونانية، الأمر الذي يقدم دراسة تاريخية نادرة عن هذه المناطق ما كانت عليه عند وصول المسلمين إليها وفرض سيطرتهم عليها وما أصبحت عليه في عهدهم، ثم ما آلت إليها وما جرى فيها من تغيير عندما استردها المسيحيون. وفي الموسوعة نرى لذلك الخليط المتفاعل من الإثنيات والثقافات والفنون، ولكن إلى جانب ذلك كله تضيء الدراسة جوانب تاريخية مهمة من تعايش الوجود العربي الإسلامي وتأثيراته وتأثراته في هذه المناطق.
وفي الجزء الخاص بـ"عمارة المساجد في الأندلس.. طليطلة وإشبيلية" نتعرف على مساجد طليطلة المؤكدة أثرياً ومعمارياً مثل مسجد سلبادور ومسجد باب المردوم ومسجد تورنرياس، والموروث الإسلامي في الكنائس الطليطلية المدجنة مثل كنيسة سان أندرس وكنيسة سانتا إيولالبا وكنيسة سان لوكاس ومعبد التراننستو، وكذلك النقوش العربية في دور العبادة المدجنة، كما يتم التوقف عند فن التصوير العربي في دور العبادة والمصليات المسيحية.
أما بالنسبة لإشبيلية فيجري البحث في ثلاثة مساجد "منقوصة هي التي وصلت إلينا حتى اليوم"، هي المسجد الجامع الأميري "السلبادور"، المسجد الجامع الموحدي ومعه المنارة الخيرالدا، ومسجد كواتروهابيتاس، ثم يتطرق إلى الموروث الموحدي في إشبيلية المسيحية.
بانوراما للعمارة الطليطلية والإشبيلية يسلط خلالها باسيليو بابون مالدونادو الضوء على الحوار المستمر بين العمارات الإسلامية لشبه جزيرة إيبيريا وشمال أفريقيا والمسيحية، عاقداً المقارنات وموضحا التشابهات وكاشفاً الأساسيات الرئيسية الخاصة بالعمارة الإسلامية تحديداً.
ويشتغل باسيليو في الموسوعة في أجزائها الأربعة في ضوء معايشات ومشاهدات واقعية وصور ورسوم ومخطوطات تاريخية، لذا نرى في هذا الجزء كما في غيره تلك اللوحات المجمعة مثلاً لأبواب وعقود كوات أو تقاطعات وتيجان أعمدة مساجد وكنائس ومعابد. فمثلاً حين يتحدث عن مسجد السلبادور تأتي اللوحات المجمعة 13، 14، 15، حاملة لرسوم هندسية وصور لهندسته وعمارته، مئذنته، لقطع رومانية وقوطية جرت الإفادة منها في المسجد، صحون كنائس وغيرها.
هكذا يشتغل باسيليو بأفق واسع لا انحياز فيه، مراجعه عربية وغربية، الأمر الذي يمكننا من التعرف على حقيقة الإضافات المعمارية والزخرفية والفنية للعرب المسلمين في الأندلس دون مزايدات أو إدعاء أو توهم، فالباحث هنا يبحث في الكنائس والكاتدرائيات والمعابد عن تلك الآثار والفنون العربية الإسلامية منقباً عن آثار المساجد والجوامع التي لم يبق لها أثر إلا في الحوليات والمخطوطات، وربما نتعرف أكثر على هذا الجانب المهم في جزئي غرناطة وقرطبة.
يقول باسيليو أن المملكة الإسبانية القوطية في طليطلة تمثل اكتمال أول توحيد لإسبانيا، وتقوم قواعد هذه الوحدة على مسيحية السكان الإسبان الرومان، وأنه عندما سقطت دولة القوط عام 711م أمام زحف الإسلام عاش الفن القوطي حالة تدهور كانت تعكس واقع الأوضاع السياسية والثقافية، "ولما كان الموروث القوطي في كل من طليطلة وماردة يتسم بالثراء وتشاركهما قرطبة، هنا يجب إعادة النظر في دور البطولة التي قامت به الأخيرة في المراحل الأولى لتكون ملامح الفن الأموي طوال القرنين الثامن والتاسع وأن نشرك معها مدينة نهر التاج ـ طليطلة".
