بنو الأحمر الخزرج الأندلسيون وآل الأحمر اليمنيون أبناء عمومة
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: الأندلسيون في شتاتهم بآسيا - MORISCOS IN ASIA - MORISQUES EN ASIE - MORISCOS EN ASIA :: الأندلسيون في شتاتهم باليمن
صفحة 1 من اصل 1
بنو الأحمر الخزرج الأندلسيون وآل الأحمر اليمنيون أبناء عمومة
بنو الأحمر الخزرج الأندلسيون وآل الأحمر اليمنيون أبناء عمومة
آل الأحمر: الجذورالتاريخية
أشارالأستاذ عمر رضا كحالة في كتابة "معجم قبائل العرب القديمة والحديثة" إلى أن "آلالأحمر فخذ ينتسب إلى عوف بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل بن عمر بن الغوث بن طي منكهلان القحطانية" أ.هـ.
أما الأستاذ محمد عبد القادر بامطرف فقد ذكر في كتابه "الجامعلشمل أعلام المهاجرين المنتسبين إلى اليمن وقبائلهم" أن "آل الأحمر أو اللحمر بطن منسيبان الحميرية منازلهم بالجيزة بمصر كانوا في جيش عمرو بن العاص ومنهم محمد بن عوفاللحمري السيباني أحد قادة السرايا التي اقتحمت حصن الفرماء الروماني بجزيرة سيناء".
أما بني الأحمر فيقول "إنهم من الخزرج الأنصار من ملوك الأندلس وكان منهم محمدبن علي أبو عبد الله ا لنصري آخر ملوك المسلمين في الأندلس" أ.هـ
ومن المعلوم أنهذه القبائل سواءً الحميرية أو الكهلانية أو الخزرج هم من قبائل اليمنالتي انطلقت من جنوب الجزيرة العربية مع جيوش الفتح الإسلامي وكانت تشكل القوةالضاربة في تلك الجيوش ولا غرابة في أن يكون هناك رابط عائلي بين آل الأحمر التيأشارت إليها المراجع السالفة وأكدت أن أصولها يمنية وآل الأحمر اليمنية المعروفةاليوم والتي تنتمي إلى حاشد وحاشد قحطانية.
وفي العصر الحديث يوجد قبائل من آلالأحمر في الشام وكذلك في مصر وهم يعتزون بانتمائهم إلى اليمن مهد العروبة.
وفيأواخر القرن السابع عشر الميلادي برزت قبيلة آل الأحمر اليمنية التي تنتمي إلىالعصيمات ومعروف أن العصيمات هي إحدى قبائل حاشد المشهورة و(العصيمات) ومعهم (خارف) و(بنو صريم) و(عذر) ينتمون إلى مالك بن جشم بن حاشد بينما بقية قبائل حاشدفي محافظة حجة وغيرها ينتمون إلى غريب بن مالك بن جشم بن حاشد .
كان أول من برز تاريخياً من بيت (الأحمر) فـي زعامـة قبيلة حاشد هو الشيخ (علي بن قاسم الأحمر) وذلك في أواخر القرن الحادي عشر الهجري، وكان صاحب شخصية قويةونفوذ قوي جعل (حاشد) تلتف حوله بقوة، واستطاع أن يجمع حوله أتباعاً حتى من قبائلبكيل.
انتقل الشيخ (علي بن قاسم الأحمر) من (العُصيمات) إلى (حبور ظليمة) (من بلاد حاشدفعمّرحصنها واستقرت عائلته فيها، وامتـدت ممتلكاته وأراضيه الزراعية في عدد من مناطق) حجة) و(الشرفين) التي كان له فيها حصون ونفوذ.
وبرز بقوة على مسرح الأحداث في بداية القرن الثامن عشر الميلادي الموافقعام 1120هـ عندما تكتل مع عـدد مـن رؤساء حاشد وبكيل للانتقام من (القاسم بنالحسين) الذي قتل كبير سفيان (صالح بن هادي بن حسين)، وفي 1128هـ ولاه الإمامالمنصور صاحب شهارة قيادة جيش لمواجهة (القاسم بن الحسين) الذي أعلن خروجه علىالإمام المنصور صاحب شهارة.
وبعد وفاة الإمام المتوكل (قاسم بن الحسين) أيد الشيخ (على قاسم الأحمر)الإمام (محمد بن إسحاق) ضد الإمام المنصور الحسين بن قاسم بن الحسين، وتطور النزاعبين الطرفين حتى حاصرت رجال حاشد وبكيل بقيادة الشيخ (علي بن قاسم الأحمر) وزعماءمن بكيل صنعاء ولكن الإمام المنصور الحسين بن قاسم تمكن من تفريق صفوف المهاجمينفانسحبت بعض القبائل لكن الشيخ (علي بن قاسم الأحمر) استمر في الحصار، ثم دعاهالإمام إلى الاجتماع في (بئر الشائف) ونصب الخيام وكان قد أضمر قتل الشيخ (عليبن قاسم الأحمر) بعد أن وجده متمسكاً بمطالبه، وتمكن الإمام من تنفيذ خطته واغتالجنوده الشيخ الأحمر في الخيمة وهو في ضيافة الإمام وقطعوا رأسه وألقوا بها إلى أصحابهقائلين خذوا صنمكم يا حاشد، فيما حملت قبائل حاشد المغدورة جسد الشيخ الأحمر إلىأهله. وثارت بعدها قبائل حاشد وبكيل انتقاماً لاغتيال زعيمها الشيخ (علي بنقاسم الأحمر) غيلة وغدراً، وناصروا الإمام الناصر محمد بن إسحاق حتى اضطر الإمامالحسين بن القاسم بن الحسين للتنازل عن الإمامة ومبايعة الإمام محمد بن إسحاقبشروط.
كان مصرع الشيخ (علي بن قاسم الأحمر) ذا أثر مؤلم على أسرته وأبنائهوقبائله ومرت سنوات طويلة قبل أن تظهر زعـامة كبيـرة في آل الأحمر، حتى برز اسمالشيخ (ناصر بن مبخوت الأحمر) في أواخر القرن الثاني عشر الهجري الذي يعده بعضالمؤرخين المجدِّد الثاني لدور أسرة آل الأحمر في المجتمع اليمني. وفي الوقت نفسهظهر اسم الشيخ (ناشر بن علي يحيى الأحمر) الذي كان أحد قادة جيوش الإمام محمد بنيحيى حميد الدين ضد الأتراك، وقد لقي مصرعه بعد أن وقع أسيراً لدى الأتراك بعدمعركة حامية معهم في (كوكبان).
أما الشيخ (ناصر بن مبخوت الأحمر) فقد أدى دوراً هاماً في نصرة الإمامالمنصور محمد حميد الدين ثم ابنه الإمام يحيى طوال سنوات الحرب ضد الوجود العثمانيالثاني في اليمن، فقد كانت بلاد حاشد بمختلف مناطقها هي الأرض التي احتضنتالإمامين وآزرتهما حتى دخول الإمام يحيى صنعاء وإعلانه إماماً فيها، وبعد وفاةالإمام محمد حميد الدين دعم الشيخ (ناصر بن مبخوت الأحمر) ترشيح ابنه يحيى حميدالدين للإمامة، وعندما اختلف العلماء حول الشخص المناسب أصر الشيخ (ناصر بن مبخوتالأحمر) على تولية (يحيى) وخاطب كبار العلماء في ذلك قائلاً لهم: (ما بشغير سيدي يحيى).
عندما عقد الإمام يحيى صلح (دعان) مع الأتراك كان الشيخ (ناصر)معارضاً للصلح ولموقف الإمام يحيى نتيجة للتعبئة الإمامية ضد الأتراك، فقد فوجئالشيخ ناصر مبخوت الأحمر أن الإمام يحيى بدأ يتحدث عن الأتراك بأنهم مسلمون أخوةلليمنيين بعد أن كان يصفهم بأنهم مستعمرون، بغاة، كفار تأويل، وأن من قتل تركياًدخل الجنة ! ومن الواضح أن هذا التغيير في موقف الإمام يحيى قد استثار غضب عدد منزعماء ومشائخ حاشد وبكيل لأن التغيير حدث دون استشارتهم فاعتبروه كالطعنة في ظهورهم، ونكث بالعهد الذي ناصروا الإمام على أساسه وهو دفاعهم عن الدين والخلافة المتمثلةفي الإمام والإمامة، وفي تلك الأيام لم يكن الناس يدرون ما يدور خارج مناطقهمفضلاً عن أوطانهم، ولذلك كان صلح (دعان – الذي فرضته ظروف إقليمية وعالمية – مفاجأة للشيخ (ناصر بن مبخوتالأحمر) الذي فضّل بعد ظهور الخلاف مع الإمام (يحيى) الالتحاق بالإمام محمدالإدريسي في عسير والمخلاف السليماني لمناصرته في حربه ضد الأتراك، ولميكن الشيخ (ناصر الأحمر) وحده في هذا الموقف بل كان معه مشائخ من حاشد وبعض مشائخبكيل وفي مقدمتهم آل الشايف، ومشائخ من أرحب، وسفيان.