طليطلة كما يرى باسيليو استطاعت طوال نشاطها الفني الإسلامي ثم المدجن بعد ذلك تبني كافة التجديدات التي تظهر بشكل تدريجي في كل من غرناطة وقرطبة وإشبيلية "لم تضارعها أي مدينة إسبانية إسلامية في مجاراة التجديدات القرطبية منذ البداية حتى عام 1085م وكذلك في بقاء واستمرار العناصر القديمة مثل العقد الحدود الكلاسيكي، يليه العقد المفصص خلال النصف الثاني من القرن العشرين، والمكون من ثلاثة أخمسة فصوص، وظلت هذه العناصر تقوم بدور البطولة حتى نهاية الفترة المدجنة".
ويضيف "يبلغ عدد المساجد التي وصلتنا اثنى عشر مسجداً طبقاً للمصادر الأدبية والآثارية، حيث نراها في مخطط المدينة ـ يقصد طليطلة ـ وهذا يعني أننا أمام مشهد درامي لهذه الرقعة العمرانية التي أسلمت وتبلغ مساحتها مائة هكتار باستثناء الربض الكبير، وهذا العدد من المساجد محدد في جزء منه بوجود دور عبادة مستعربة، وكذا دور عبادة مدجنة، ذلك أن الكثير من هذه المباني أقيم فوق مساجد قديمة، وهنا علينا ألا ننسى أنه عندما جرى غزو طليطلة على يد ألفونسو السادس، استولى الملك على المسجد الجامع وأقر فيه الشعائر المسيحية وترك للعرب المهزومين بعض المساجد الصغرى، مساجد الأحياء مثل مسجد السلبادور ومسجد تورنرياس، حيث ظل يقوم بوظيفته خلال الفترة المدجنة الطويلة التي عاشتها المدينة، كما أن بقاءه حتى اليوم يشهد بذلك، نجد كذلك مسجد الباب المردوم 999م أصبح كنيسة تحمل اسم سانتا كروث عام 1183".
يكمن في مسجد الباب المردوم تفرد واضح في مخططه على شكل علامة + في صورة مربع لا يزيد طول الضلع فيه عن ثمانية أمتار على النمط البيزنطي القديم "وبذلك يكسر القاعدة التقليدية الطليطلية المتمثلة في دور العبادة البازليكية النمط والمكونة من ثلاثة أروقة أو أربعة أو خمسة ولكن بشكل استثنائي في المعبد اليهودي سانتا ماريا لابلانكا".
ويشير باسيليو إلى التحول المعماري والفني الذي شهده مسجد الباب المردوم فيقول "كان السيد جونثالو أسقف المدينة اعتباراً من عام 1182م أي أنه خلال الفترة بين التاريخ المشار إليه وبين عام 1221م أمكن تنفيذ المذبح في مسجد المردوم في عنفوان ازدهار الفن المدجن، كما أنه لم يكن من الضرورات القصوى تغيير وجهة أداء الطقوس التي كان عليها المكان أثناء الحكم الإسلامي، وهذا ما نجده في مسجد السلبادور حيث الوجهة هي الجنوب الشرقي ومثله مسجد لاماجدالينا بالمدينة".
أما السلبادور "كنيسة سان سلبادور التي كانت للمورو وكانت مسجداً حتى عام 1153م" ويلاحظ اعتبار السلبادور مسجداً يقوم بالأساس على واجهة المبنى وعلى العقود الحدودية التي كانت في الرواق الرئيسي وكذا لوحة التأسيس العربية التي تتحدث عن بناء بلاطة عام 1041م من أموال الأحباس، وهو يعدُّ فريداً من حيث المسقط الرأسي في العمارة الدينية الإسلامية.
ويعترف باسيليو أنه لا يعرف على وجه اليقين ماهية التعديلات المعمارية عندما أصبح سلبادور كنيسة، ومع ذلك يقول "إن المبنى احتفظ باتجاهه القديم الذي كان في عصر المسلمين مثلما حدث في البداية مع مسجد الباب المردوم وبالتالي يبدو البعد الاقتصادي في عملية التحويل، هذا التوجه ـ حيث السهم بين الجنوب والشرق ـ هو نوع من الأمور الجديدة التي فرضت في المساجد القرطبية: فونتانار، مدينة الزهراء، وسانتا كلارا، ويلاحظ أن المبنيين الأخيرين قد شيدا خلال القرن العاشر، الأمر الذي يمكن أن يشير إلى أن المسجد الطليطلي ربما شيد خلال هذه الفترة".