رغم موقف الشيخ (ناصر بن مبخوت الأحمر)، إلا أن الإمام يحيى كان يهابه وقدظل حريصاً على التودد إليه بعد سقوط دولة الإمام الإدريسي، وكان الإمام يتجنبالإساءة إليه وإلى (حاشد)، احتراماً لمكانته وماضيه ودوره مع حاشد في نصرةالأئمة وخاصة الإمام يحيى وأبيه قبله.
وبعد وفاة الشيخ (ناصر بن مبخوت الأحمر)، بدأ الإمام يحيى مواجهته العسكريةلقبيلة (حاشد) وأبناء الشيخ ناصر بن مبخوت الأحمر وقد بدأت المواجهة في (حجة) حيثأيد الشيخ (ناصر بن ناصر بن مبخوت الأحمر) (محسن شيبان) في مواجهته للإمام يحيى،وأرسل أخاه الشيخ (حسين بن ناصر بن مبخوت الأحمر) لمناصرة محسن بن شيبان الذي ثاربسبب قيام الإمام يحيى بحبس أخيه يحيى بن شيبان الذي كان مسؤولاً عن (حجة) بتهمةإجراء اتصالات مع الإدريسي..ونجح الهجوم على حجة، وتمكن المهاجمون بقيادة الشيخ (حسين بن ناصر الأحمر) ومحسن شيبان من الاستيلاء على قاهرة حجة وبعض حصونها فيماكان أمير حجة سيف الإسلام أحمد بن يحيى خارج المدينة ، لكن الإمام أرسل وساطة كاننتيجتها انسحاب المهاجمين بسلام وعودتهما إلى بلاد العصيمات.
وفي إطار المواجهة مع الإمام يحيى، قاد الشيخ ناصر بن ناصر الأحمر بنفسهجيشاً للسيطرة على حجة رداً على قيام سيف الإسلام أحمد بتخريب البيوت والحصون، وقداشتبكوا مع عامل نيسه، الذي اعترضهم قبل وصول حجه بإيعاز من الإمام يحيى لإتاحةالفرصة للسيف أحمد لترتيب أموره والاستعداد الحربي وعلى الرغم من أن هذه المعركةاستنفذت جزءاً من قوة المهاجمين إلا أنهم تمكنوا من الاستيلاء على حصن (نيسه) وغنموا ما فيه من (الحبوب) التي كانت من أهم حاجات الناس حينذاك، ومثلما حدثفي قاهرة حجة فإن الإمام أرسل وساطات من كبار العلماء وزعماء القبائل للصلح بينالإمام يحيى وبين زعماء آل الأحمر..وتم الاتفاق على إيقاف الاعتداءات على مناطقوحصون آل الأحمر مقابل انسحاب قوات حاشد من المناطق التي احتلتها.
وبعد فترة عاد الخلاف بين الإمام يحيى وبين الشيخ ناصر بن ناصر الأحمر،وأرسل الإمام جيشاً كبيراً حاصر حصن (حبور) في (ظليمة) وضربوه بالمدافع تحت مبررأن أهل مناطق حاشد من رعية الإمام ولا ينبغي أن تبقــى تحت سيطرة الشيخ (ناصرالأحمر)، وأيضا تحت مبرر ضمان توريث النساء، كانت الحملة مكونة من جيوش متتالية: الأولى عام 1341هـ بقيادة الشريف عبد الله الضمين، والثانية بقيادة الأمير عبد الله أحمد الوزير عام 1343هـ، وثالثة الحملات وأكبرها كانت بقيادة أمير حجةأحمد بن يحيى 1346هـ..وكانت نتيجة كل هذه الحملات انتصار جيوش الإمام يحيى وفرضسيطرتها مما أدى إلى إذعان (آل الأحمر) وتسليمهم للرهائن المطلوبين بعد أن أبدوامقاومة شديدة.
وكان من نتائج الوساطة التي قام بها العلامة محمد محسن الشهاري للإصلاح بينالإمام يحيى وبين آل الأحمر أن قرر الشيخ ناصر بن ناصر الأحمر مغادرة البلادنهائياً، والنزوح إلى نجران سنة 1346ه حيث لجاء إلى الشيخ سلطان بن أحسن بن منيفشيخ قبائل جشم يام، وعدم البقاء تحت سيطرة الإمام، وعندما بدأت علامات الحرباليمنية السعودية تلوح في الأفق توجه الشيخ ناصر الأحمر إلى الرياض حيث خيّره الملكعبد العزيز آل سعود أن يقيم حيث يشاء فاختار البقاء في (أبها) عاصمة عسير، ومنهاتزوج وعاش حتى مات سنة 1362هـ.
بعد نزوح الشيخ (ناصر بن ناصر الأحمر) إلى خارج اليمن، انتقلت زعامة آلالأحمر وقبيلة حاشد إلى أخيه الشيخ (حسين بن ناصر الأحمر)، وهو من مواليد عام 1318هـ بحصن (حبور)، وتربى تحت إشراف أبيه الشيخ (ناصر بن مبخوت الأحمر)، وشاركوالده ثم شقيقه في الأحداث العاصفة التي مرت بها اليمن وبلاد حاشد ابتداء من انضماموالده إلى الإمام محمد بن علي الإدريسي، ثم شارك مع شقيقه في المواجهة الحربيةالطويلة التي تمت بين جيوش الإمام يحيى وبين آل الأحمر وأنصارهم من حاشد وبكيل حتىانتهت المواجهة بانتصار الإمام يحيى ونزوح الشيخ (ناصر بن ناصر الأحمر) إلى نجرانواستقراره في عسير.. أما الشيخ (حسين بن ناصر الأحمر) فقد تسلم زمام القيادة وبعدانتهاء المواجهة العلنية حيث بدأت مرحلة الحذر والمكـائد الخفية ضد (آل الأحمر)،لكن الشيخ (حسين الأحمر) مكث جزءاً من هذه الفترة في أملاكه وبين أهله، ورزق ابنهالأكبر (حميد) عام 1349هـ ثم ابنه الثاني الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر عام 1351هـ. ثم ابنه الثالث يحي بن حسين الأحمر في فترة لاحقة عام 1368ه. كما رزقالشيخ حسين بن ناصر بابنتين الأولى هي أم جبران مجاهد أبو شوارب والثانية هي أمغسان محمد عبد الله أبو لحموم.
ومع أن الأوضاع استقرت لمصلحة الإمام يحيى بعد انتهاء مقاومة (آل الأحمر) وأنصارهم، إلا أن العلاقة بين الطرفين ظلت متوترة، واستمرت سياسة الإمام قائمةعلى نهج إيذاء (آل الأحمر) ومحاولة تحجيمهم عن طريق سلسلة من المضايقات التي طالتأملاكهم وبغرض استنزاف قوتهم المالية بعد أن تم القضاء أو تحجيم قوتهم الحربية،واضطر الشيخ (حسين بن ناصر الأحمر)، وشقيقه غالب بن ناصر الأحمر، للتواجد في صنعاءفترات طويلة لمتابعة القضايا والمشاكل التي كان يثيرها الإمـام وأبناؤه ضد (آلالأحمر) مما سبّب لهم خسائر كبيرة بسبب مصروفات البقاء في صنعاء والتقاضي أمامالمحاكم حتى خسر (آل الأحمر) كثيراً من أموالهم ولم يبق معهم إلا الأراضي الزراعيةالتي لم تسلم هي الأخرى من الأدعياء الذين كانوا يزعمون أنها لهم بتحريض من الإماميحيى وأبنائه.
كان من ترتيبات الصلح إيداع رهائن من (آل الأحمر) لدى الإمام يحيىفي صنعاء، وفي البداية تم وضع رهينتين هما الشيخ (عسكر بن ناصر) شقيق الشيخ (حسينبن ناصر) والشيخ حمود بن ناصر بن ناصر الأحمر، وظلا رهينتين حتى ماتا واحداً بعدالآخر، وتم إلزام (آل الأحمر) بتقديم رهينتين جديدتين بدلاً عنهما فكان الشيخ (حميد بن حسين الأحمر) ابن السنوات التسع والشيخ (علي بن غالب الأحمر) هما الرهينتينالجديدتين على اشتراط أن يتم نقلهما من صنعاء إلى (حجة) ليكونا قريبا من أهلهما.
ظلت علاقة (آل الأحمر) بالإمام يحيى وأولاده يشوبها التوتر وعدم الثقة،فبالإضافة إلى احتجاز رهينتين من أبناء (آل الأحمر) فقد ظل الشيخ (حسين بن ناصرالأحمر) مضطراً للتردد والبقاء فترات طويلة في صنعاء لدى الإمام يحيى لمتابعةالقضايا والمشاكل التي كان الإمام يحيى وأولاده يثيرونها ضد (آل الأحمر) بغرض إنهاءمكانتهم القيادية في قبيلة حاشد، واستمر الحال على ذلك عشرين عاماً من 1347هـ حتى 1367هـ.
وعندما قامت ثورة 1948م الدستورية، دعا ولي العهد أحمد بن يحيى حميدالدين القبائل لنصرته والانتقام لأبيه المقتول، وفي أثناء تحركاته لحشد الجيوشلإسقاط ثورة الدستور التقى ولي العهد بالشيخ (حميد بن حسين الأحمر في منطقة الأمانبحجة فأخذه معه رهينة في حجة حيث استقر ولي العهد لقيادة الحرب ضد ثورة الدستور،وكان احتجاز الشيخ (حميد الأحمر) بمثابة رسالة لوالده الشيخ (حسين بن ناصر الأحمر)بضرورة المشاركة في حشد القبائل في المعركة ضد الثورة.
ومن جانبه كان الشيخ حسين بن ناصر الأحمر متواجداً في منطقته عند قيامالثورة، وكان سيف الإسلام الحسن بن يحيى كذلك في المنطقة نفسها، وقد ألزم (الحسن) (الشيخ حسين الأحمر) بتحريك القبائل لمناصرة الإمام لكنه تباطأ في تنفيذ الأمر رغمأنه لم يكن مقتنعاً بشخصية الإمام الجديد في صنعاء: الإمام أحمد عبد الله الوزيرالذي كان أحد قادة جيوش الإمام يحيى التي بطشت بالمعارضين بقسوة. وهكذا فالشيخحسين الأحمر لم يكن مقتنعاً بالإمام الجديد في صنعاء، ولم يكن كذلك متحمساً لإجهاضالثورة فكانت تحركاته بطيئة فلم يصل إلى (عمران) التي كانت منطقة حشد القبائلللهجوم على صنعاء إلا بعد أن سقطت ثورة الدستور 1948م، وقد أدى هذا الموقف إلىإثارة استياء الإمام أحمد وأثار ضغينته فأضافها إلى ما سبق من الضغائن ضد آلالأحمر.
بعد فشل ثورة 1948م، واتضاح موقف الشيخ حسين بن ناصر الأحمر السابق للإمام، بدأ فصل جديد من المضايقة الإمامية، فقد أمر الإمام أحمد بسجن الشيخ حسين الأحمر بحجة أن الشيخ باقي بن ناصر النقيب، أحد مشائخ العصيمات وكان وكيلاًللشيخ حسين الأحمر في صنعاء، كان من المؤيدين لثورة الدستور 1948م، وكان قد تمكنمن الخروج من صنعاء والاخـتفاء، فـكان ذلك الأمـر مبرراً للإمام أحمد ليقوم بسجنالشيخ حسين الأحمر حتى يظهر الشيخ (باقي النقيب) الذي كان قد تمكن من الهروب إلىالسعودية.
ظل الشيخ حسين بن ناصر الأحمر محبوساً لدى الإمام أحمد في تعز، وابنهالشيخ حميد الأحمر محبوساً في (حجة)..ولم يكن يسمح لهما بالخروج إلا بتسليمرهينة بدلاً عن كل واحد منهما خلال مدة السماح لهما بالسفر وزيارة الأهل، وكانالرهينة هو الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الذي كان شاباً صغيراً لكنه اضطرللإشراف على شؤون عائلته بسبب غياب والده وشقيقه الأكبر في سجون الإمام..كما كانيقضي شهوراً طويلة في التردد على مقام الإمام في تعز للمراجعة لوالده أو لشقيقهليتمكنا من زيارة الأهل.
سنحت للشيخ حميد بن حسين الأحمر أثناء سجنه في حجة بعد ثورة 1948م فرصةأن يلتقي بعدد من أكابر العلماء والمفكرين والسياسيين الذين سجنوا في حجة بسببمشاركتهم في ثورة الدستور…وتتلمذالشيخ حميد الأحمر على أيدي هؤلاء النوابغ في العلم والسياسة والأدب، واستفادمنهم فوائد عظيمة جعلته شخصية جديدة وصاحب طموحات كبيرة، ومهتماً بالقضية الوطنية، وعندما انتهت فترة السماح له بالخروج من السجن رفض العودة إلى (حجة) وفضلالذهاب إلى تعز، وهنالك أعجب به (الإمام) فلم يسجنه واستبقاه معه في (المقام) الذييعيش فيه أولاد الإمام والأمراء من بيت حميد الدين، وكان يشارك في جلسات المقيلالتي يحضرها الإمام أحمد ، وبدأ ببناء علاقات مع أمراء البيت الحاكم وخاصة الأميرمحمد البدر، كما أقام علاقات مع عدد من رموز القضية اليمنية مثل القاضي عبد الرحمنالإرياني الذي كان بمثابة الزعيم الروحي للأحرار، وظل الإمام أحمد حريصاً علىمرافقة الشيخ حميد الأحمر له، وأخذه معه مرتين: الأولى أثناء ذهابه إلى صنعاء 1954م لاستقبال الملك سعود بن عبد العزيز، والثانية عند سفره إلى جدة.
وفي هذه الأثناء كان الشيخ حسين بن ناصر الأحمر إما في الإقامة الجبرية،أو في البلاد حينما يسمح له الإمام بالذهاب إلى أهله وقريته، وبعد حركة الثلايا 1955م طلب الإمام أحمد عودة الشيخ حسين الأحمر إلى تعز لكنه أرسل ابنه الشيخعبد الله بن حسين الأحمر بدلاً منه..وتوثقت علاقة ابني الشيخ حسين الأحمر (حميد، وعبد الله) بالإمام أحمد خلال وجودهما في تعز، وتحسنت العلاقة نسبياً بين الإماموبين آل الأحمر من خلال شخصية الشيخ حميد الأحمر الذي أصبح محل ثقة الأمير محمدالبدر من خلال دوره في أخذ البيعة للبدر كولي للعهد، وهي القضية التي تبناها عددمن الأحرار بغرض إضعاف بيت حميد الدين لمصلحة القضية الوطنية.
وعندما سافر الإمام أحمد للعلاج إلى إيطاليا عام 1958م رافق الشيخ حميدالأحمر ولي العهد البدر إلى صنعاء، وسمح للشيخ حسين الأحمر بالذهاب إلى القرية،وعندما قام عدد من الجنود بحركة احتجاجية في صنعاء لأسباب خاصة ليس لها علاقةبالقضية الوطنية، استعان (البدر) بالشيخ حسين بن ناصر الأحمر، وطلب منه أن يقومبتهدئة المحتجين ففعل ذلك.
وبعد فترة قام الجنود بحركات احتجاجية جديدة في تعز وإب وصنعاء مما أثارمخاوف (البدر) الذي طلب من مشائخ القبائل– وفي مقدمتهم آل الأحمر- التعجيل بالدخول إلىصنعاء، وتوافد مشـائخ القـبائل مـن كــل مكـان إلى صنعاء، واستغل الشيخ حميدالأحمر، ومعه عدد من المشائخ، مثل الشيخ سنان أبو لحوم والقاضي أحمد السياغي، هذهالفرصة فقاموا بتوعية مشائخ القبائل وتعبئتهم ضد الوضع القائم وتهيئة أذهانهموعقولهم بضرورة تغيير الأوضاع، ونشأت من خلال القاضي عبد السلام صبره قواسم مشتركةبين أولئك المشائخ وبين العلماء والمثقفين وضباط الجيش والأمن.