بعد المساجد ينتقل باسيليو إلى المصليات باعتبارها مساجد مثل مصلى سان لورنثو وهو مصلى صغير قديم على الطراز الإسلامي يقع إلى الجنوب الشرقي للفراغ الذي عليه كنيسة سان لورنثو حالياً، ومصلى أو قبة بلين سانتا في "تقع في مجمع الدير الطليطلي كومندادورس دي سانتياجو المجاور لمستشفى سانتا كروث، وهذا المبنى وذلك يقعان داخل منطقة الحزام العربية".
ويفرد باسيليو أيضا في إطار بحثه داخل طليطلة عن الموروث الإسلامي معماراً وفناً وزخرفة وهندسة، مساحة لتلك الكنائس المتحولة عن مساجد أو تلك التي تأثر بناؤها بالثقافة الإسلامية "إن دور عبادة على شاكلة أهمية معبد سانتا ماريا لابلانكا ومعبد الترانستو لا تحمل حرفا من السمة المدجنة إلا الاسم، ذلك أن جوهر المباني هو عربي مستورد".
وكذلك يفعل باسيليو مع الكنائس والمعابد مثل كنيسة سان لوكاس وكنيسة سانتا إيولاليا وكنيسة سان أندرس وكنيسة سان رومان، وكنيسة سانتا جو دل أرابال، ومعبد سانتا ماريا لابلانكا ومعبد الترانستو ثم الأبراج الطليطلية وأيضا مناراتها ومآذنها.
ويرى باسيليو بابون مالدونادو أن النقوش الكتابية العربية انسحبت إلى دور العبادة المسيحية واليهودية ويقول "اتخذ الملوك والأساقفة والنبلاء هذه النقوش الكتابية التي تدعو إلى الرحمة والمغفرة والتي كانت توجد في المساجد والقصور العربية في قصورهم الجديدة وفي العمارة الدينية، ومن الحالات المشابه لهذا ما نجده في الفن النورماندي في صقلية، إنها نقوش تنتقل من مسرح لآخر دون أن تكون هناك سابقة تتمثل في نقوش كتابية قوطية، وهذه الزخارف الرائعة على الحوائط هي واحدة من الخصوصيات العربية، يظهر لفظ الجلالة في دور العبادة المسيحية واليهودية وكذلك في الأقمشة المخصصة للموتى (الأكفان) وملابس الأساقفة، ويلاحظ نوع من التبادل في نماذج زخرفية جصية بين لفظ الجلالة ولفظ Deus بالقوطية في الإطار الأيقوني نفسه".
ويؤكد أن مبدأ الحفاظ على مسجد له أهمية ما وإجراء تعديلات عليه ليكون صالحاً للطقوس المسيحية لهو خير دليل إن لم يكن على تقديس وإعلاء شأن الموروث الثقافي الإسلامي، فهو علامة على الرغبة في التعايش أو التسامح أو التلاقح الثقافي، وبعد الإشارة إلى الفراغات الخاصة بهذه الطقوس أو تلك فإن باقي المساحة صالحة للأغراض كافة، أي أن الثنائي الكنيسة ـ المسجد كان سائداً منذ عصر قرطبة الأموية وقبل ذلك في البداية احترام الملوك المسيحيين المساجد الجامعة الكبرى لضخامتها ولأنها كانت تمثل في حد ذاتها نموذجاً لثقافة تفوق المسيحية، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي كانت عليه.
وفي السياق ذاته وبالأفق نفسه يدخل باسيليو إلى إشبيلية، وإلى ثلاثة مساجد منقوصة هي التي وصلت إلى اليوم في أشبيلية هي مسجد السلبادور، عصر الإمارة، والمسجد الموحدي الجامع ومعه منارة الخيرالدا، وهذان المسجدان كانت تؤدى فيهما صلاة الجمعة إذ يطلق عليهما المساجد الجامعة، وكل واحد طبقاً للزمن الذي أنشئ فيه ثم مسجد ثالث صغير هو مسجد كواتروهابيتاس بالقرب من المدينة، ولحسن الحظ ـ في رأي المؤلف ـ أن نجد المساجد الثلاثة لا زالت تحتفظ بمآذنها ولو أنها غير كاملة.