أثارت هذه الأوضاع مخاوف لدى الإمام أحمد الذي كان متواجداً في إيطالياوتصله أخبار ما يحدث في صنعاء من دعوات للتغيير عبر الجواسيس والشخصيات المرتبطةبه، والتي أسندت كل ما يحدث للشيخ حميد بن حسين الأحمر باعتباره الزعيم الأول معالقاضي السياغي، كما أثار مخاوف الإمام من ازدياد شعبية الشيخ حميد الأحمر بينمشائخ القبائل الذين التفوا حوله ، فقد حدث أنه عندما دخل الشيخ حميد الأحمر معقبائل صعدة إلى صنعاء أن جرى له استقبال كبير، وهو راكب حصاناً، واحتفوا بهاحتفاء كبيراً أطلق فيه الرصاص في الهواء وتعالت زغاريد النساء ورجال القبائلينشدون ويرحبون به بزامل شعبي:
إمامناالناصر ومن بعده حميد سبحان من رد العوائد لأهلها
وقد أدى كل ذلك إلى زيادة مخاوف الإمام، واشتعال أحقاد الماضي ضد آلالأحمر، فلم يعد الأمر عائداً إلى مكانتهم القبلية بل تطور إلى خوف على السلطةنفسها حيث بدأ الشيخ حميد وكأنه ينازعه (الملك) فكان ما كان من معاناة انتهتبإعدام كل من حميد الأحمر ووالده حسين بن ناصر الأحمر سنة 1959م على يد الإمامأحمد مما عجل بزوال ملك أئمة اليمن سنة 1962م.
[...].
حــــاشــــد فــي التــاريــــخ
[...]
وتضم قبيلة حاشدأربعة بطونرئيسيةهي:
أ – العصيمات: أكبر بطون حاشد ومركزها مدينة (حوث)،وهي من أقدم الهجر العلمية وأشهرها، وبرز في تاريخها عظماء مثل (نشوان الحميري) صاحب موسوعة شمس العلوم، ووصفها الجندي صاحب كتاب السلوك بأنها (مدرسة الزيديةتخرج منها جماعة من علمائهم).
وبسبب الارتباط بين الأئمة الزيديين والقبائل الشماليةالشرقية، وجد عدد من الأئمة في بلاد حاشد -خاصة حوث- ملاذاً آمناً ودعماً ومؤيدينمن رجال القبائل الذين كانوا يتعاطفونمعآل البيت الداعين لأنفسهم بالإمامة وآخرهمالإمام محمد يحيى حميد الدين وابنه الإمام يحيى حميد الدين.
ب- خارف: ومركزها (هجرة الصيد) ثم (ذي بين)، وكانت– أيضاً –من مراكز العلم والعلماء، وذكر القاضي الأكوعفي كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) أسماء 55 عالماً وفقيهاً منها، ونسب إلى(خارف) عدد من الشخصيات التاريخية مثل (عميرة بن مالك الخارفي) الذي ترجم له (الحافظ ابن حجر) في الإصابة، ومثل (أبو هشام عبد الله بن نمير الهمداني الخارفيالكوفي) الذي ترجم له الإمام الذهبي في (تذكرة الحفاظ)، وتشتهر (ذي بين) مركزخارف بزراعة العنب الذيبني ويطلق عليه العنب الجُبَري، ويوجد فيها قبر الإمامالمهدي أحمد بن الحسين الملقب بـ (أبو طير).
ج – بنو صريم: ومركزها خَمِر، وهي بلدة مشهورة في (حاشد) حتى الآن، وولد فيها أسعد الكامل (أسعد تبع)، وتوجد فيها آثار حميريةعجيبة، وذكر (نشوان الحميري) أن ملوك حمير كانت تعيش في بعض مناطق خمر.
د – عِذَر: ومركزها القفلة...ومنهمعِذَر مصرة في بلاد نهم.
بدأ الدور التاريخي لقبيلة (حاشد) في التبلور منذ ساندتالقبائل في المناطق الشمالية الشرقية الدعوة الزيدية التي جاءت مع الإمام الهادينهاية القرن الثالث الهجري، ومنذ ذلك الوقت التحمت (حاشد) بالتطورات السياسيةالتي شهدتها تلك المناطق، وكانت بلاد حاشد أرضاً لصناعة تاريخ الأئمة المتعاقبينبتأييدهم أو بقتالهم، وفي زمن الوجود العثماني الأول برز دور قبيلة (حاشد)تأييداً للأئمة الذين قادوا الثورات المتعاقبة ضد العثمانيين حتى تم جلاءالعثمانيين عن اليمن وقيام الدولة القاسمية، وعندما ضعفت الدولة القاسمية واشتعلالصراع من جديد بين المتنافسين على الإمامة، كان لحاشد موقع دائم وبارز في الأحداثالتي شهدتها اليمن، آنذاك، وعصفت بالبلاد لمدة قرنين من الزمان، وفـي الكتبالتاريخية عن تلك الفترة يتردد اسم (حاشد) وبشكل واضح ومستمر.
عاد العثمانيون إلى اليمن، عام 1849م، بعد اشتداد الخطرالأوربي على السواحل الجنوبية للجزيرة العربية واحتلال الانجليز لميناء عدن، وقادالإمام محمد يحيى حميد الدين ثورة ضد العثمانيين بمساندة من القبائل وخاصة قبيلة (حاشد) التي دعمت الإمام ثم ابنه يحيى حميد الدين ووفرت لهما الإقامة والحمايةوالدعم.
وبعد عقد صلح (دعان) بين الإمام يحيى حميد الدين وبينالإدارة العثمانية (1911م) بدأت العلاقات تتوتر بين الإمام وبين زعيم حاشد الشيخناصر مبخوت الأحمر رغم دور هذا الأخير في إسناد الإمامة للإمام يحيى بعد وفاةوالده، وبرغم دوره في الحرب ضد الأتراك، لكن الخلاف ظهر بين الرجلين لأسبابمتعددة ، فمن قائل أن الشيخ ناصر الأحمر كان متحفظاً على بعض بنود صلح (دعان)مما دعاه إلى مغادرة بلاده والالتحاق بالإدريسي الذي كان يحكم عسير ونجران...ومن قائلأن غضب زعيم حاشد كان بسبب تنكر الإمام يحي لدور حاشد في إيصاله إلى الحكم وعدمتقدير الإمام يحيى للأوضاع الصعبة التي كانت تعيشها (حاشد) بسبب قتالها مع الإماميحيى ضد الأتراك، حيث بدأ الإمام بمطالبة (حاشد) بدفع المتبقي من واجبات الزكاةكمبرر شرعي لتغيير موقفه من حاشد، وتقديم الرهائن لضمان ولائها، وتسليم الأسلحةالثقيلة والخفيفة التي كانت بحوزتها..بالإضافة إلى ذلك فإن الإمام يحيى لم يرد أنيرى أحداً يشاركه الحكم فبدأ بتقليص نفوذ وجهاء الريف وأعيان المدن وقادة الجيوشالقبلية الذين دعموه في الحرب ضد الأتراك.
في عام 1918م آلت السلطة كاملة في صنعاء إلى الإمام يحيىبعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى وخروجها من اليمن، وكان أول صدام مسلحبين الإمام يحيى وقبيلة (حاشد) أكبر الداعمين له ضد الأتراك، بدأت المواجهةالمباشرة بين الإمام يحي وبين قبيلة (حاشد) بقيادة الشيخ ناصر بن ناصر مبخوت الأحمرالذي قاد المواجهة ضد الإمام يحيى في (حجة) و(نيسا) القريبة منها، ثم اتسعتالمواجهة لتشمل أرض حاشد، وأرسل الإمام يحيى الجيوش المتتابعة ضد حاشدالمشرق لرغبته في أن يكونوا رعية لا أنصاركما كانوا طائعينكغيرهم من اليمنيينوكانت آخر حملة عسكرية هي التي قادهاولي العهد أحمد بن يحيى ح
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
رد: بنو الأحمر الخزرج الأندلسيون وآل الأحمر اليمنيون أبناء عمومة
تابع للموضوع:
وكانت آخر حملة عسكرية هي التي قادها ولي العهد أحمد بن يحيى حميد الدين 1346هـ واتجهت نحو (العصيمات)، وتمكنت من القضاء على أخر مقاومة في حاشد الذين أذعنوا لحكم الإمام وسلموا رهائنهم ولكن بعد مقاومة ضارية.