ويرى باسيليو أن إشبيلية قد حلت محل قرطبة في عصر الموحدين "أصبحت العاصمة ومقر إقامة حكام الأندلس الجدد، علي يد أبي يعقوب يوسف، أما المرابطون فقد استهوتهم قرطبة وإشبيلية وغرناطة، وقام هؤلاء على مدار السنوات القليلة لحكمهم بتحصين هذه المدن، ثم أعيدت التحصينات بالأسلوب نفسه تقريباً على يد الموحدين الذين كانوا يميلون أكثر إلى أشبيلية، إذ ضربوا حولها حزاماً كاملاً هو سورها، ومكان ما كان يطلق عليه قبل ذلك دار الإمارة أقيمت قصور ذات مخططات جديدة، ولكن مع احترام الحوائط والأبراج الحجرية، وبالقرب من القصر وسيراً على النموذج الأموي القرطبي جرى تخطيط إقامة المسجد الجامع ومعه الخيرالدا".
ويلفت باسيليو إلى أن تتبع مسار تاريخ إشبيلية يجدها أنها كانت خلال حكم الموحدين "مراكش أو الرباط وقد أقيمت على شاطئ نهر الوادي الكبير، وهذا ما تعكسه حالة التآخي بين المئذنتين والخيرالدا، تعود صورة إشبيلية الموحدية للظهور والتجلي أمام هاتين المدينتين الأفريقيتين، فقد كانت المدن الثلاثة إبداعات حقيقية للسلاطين أنفسهم الذين دفعهم إيمانهم وجعلوا منها رمزاً على شاكلة المسجد الجامع بقرطبة في أزهى عصوره".
ويقول "لا بد أن هدم المساجد ـ في أشبيلية ـ خلال القرن الرابع عشر كان عملاً منظماً، فمن بين الأربع والعشرين كنيسة التي كانت في المدينة، نجد أن ليس هناك واحدة منها تحتفظ بأي أثر إسلامي ما عدا سان سلبادور والمسجد الكاتدرائية، ما بقي بعد ذلك من عدد قليل من المساجد بعد الزلزال الذي وقع عام 1356 جرى هدمها لإقامة كنائس".
وفي هذا الإطار يتوقف باسيليو ليكشف عن تلك المساجد؛ تاريخها والتطورات التي لحقت بها وما بقى منها. فما وصل من المسجد الجامع الموحدي "وصلنا من هذا المسجد الفريد صحنه المسمى صحن أشجار البرتقال والخيرالدا مع ما جرى عليهما من تعديل وتحوير، إذ أزيل الطابق العلوي للمئذنة المخصص للمؤذنين، حيث لم يتبق منه إلا أجزاء ضئيلة استناداً إلى الرسم الذي أعده بياسانا دي مينا (القرن 16) وإلى ما نراه في مسجد الكتبية بمراكش، إذ كانت المئذنة في واقع الأمر مكونة من طابقين الأول أكبر من الثاني من حيث المخطط في الحالات الثلاث مثلما هو الأمر في المنارات الرئيسية الأموية بقرطبة".
يعيد باسيليو بناء المسجد متناولاً محرابه وصحنه وأبوابه وأروقته وزخارفه وكرانيشه وأعمدته في ضوء المعطيات والروايات التاريخية والبحوث الحديثة التي تناولت وجود المسجد، هذا المسجد الذي أقيمت على أطلاله الكاتدرائية الإشبيلية، ويخلص إلى أنه كان صورة طبق الأصل معصرنة للمسجد الجامع بقرطبة، لكن الآجر كان هو البطل في المسجد الإشبيلي مقارنة بالمسجد القرطبي، كما أن فيه 17 رواقاً مقابل 19 رواقاً في المسجد القرطبي، كما توجد أبراج أو دعامات في الأضلاع وتبادل بين حوائط بلا أبواب وأخرى ذات أبواب غير مرتبطة بالمركز.
هكذا تأتي بانوراما العمارة الأشبيلية مسلطة الضوء على الحوار المستمر بين النوافذ الخاصة بالمنارات والأبراج المسيحية، ومشيرة إلى أنه خلال القرن الثاني عشر كانت هناك في إشبيلية الكثير من دور العبادة الإسلامية في الأحياء وأنها كانت لا تقل عن 64 مسجداً غير أنها أخذت تدريجياً في الاختفاء عن الساحة طوال النصف الثاني من القرن الثالث عشر، غير أن بعضها قاوم ولكن لزمن قصير في شكل كنائس مرتجلة وقد أضيف إليها مذبح، وسرعان ما تحولت مآذنها إلى أبراج أجراس، ووصلت ذروة هدم المساجد في الزلزال الذي وقع عام 1356م، وعلى أرض تلك المساجد أقيمت دور عبادة ذات مخططات جديدة وضخمة تتسم بأنها تتبع الفن القوطي الذي فرضه الفونسو العاشر، ومع هذا كانت ترفرف ظلال المسجد الجامع الذي لم يتجاوزه أي مبنى آخر بالنسبة لرمزه الأكبر وهو الخيرالدا.
وباسيليو بابون مالدونادو أستاذ جامعي باحث في علم الآثار العربية في كل من شبه جزيرة إيبيريا والشمال الأفريقي، يمثل حجة في هذا التخصص، وهو عضو باحث في المجلس الأعلى للأبحاث العلمية في أسبانيا، تتلمذ على يد تورس بالباس وجومث مورينو وبالتالي هو من أبرز الباحثين في الحلقة الوسط ـ الجيل العملاق من الرعيل الأول في مجال علم الآثار الإسلامي في أسبانيا يعني بإبراز الموروث المحلي في الموروث الحضاري العربي الإسلامي، من مؤلفاته الزخرفة الأندلسية والزخرفة النباتية، الفن الطليطي، عمارة المدن في الأندلس، عمارة القصور في الأندلس، عمارة المدن في الأندلس، عمارة المساجد في الأندلس، هذا فضلاً عن عدد كبير من الدراسات.
أما المترجم د.علي إبراهيم منوفي، فهو أستاذ جامعي درس الأسبانية بكلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر، وحصل على درجة الدكتوراه من كلية فقه اللغة بجامعة سلمنقة، إسبانيا، في مجال الشعر الأسباني المعاصر.
قام بالتدريس بالعديد من الجامعات وهو كذلك مترجم فوري وتحريري وباحث، نشر عدداً من الأبحاث العلمية باللغتين العربية والإسبانية إضافة إلى ما يزيد على ثلاثين عنواناً من الأعمال المترجمة عن الأسبانية التي تتناول الإبداع الأدبي في أسبانيا وأميركا اللاتينية، غير أن أغلب جهده الترجمي تركز في مجال الفن والعمارة في الأندلس.
http://www.szgmc.ae/publication-detail/vol111-33
وهذه الآن صور من طليطلة :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
(حذفت...)
21
(حذفت ...)
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
(حذفت ...)
33
(حذفت ...)
34
(حذفت ...)
35
36
37
38
39
40
(حذفت ...)
41
42
43
44
45
46
47
48
(حذفت ...)
49
50
51
52
(حذفت ...)
53
54
55
56
57
(حذفت ...)
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
(حذفت ...)
68
(حذفت ...)
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
عدل سابقا من قبل د. جمال بن عمار الأحمر في السبت 10 سبتمبر 2011, 00:57 عدل 12 مرات
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
رد: السدر المخضود 9
السلام عليكم
أخي الفاضل: د. أبا ياسر،
جازاكم الله خيرا على الثناء العطر الذي أعتز به. وتسعدني إشاراتكم وتنبيهاتكم في أي وقت. وتنبيهي برسالة داخلية يكون أسرع في بعض الأحيان.
وأود أن ألفت انتباه القراء الأكارم إلى أني عندما أنشر صورا فإنما آخذها من داخل هذا المنتدى أساسا، فإذا كانت الصورة مفقودة منه لجأت إلى مراكز الصور الخارجية.
وعندما أقوم باختيار الصورة تكون في حجم صغير مقداره 3 سم على 2 سم، وعلى هذا، يخفى علي بعض محتواها، وعند النشر تصير كبيرة، فيظهر هذا المحتوى، فألجأ إلى تصحيحه بمجرد تفرغي له. وقد يطول علي وقت التفرغ إلى 3 أيام، بالانشغال عنه، فإن نسيت فنبهوني، وجازاكم الله خيرا.
وقد نشرت تعليمات، داخل هذا المنتدى، تخص ضوابط نشر الصور، فأرجو الانتباه إليها، خاصة أننا لم نتمكن من تعيين مشرف على هذا الجانب إلى حد الساعة.
وشكرا على حسن تفهمكم...
أخوكم:
د. أبو ياسر جمال الأحمر
أخي الفاضل: د. أبا ياسر،
جازاكم الله خيرا على الثناء العطر الذي أعتز به. وتسعدني إشاراتكم وتنبيهاتكم في أي وقت. وتنبيهي برسالة داخلية يكون أسرع في بعض الأحيان.
وأود أن ألفت انتباه القراء الأكارم إلى أني عندما أنشر صورا فإنما آخذها من داخل هذا المنتدى أساسا، فإذا كانت الصورة مفقودة منه لجأت إلى مراكز الصور الخارجية.