ولم يبق بيد الشيخ ناصر بن ناصر مبخوت الأحمر إلا المغادرة والتوجه إلى نجران والالتجاء بالملك عبد العزيز حيث استقر في أبها عاصمة (عسير) وأقام فيها حتى مات عام 1362هـ.
وقد تولى الزعامة من بعده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر رغم حضوره الفاعل والمؤثر في الأحداث قبل مغادرة أخيه ناصر بن ناصر إلى عسير. وعندما قامت ثورة 1948م ضد الإمام يحيى، حشد ولي العهد أحمد بن يحيى جيوشاً من القبائل لإسقاط الثورة وحصار صنعاء، وشاركت في ذلك بعض القبائل من حاشد ،لكن حاشد كقبيلة موحدة وزعيمها الشيخ حسين بن ناصر الأحمر لم تشارك فعلا،ً وتباطأ الشيخ حسين الأحمر في الاستجابة لطلب بيت حميد الدين بالمشاركة ولكنه في الوقت نفسه لم يكن مقتنعاً بالإمام الجديد عبدالله بن أحمد الوزير الذي كان أحد قادة الحرب الذين استعان بهم الإمام يحيى في فرض سيطرته بالقوة والقمع على البلاد ومنها حاشد.
وفي نهاية الخمسينيات اضطربت الأمور في صنعاء عند مرض الإمام أحمد، واضطر ولي العهد (البدر) إلى الاستعانة بالقبائل لمواجهة تمرد العساكر، وأدى ذلك إلى بروز دور زعماء القبائل ومنهم الشيخ حسين بن ناصر الأحمر وابنه حميد، وبعد عودة الإمام أحمد من إيطاليا 1959م كان متوجساً من حركة القبائل وخـاصة مـن دور الشيخ حميد الأحمر الذي التف حوله مشائخ القبائل، وتطورت الأمور بعد ذلك وجرد الإمام أحمد حملة عسكرية ضد حاشد التي أقسم أن يهدمها حجراً حجراً وأن يقلع أشجارها شجرة شجرة، واستعد رجال القبائل لمواجهة جيوش الإمام لكن تفرق بعض القبائل وعدم التزام بعض زعمائها بالاتفاق أدى إلى تفكيك جبهتها، فلم يعد زعماء الحركة قادرين على مواجهة حملة الإمام، وانتكست الحركة، واضطر زعماؤها بقيادة الشيخ حميد الأحمر إلى محاولة النزوح إلى عدن عبر بيحان ولكن تم إلقاء القبض على (حميد الأحمر) ثم والده الشيخ حسين الأحمر وإعدامهما في حجة، ورافق ذلك دخول جيوش الإمام إلى بلاد حاشد حيث تم اعتقال مشائخ حاشد وبعض مشائخ برط، ونشر الخراب والدمار وقلع أشجار البن.
وبعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 62م وخروجه من سجن المحابشة في اليوم الثاني لها ووصوله إلى صنعاء تولى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر قيادة قبائل حاشد في مواجهة الملكيين، وخاض أبناء (حاشد) معارك عديدة لنصرة الثورة والجمهورية طوال سنوات الحرب الأهلية من 62-1970م، ورغم كل التطورات السلبية والمشاكل التي واجهت الصف الجمهوري والصراعات الداخلية بين الجمهوريين إلا أن (حاشد) ظلت وفية وراء قيادتها تحمل البندقية دفاعاً عن الثورة والجمهورية حتى أطل فجر السلام وانتصار الجمهورية عام 1970م.
القبيلة في اليمن: دور القبيلة في التاريخ
أولاً :الدور السياسي للقبيلة قبل ظهور الإسلام
عرفت كل المجتمعات الإنسانية (القبيلة) كشكل من أشكال الاجتماع البشري الذي ينشأ من تجمع عدد من الأسر التي ترتبط فيما بينها بصلات القرابة والعيش في مكان واحد.
و(القبيلة) في اليمن ظاهرة تاريخية، سياسية، ثقافية واجتماعية عرفتها بلاد اليمن عبر مراحل تاريخها الطويل ، ومنذ بداياته الأولى..وكما هو معروف فإن (القبيلة) في اليمن تتكون من مجموعة من الأفراد والأقسام يرتبطون فيما بينهم بصلة نسب وقرابة عائلية، وتجمعـهم روابـط تـاريخيـة، ثقافية، ودينية واحدة ، ويسكنون أرضاً محددة (أي تجمعهم وحدة سياسية) ويستغلــون ثرواتها ومواردها الطبيعية بصورة مشتركة (أي تجمعهم وحدة اقتصادية...) وقد أدت كل هذه العناصر دوراً كبيراً في المحافظة على الوحدة القرابية والسياسية للقبيلة.
وفي اليمن القديم– قبل الإسلام –كانت القبيلة– أيضاً –تمثل وحدة اجتماعية (قرابية)، وسياسية (مكانية) واقتصادية ودينية واحدة، وكانت القبيلة تمثل الوحدة الأساسية للتكوين الاجتماعي في اليمن القديم بدءاً من الأسرة والعائلة الممتدة في قرية محددة وانتهاء بالقبيلة الكبيرة أو الاتحاد القبلي في عدة مناطق.
كان مشائخ القبائل والعشائر يمثلون أعلى المراتب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فهم يمثلون السلطة السياسية الرسمية في القبيلة التي تقوم بتسيير أمورها عن طريق مجلس قبلي يتشكل من مشائخ القبيلة وأعيانها ووجهائها.
ويشير المؤرخون إلى أن الدول اليمنية في كثير من المراحل كانت من صنع الجماعة القبلية، حيث أدت الجماعات القبلية في اليمن القديم دوراً مهماً في تكوين الدولة أو سقوطها مثل (معين– سبأ –حمير)، لأن تلك الدول تكونت أساساً من الاتحاد القبلي الذي يضم عدداً من القبائل والعشائر التي يرأس كل منها عدد من (الأذواء) و(الأقيال). والى جانب (العرش) الذي يمثل سلطة الملك كان هناك (المجلس القبلي) الذي يمثل مختلف الجماعات القبلية ويضم (الأذواء) و(الأقيال) الذين يتولون إدارة الشؤون المحلية في مناطقهم. كان (الملك) يستشير كبار رجال الدين ورؤساء القبائل ويأخذ رأيهم في أمور السلم والحرب أو المشكلات الأخرى التي تواجهها الدولة حرصاً من (الملك) على الاستعانة بما تمثله القبائل من نفوذ وتأثير في دعم نظام الحكم والمحافظة على استقراره.
والثابت تاريخياً أن زعماء القبائل كان لهم دور سياسي هام ابتداء من عهد ملوك سبأ في العام 500 قبل الميلاد، لكن الزعامات والوحدات القبلية كانت تلجأ للتمرد وإعلان العصيان على الدولة والسلطة المركزية كلما أحست بتنامي قوتها ونفوذها، أو بزوال المنفعة والمصلحة من ارتباط القبيلة بالدولة، أو في مواجهة سعي الدولة إلى تشديد هيمنتها على القبائل والقضاء على استقلالية الجماعات القبلية والحد من نفوذها، وكل ذلك كان يدفع الجماعات القبلية للبحث عن تحالف جديد أو اتحاد قبلي آخر أو تقوم بتكوين دولة مستقلة عن طريق إخضاع وضم جماعات قبلية جديدة.
وفي العهود الأخيرة للدول اليمنية القديمة ولا سيما عند نهاية عهد دولة حمير وضعفها– وهي آخر الدول اليمنية قبل الإسلام –تنامى نفوذ وقوة الزعماء القبليين بسبب ازدياد ضعف الدولة وازدياد اعتماد الملوك عليهم ، مما دفع زعماء الجماعات القبلية إلى تكوين ممالك وإمارات مستقلة خاصة بهم.
وفي كل الأحوال فقد تأثرت الدولة والقبيلة ببعضها بعضاً حتى في القوانين والتشريعات التي تصدرها الدولة ، وظل أثر القبيلة بارزاً في تكوين الدولة، وتوطيد أركانها و الدفاع عنها.. وفي المقابل كانت الدول اليمنية القديمة تواجه متاعب ومقاومة شديدة عندما تسعى للقضاء على استقلالية الجماعات القبلية والحد من نفوذها مما كان يؤدي إلى إضعاف الدولة ونشؤ الاضطرابات والقلاقل .
ثانياً : الدور السياسي للقبيلة بعد ظهور الإسلام.