وعندما أقوم باختيار الصورة تكون في حجم صغير مقداره 3 سم على 2 سم، وعلى هذا، يخفى علي بعض محتواها، وعند النشر تصير كبيرة، فيظهر هذا المحتوى، فألجأ إلى تصحيحه بمجرد تفرغي له. وقد يطول علي وقت التفرغ إلى 3 أيام، بالانشغال عنه، فإن نسيت فنبهوني، وجازاكم الله خيرا.
وقد نشرت تعليمات، داخل هذا المنتدى، تخص ضوابط نشر الصور، فأرجو الانتباه إليها، خاصة أننا لم نتمكن من تعيين مشرف على هذا الجانب إلى حد الساعة.
وشكرا على حسن تفهمكم...
أخوكم:
د. أبو ياسر جمال الأحمر
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
محمد بن زين العابدين رستم- مفكر وقائد في القضية الأندلسية المعاصرة
- الجنس :
تاريخ التسجيل : 19/08/2011
عدد المساهمات : 129
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 126
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 399
رد: السدر المخضود 9
جازاكم الله خيرا أخي أبا ياسر،
حتى تسهل طريقة الاتفاق؛ جعلت لكل صورة رقما خاصا بها في الجهة العليا بالزاوية اليمنى منها (من 1 إلى 81)...
أرجو من فضيلتكم تحديد الرقم، وسوف أحذفها فورا إن شاء الله من كل مجموعات الصور في بقية الحلقات أيضا ...
وأعتذر إليكم عن كل خطأ وقع مني في هذا الاختيار ...
حتى تسهل طريقة الاتفاق؛ جعلت لكل صورة رقما خاصا بها في الجهة العليا بالزاوية اليمنى منها (من 1 إلى 81)...
أرجو من فضيلتكم تحديد الرقم، وسوف أحذفها فورا إن شاء الله من كل مجموعات الصور في بقية الحلقات أيضا ...
وأعتذر إليكم عن كل خطأ وقع مني في هذا الاختيار ...
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
رد: السدر المخضود 9
الصورة التي أعني سلمك الله ذات الرقم32 وما بقي مقبول ... أرجو التكرم بتعديل ذلك من جميع الصور في جميع الحلقات ... وجزاكم الله خيرا ...
محمد بن زين العابدين رستم- مفكر وقائد في القضية الأندلسية المعاصرة
- الجنس :
تاريخ التسجيل : 19/08/2011
عدد المساهمات : 129
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 126
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 399
رد: السدر المخضود 9
لقد حذفت الصورة ذات الرقم المطلوب 32، وحذفت غيرها كثير، والعملية سهلة، والحمد لله...
لكني لا أدري إن كنت قد أصبت المحزّ أم أم لا؟
وسوف أعممها على هذه الحال إن شاء الله، في الحلقتين الأخريين، إلى أن تأتي ملاحظة جديدة، إن شاء الله ... والله الموفق ...
لكني لا أدري إن كنت قد أصبت المحزّ أم أم لا؟
وسوف أعممها على هذه الحال إن شاء الله، في الحلقتين الأخريين، إلى أن تأتي ملاحظة جديدة، إن شاء الله ... والله الموفق ...
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: منتديات الأندلسيين المعاصرين-CONTEMPORARY ANDALUSIANS’ FORUMS - FOROS ANDALUCES CONTEMPORÁNEOS - FORUMS DES ANDALOUS CONTEMPORAINS :: منتدى الأستاذ الدكتور محمد زين العابدين رستم Pr. Muhammad Zeinalabideen Rostom
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:57 من طرف محمدي بن يحي
» حمل المئات من كتب النحو والصرف والإعراب (أمهات الكتب)
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:55 من طرف محمدي بن يحي
» ألقاب عائلات أندلسية في الجزائر
السبت 24 أغسطس 2024, 02:42 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» Ansys Electromagnetics Suite 2024 R1
الثلاثاء 27 فبراير 2024, 02:43 من طرف dlhtserv
» لقب: خلـــيفة، بالشرق الجزائري
الجمعة 06 أكتوبر 2023, 23:06 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» مسرحية (ولادة)، علي عبد العظيم (نالت الجائزة الأولى للتأليف المسرحي من وزارة الشؤون الاجتماعية، بمصر)، 1948م
السبت 05 أغسطس 2023, 17:22 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» WSDOT BridgeLink v7.0.1.0 English 64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:52 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniSettle v4.0.0.58 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:50 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniPile v5.0.0.60 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:48 من طرف dlhtserv