احتفظت القبائل اليمنية بعد ظهور الإسلام واعتناق اليمنيين للدين الجديد بنظمها الاجتماعية، وتقاليدها، وأعرافها القديمة، طالما أنها لم تكن متعارضة مع المبادئ والتشريعات الإسلامية، كما احتفظت بتقسيماتها القرابية والسياسية .
بدأ اعتناق اليمنيين للإسلام بصورة فردية أو مجموعة أفراد حتى كان العام التاسع للهجرة عندما دخل اليمنيون في الإسلام أفواجاً أفواجاً وذهب ممثلو القبائل إلى (المدينة المنورة) لمبايعة الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم- الذي أرسل عدداً من كبار الصحابة– رضوان الله عليهم –لتعليم اليمنيين مبادئ الإسلام .. وباستثناء فتنة الأسود العنسي في نهاية عهد الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم- فلم يشهد اليمن قلاقل خطيرة، وسرعان ما انخرط اليمنيون في حركة الفتوحات الإسلامية وأسهموا فيها إسهاماً جليلاً في بلاد العراق وفارس وما وراء النهرين، وفي بلاد الشام ومصر وشمال إفريقيا وصولاً إلى بلاد الأندلس في جنوب أوربا .
وفي عهود الخلافة الراشدة والدولتين الأموية والعباسية ظلت أوضاع الجماعات القبلية في اليمن كما كانت ، فقد اكتفت العواصم الحاكمة في بغداد أو دمشق بتعيين ممثليها الذين أطلقت عليهم ألقابا مثل: (الولاة – الوزراء – الأمراء)، وهؤلاء كانوا يتولون مهمة حفظ النظام في الولايات والمدن الإسلامية أما المناطق القبلية فقد استعانت الدول المتعاقبة بزعماء القبائل في إدارة شؤونها المحلية، وبقيت الأحوال فيها وفق النظام القبلي المعهود حيث كانت المناطق القبلية تحكم نفسها تحت زعامة رؤساء العشائر والقبائل القوية.
أدت التطورات السياسية في اليمن، و لاسيما بعد ضعف الدولة العباسية وبدء ظهور الدول اليمنية المستقلة، إلى عودة تنامي نفوذ الزعماء القبليين المحليين وخاصة عند اشتداد الصراعات على السلطة بين زعماء ومناصري الطوائف الدينية المختلفة بعضهم بعضا، أو بينهم كل على حدة، وبين الدول المحلية التابعة لدولة الخلافة في دمشق أو بغداد أو القاهرة بسبب محاولات فرض نظام شمولي محل النظام القبلي مما كان يؤدي إلى تذمر الفلاحين واستيائهم وثورتهم على الدولة، ولذلك تميزت الحياة السياسية في اليمن بعدم الاستقرار والاضطراب السياسي، وأدى ذلك إلى ظهور النزوع الاستقلالي لدى الجماعات القبلية المحلية، كما ساعد على ذلك الظروف الجغرافية الصعبة والعوامل الاجتماعية و المذهبية.
وفي العام (284هـ – 897م) جاء الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى اليمن قادماً من المدينة المنورة بعد أن اتصل به بعض زعماء القبائل اليمنيين من (حاشد وبكيل) ودعوه للمجيء إلى اليمن في زمن سادت فيه الفوضى، وعدم الاستقرار، وضياع الحقوق، وقد ساندت تلك القبائل دعوة الإمام الهادي انطلاقاً من رغبتها في وضع حد للتناحر والاقتتال فيما بينها بتأمير واجهات دينية (مهجرة) لم تكن طـرفـاً في القتال القبلي، وكانت قبائل المناطق الشمالية الشرقية (حــاشد وبكــيل التي تنتمي لقبيلة همدان بن زيد) معروفة بولائها للعلويين تاريخياً منذ أيدوا الإمام (علي بن أبى طالب)، وظلوا على ولائهم لذرية الإمام علي، ولذلك يمكن القول إن مساندة القبائل كانت تقوم– أيضاً –على أساس قوي من الاعتبارات الدينية البحتة، والتعاطف مع (آل البيت) الذين صّوروا للقبائل معاناتهم الطويلة والمظالم والبطش والتنكيل الذي لحقهم من قبل الأمويين والعباسيين، كما اعتبرت القبائل اليمنية أنها ملزمة بتقديم الحماية والمساندة لأحفاد الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم- لأنهم ضيوف وليسوا ضمن التكوين القبلي فيجب احترامهم وحمايتهم.
ومنذ ذلك الحين تعزز الدور السياسي للقبائل اليمنية بقوة، وخاصة في المناطق الشمالية والشرقية حيث ظلت دولة الأئمة الزيديين تعيش في حدودها وتمتد فيها أحياناً وتنكمش أحياناً أثناء العهد الأول لدولة الأئمة، وظلت هذه القبائل– حاشد وبكيل –تلعب دوراً سياسياً وعسكرياً هاماً طوال عهد الإمامة الزيدية حتى سقوطها النهائي في 1962م.
ومع كل تلك الاعتبارات الدينية، فإن العلاقات العسكرية والسياسية والاقتصادية بين الجماعات القبلية من جهة وبين الأئمة من جهة أخرى اتسمت بالتقلب والتحول والتوتر والتمرد بسبب محاولة بعض الأئمة فرض نفوذهم على الشؤون المحلية للقبائل والحد من استقلاليتها، وبالإضافة إلى ذلك فقد كان التنافس بين العلويين على منصب الإمامة وقناعة كل واحد من المتنافسين بأنه أحق بها وفقاً للشروط الأربعة عشرة المشهورة، كان ذلك يزيد من التوتر والتناحر بين الأئمة وبين الجماعات القبلية، حيث كان كل داعية لنفسه بالإمامة يلجأ إلى جماعات قبلية لكسب تأييدها له ومساندتها له في حروبه ضد الآخرين..وقد أشعل هذا الصراع بين الأئمة روح العصبية القبلية بسبب الحروب الدامية المتتالية والانقسامات الشديدة بين القبائل. ويمكن القول إن عهد الأئمة الزيديين قد شهد بروز الدور السياسي والعسكري للجماعات القبلية في المناطق الشمالية الشرقية، كما أدى إلى تعزيز استقلالها وترسيخ مكانة زعمائها القبليين، وبرز أكثر دور قبائل حاشد وبكيل في الأحداث السياسية والحربية رغم بروز الصراع والعصبية القبلية التي كان الأئمة يغذونها لضرب القبائل بعضها ببعض واعتماد سياسة فرق تسد لشغل القبائل بالصراع فيما بينها حتى لا تتفق ضد حكم الأئمة ومواجهة الظلم الواقع عليها.
ومن المفارقات أنه بالرغم من أن الجماعات القبلية في المناطق الشمالية الشرقية شهدت بروز دورها السياسي والعسكري ومحافظتها على وحدتها واستقلاليتها وقوتها في زمن الدويلات التي حكمت اليمن، فإن الجماعات القبلية بالمناطق الوسطى والجنوبية شهدت ضموراً تدريجياً في قوتها ودورها السياسي بسبب نجاح الدويلات في تلك المناطق في إقامة حكم مركزى قوي عكس أثره على الدور القبلي، كما اندمج زعماء القبائل في علاقتهم مع (الدولة) التي تمكنت من تحويلهم إلى ما يشبه (كبار الموظفين) لديها، ورافق ذلك تدهور العلاقات بين الزعماء القبليين – الذين أثروا ثراء فاحشاً وتملكوا الأراضي – وبين رجال القبائل، فلم تعد العلاقات بين الطرفين قائمة على الندية والتقدير والشعور بالمسؤولية، فسادت المظالم والعداء بين الطرفين مما أفقد الظاهرة القبلية في تلك المناطق أهم مقوماتها وهو التضامن والمساعدة والمساواة والقيام بحاجات الرعية وخدمتهم .
في المرحلة الأولى من الوجود العثماني في اليمن في القرن العاشر الهجري، لم يستطع العثمانيون ضمان الاستقرار والأمن في البلاد بسبب ممارسات بعض الحكام والولاة ضد المواطنين مما مهّد لقيام ثورة ضدهم بقيادة الإمام القـاسم بن محمد عام 1045هـ، وقد لقيت هذه الثورة استجابة قوية من قبل بعض القبائل في المناطق الشمالية الشرقية بين صنعاء وصعدة، بل إن القبائل هي التي بادرت بمطالبة الإمام القاسم بالتمرد، وقام الكثير من رؤساء هذه القبائل بمراسلته سراً ودعوته للهجوم على العثمانيين بسبب تذمرهم من ممارسات ولاتهم، بل وأرسل زعماء القبائل أبناءهم إلى الإمام كرهائن لديه لتأكيد ولائهم له واستعدادهم للقتال معه، ولم يكن التذمر من سياسة الولاة العثمانيين هو السبب الوحيد لثورة القبائل بل كذلك كانت الدعاية الإمامية سبباً مهماً فقد كانت تصف العثمانيين بأنهم خارجون عن الشريعة الإسلامية، ويستبيحون المحرمات كالزنا والخمر والربا، ويمارسون المظالم والعلاقات غير السوية، ونجحت ثورة الإمام القاسم في إلحاق الهزائم بالجيوش العثمانية، واستتب الأمر للإمام بعقد صلح مع العثمانيين آلت بموجبه الأمور إليه، وامتدت سيطرة الدولة المركزية من الحجاز حتى عُمان وعاد مجدداً عهد الوحدة اليمنية .
استقرت الأمور في اليمن بعد جلاء العثمانيين لقرنين من الزمن ، لكن الصراع عاد من جديد بين المتنافسين على الإمامة، وعمت الفوضى من جديد، وضعفت سيطرة الدولة على أجزائها، وبدأ الولاة في بعض المناطق يستقلون بإدارتها، وفي فترة الفوضى هذه نجحت بريطانيا في احتلال عدن عام 1839م بعد أن صارت سيطرة صنعاء عليها اسمية، وأدى الاحتلال الإنجليزي لعدن إلى عودة الاهتمام العثماني باليمن فعاد الجيش العثماني إلى اليمن عام 1849م لكن نفوذه انحصر في الساحل التهامي بعد أن فشل العثمانيون في إحكام سيطرتهم على صنعاء، وبعد أن تجددت الخلافات بين المتنافسين على الإمامة تقدم العثمانيون نحو الشمال وسيطروا على صنعاء لكن المناطق الشمالية ظلت متمردة عليهم مع عجز الطامعين في الإمامة عن توحيد أنصارهم في مواجهة العثمانيين وبعدما بويع الإمام محمد بن يحيى حميد الدين بالإمامة بدأ بمحاربة العثمانيين، واستعان بالقبائل المحاربة من حاشد وبكيل، ولقي مساندة قوية من كبير (آل الأحمر) حينها وزعيم حاشد الشيخ ناصر بن مبخوت الأحمر، واشتبك الإمام ورجال القبائل مع العثمانيين لكن الطرفين لم يستطيعا فرض هيمنتهما على بعضهما، وبعدما توفي الإمام المنصور محمد يحيى حميد الدين تولى الإمامة بعده ابنه الإمام يحيى حميد الـدين بــدعم قوي من الشيخ ناصر مبخوت الأحمر زعيم حاشد الذي حسم الأمر وأصر على مبايعة (يحيى) إماماً في العام 1904م، وتم كل ذلك في مناطق (حاشد) حيث كان الإمام المتوفي يعيش في كنف قبيلة حاشد.
واصل الإمام الجديد يحيى حميد الدين أعمال الحرب ضد العثمانيين مستعيناً بالقبائل ، فنجح في الاستيلاء على مدن مهمة مثل (عمران) و(حجة ) و(ثلا) وحاصر (صنعاء) نفسها، وعجز الأتراك عن فك الحصار، وعجزت قوات الإمام يحيى عن دخول صنعاء حتى ساءت الأحوال بصورة مريعة هددت حياة المواطنين، ثم حدثت مفاوضات مع الإمام يحيى في (كوكبان) تم على إثرها استسلام الذين كانوا في صنعاء التي دخلها الإمام يحيى عام 1905م لكن الدولة العثمانية لم توافق على الصلح، وعاد العثمانيون بجيش عظيم تمكن من دخول صنعاء مجدداً في العام نفسه بعد انسحاب الإمام يحيى وعودته إلى بلاد (حاشد) من جديد، واستمرت المناوشات والمواجهات بين القوات التركية وبين القبائل اليمنية، ولحقت بالأتراك خسائر فادحة بسبب شدة المقاومة مما كلف الدولة العثمانية خسائر باهضة من المال والرجال، فعرض الأتراك على الإمام يحيى المفاوضات لكنها لم تؤدِ إلى نتيجة، وعادت الحروب مجدداً، وفشلت كل المحاولات لإيقاف الحروب وبسط السلام حتى نجحت مساعي الصلح في عقد اتفاق (دعان) في العام 1911م الذي احتفظ للدولة العثمانية بحق السيادة في اليمن، ومنح الإمام يحيى حق تعيين القضاة في المناطق التي يهيمن عليها، والإشراف على المسائل الشرعية وخاصة أن تكون الجباية على الطريقة الشرعية.
وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1918) ورث الإمام يحيى سلطتها في اليمن، وتأسست المملكة المتوكلية اليمنية في المناطق الشمالية والغربية فيما ظلت (عدن) والمناطق الشرقية حتى حضرموت والمهرة تحت سيطرة الإنجليز.
بدأ الإمام يحيى حميد الدين في توطيد قبضته على السلطة بمحاولة القضاء على الجماعات والأفراد الذين دعموا وصوله إلى الإمامة مما أدى إلى نشوب حروب مع القبائل التي تمردت مثل (حاشد) التي عانت من عدم تقدير الإمام لدورها في دعمه للوصول إلى السلطة ومشــاركتها في الحـــروب الطــويلة ضد الأتراك، كما شن الإمام حروباً ضد قبيلة (المقاطرة) في تعز و(الزرانيق) في الحديدة، وقمعت هذه القبائل قمعا شديدا، وأحكم الإمام قبضته على كل البلاد واستخدم القبائل ضد بعضها بعضاً في سبيل تحقيق هيمنته على كل شيء، وفي سبيل إخماد ثورة 1948م الـدستـورية أبـاح الإمـام (أحمد) العاصمة صنعاء للقبائل لمدة ثلاثة أيام انتقاماً لمقتل أبيه، وشهدت فترة الخمسينات عودة ظهور التمرد القبلي ضد الإمامة واستبدادها، وتبلورت حركة القبائل في أواخر الخمسينات لكنها انتهت بالفشل ،وعندما قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م دعمت القبائل الجمهورية النظام الجمهوري بقوة فيما انحازت عدد من القبائل إلى الجانب الملكي تحت مبرر مواجهة النفوذ الأجنبي المصري، وتعزز دور الجماعات القبلية أثناء الحرب الأهلية 621970–م، وبرز عدد من كبار المشائخ في مقدمة الصفوف أثناء الدفاع عن الثورة والجمهورية أو في ممارسة العمل السياسي في زمن السلام.
وعلى الرغم من أن دور الجماعات القبلية يبدو أكثر خفوتاً الآن، إلا أن ذلك لا يعني أن النظام القبلي قد اضمحل ، فما زال هذا النظام موجوداً وإن كان ازدياد قبضة الدولة واستيعابها لمعظم المشائخ قد أدى إلى تراجع دور الزعماء القبليين خلف دور الدولة كما أن الدولة أعادت للنظام القبلي وزعماء القبائل والعشائر اعتباره ودورهم في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ضمن إطار (اليمن الجنوبي) سابقاً بعد أن كان النظام الماركسي الحاكم هناك قد عمل على القضاء على سلطة القبائل .
وما يزال زعماء القبائل والعشائر هم أساس سلطة الدولة في المناطق الريفية، ويقتصر دور المسؤولين الحكوميين المدنيين والعسكريين على الإشراف على القضايا العامة فيما يتولى مشائخ القبائل الكبار والمحليين إدارة شؤون قبائلهم وحل مشكلاتهم، وتمثيلهم لدى السلطات الرسمية التي تعترف رسمياً بهم وبدورهم وتعتمد تعيين المشائخ كجزء من واجهات السلطة المحلية .
مراجع إضافية لمزيد من المعلومات :
1- البنية القبلية في اليمن بين الاستمرار والتغيير، د.فضل علي أبو غانم.
2- التاريخ الاجتماعي للثورة اليمنية، د.عبد الملك المقرمي.
3- تكوين اليمن الحديث اليمن والأمام يحي، أ د.مصطفى سالم .
4- جامع شمل أعلام المهاجرين المنتسبين إلى اليمن وقبائلهم - محمد عبد القادر بامطرف .
5- الدور السياسي للقبيلة في اليمن 1962م-1990م د.محمد محسن الظاهري. [
وكانت آخر حملة عسكرية هي التي قادها ولي العهد أحمد بن يحيى حميد الدين 1346هـ واتجهت نحو (العصيمات)، وتمكنت من القضاء على أخر مقاومة في حاشد الذين أذعنوا لحكم الإمام وسلموا رهائنهم ولكن بعد مقاومة ضارية.
ولم يبق بيد الشيخ ناصر بن ناصر مبخوت الأحمر إلا المغادرة والتوجه إلى نجران والالتجاء بالملك عبد العزيز حيث استقر في أبها عاصمة (عسير) وأقام فيها حتى مات عام 1362هـ.
وقد تولى الزعامة من بعده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر رغم حضوره الفاعل والمؤثر في الأحداث قبل مغادرة أخيه ناصر بن ناصر إلى عسير. وعندما قامت ثورة 1948م ضد الإمام يحيى، حشد ولي العهد أحمد بن يحيى جيوشاً من القبائل لإسقاط الثورة وحصار صنعاء، وشاركت في ذلك بعض القبائل من حاشد ،لكن حاشد كقبيلة موحدة وزعيمها الشيخ حسين بن ناصر الأحمر لم تشارك فعلا،ً وتباطأ الشيخ حسين الأحمر في الاستجابة لطلب بيت حميد الدين بالمشاركة ولكنه في الوقت نفسه لم يكن مقتنعاً بالإمام الجديد عبدالله بن أحمد الوزير الذي كان أحد قادة الحرب الذين استعان بهم الإمام يحيى في فرض سيطرته بالقوة والقمع على البلاد ومنها حاشد.
وفي نهاية الخمسينيات اضطربت الأمور في صنعاء عند مرض الإمام أحمد، واضطر ولي العهد (البدر) إلى الاستعانة بالقبائل لمواجهة تمرد العساكر، وأدى ذلك إلى بروز دور زعماء القبائل ومنهم الشيخ حسين بن ناصر الأحمر وابنه حميد، وبعد عودة الإمام أحمد من إيطاليا 1959م كان متوجساً من حركة القبائل وخـاصة مـن دور الشيخ حميد الأحمر الذي التف حوله مشائخ القبائل، وتطورت الأمور بعد ذلك وجرد الإمام أحمد حملة عسكرية ضد حاشد التي أقسم أن يهدمها حجراً حجراً وأن يقلع أشجارها شجرة شجرة، واستعد رجال القبائل لمواجهة جيوش الإمام لكن تفرق بعض القبائل وعدم التزام بعض زعمائها بالاتفاق أدى إلى تفكيك جبهتها، فلم يعد زعماء الحركة قادرين على مواجهة حملة الإمام، وانتكست الحركة، واضطر زعماؤها بقيادة الشيخ حميد الأحمر إلى محاولة النزوح إلى عدن عبر بيحان ولكن تم إلقاء القبض على (حميد الأحمر) ثم والده الشيخ حسين الأحمر وإعدامهما في حجة، ورافق ذلك دخول جيوش الإمام إلى بلاد حاشد حيث تم اعتقال مشائخ حاشد وبعض مشائخ برط، ونشر الخراب والدمار وقلع أشجار البن.
وبعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 62م وخروجه من سجن المحابشة في اليوم الثاني لها ووصوله إلى صنعاء تولى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر قيادة قبائل حاشد في مواجهة الملكيين، وخاض أبناء (حاشد) معارك عديدة لنصرة الثورة والجمهورية طوال سنوات الحرب الأهلية من 62-1970م، ورغم كل التطورات السلبية والمشاكل التي واجهت الصف الجمهوري والصراعات الداخلية بين الجمهوريين إلا أن (حاشد) ظلت وفية وراء قيادتها تحمل البندقية دفاعاً عن الثورة والجمهورية حتى أطل فجر السلام وانتصار الجمهورية عام 1970م.
القبيلة في اليمن: دور القبيلة في التاريخ
أولاً :الدور السياسي للقبيلة قبل ظهور الإسلام
عرفت كل المجتمعات الإنسانية (القبيلة) كشكل من أشكال الاجتماع البشري الذي ينشأ من تجمع عدد من الأسر التي ترتبط فيما بينها بصلات القرابة والعيش في مكان واحد.
و(القبيلة) في اليمن ظاهرة تاريخية، سياسية، ثقافية واجتماعية عرفتها بلاد اليمن عبر مراحل تاريخها الطويل ، ومنذ بداياته الأولى..وكما هو معروف فإن (القبيلة) في اليمن تتكون من مجموعة من الأفراد والأقسام يرتبطون فيما بينهم بصلة نسب وقرابة عائلية، وتجمعـهم روابـط تـاريخيـة، ثقافية، ودينية واحدة ، ويسكنون أرضاً محددة (أي تجمعهم وحدة سياسية) ويستغلــون ثرواتها ومواردها الطبيعية بصورة مشتركة (أي تجمعهم وحدة اقتصادية...) وقد أدت كل هذه العناصر دوراً كبيراً في المحافظة على الوحدة القرابية والسياسية للقبيلة.
وفي اليمن القديم– قبل الإسلام –كانت القبيلة– أيضاً –تمثل وحدة اجتماعية (قرابية)، وسياسية (مكانية) واقتصادية ودينية واحدة، وكانت القبيلة تمثل الوحدة الأساسية للتكوين الاجتماعي في اليمن القديم بدءاً من الأسرة والعائلة الممتدة في قرية محددة وانتهاء بالقبيلة الكبيرة أو الاتحاد القبلي في عدة مناطق.
كان مشائخ القبائل والعشائر يمثلون أعلى المراتب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فهم يمثلون السلطة السياسية الرسمية في القبيلة التي تقوم بتسيير أمورها عن طريق مجلس قبلي يتشكل من مشائخ القبيلة وأعيانها ووجهائها.
ويشير المؤرخون إلى أن الدول اليمنية في كثير من المراحل كانت من صنع الجماعة القبلية، حيث أدت الجماعات القبلية في اليمن القديم دوراً مهماً في تكوين الدولة أو سقوطها مثل (معين– سبأ –حمير)، لأن تلك الدول تكونت أساساً من الاتحاد القبلي الذي يضم عدداً من القبائل والعشائر التي يرأس كل منها عدد من (الأذواء) و(الأقيال). والى جانب (العرش) الذي يمثل سلطة الملك كان هناك (المجلس القبلي) الذي يمثل مختلف الجماعات القبلية ويضم (الأذواء) و(الأقيال) الذين يتولون إدارة الشؤون المحلية في مناطقهم. كان (الملك) يستشير كبار رجال الدين ورؤساء القبائل ويأخذ رأيهم في أمور السلم والحرب أو المشكلات الأخرى التي تواجهها الدولة حرصاً من (الملك) على الاستعانة بما تمثله القبائل من نفوذ وتأثير في دعم نظام الحكم والمحافظة على استقراره.
والثابت تاريخياً أن زعماء القبائل كان لهم دور سياسي هام ابتداء من عهد ملوك سبأ في العام 500 قبل الميلاد، لكن الزعامات والوحدات القبلية كانت تلجأ للتمرد وإعلان العصيان على الدولة والسلطة المركزية كلما أحست بتنامي قوتها ونفوذها، أو بزوال المنفعة والمصلحة من ارتباط القبيلة بالدولة، أو في مواجهة سعي الدولة إلى تشديد هيمنتها على القبائل والقضاء على استقلالية الجماعات القبلية والحد من نفوذها، وكل ذلك كان يدفع الجماعات القبلية للبحث عن تحالف جديد أو اتحاد قبلي آخر أو تقوم بتكوين دولة مستقلة عن طريق إخضاع وضم جماعات قبلية جديدة.
وفي العهود الأخيرة للدول اليمنية القديمة ولا سيما عند نهاية عهد دولة حمير وضعفها– وهي آخر الدول اليمنية قبل الإسلام –تنامى نفوذ وقوة الزعماء القبليين بسبب ازدياد ضعف الدولة وازدياد اعتماد الملوك عليهم ، مما دفع زعماء الجماعات القبلية إلى تكوين ممالك وإمارات مستقلة خاصة بهم.
وفي كل الأحوال فقد تأثرت الدولة والقبيلة ببعضها بعضاً حتى في القوانين والتشريعات التي تصدرها الدولة ، وظل أثر القبيلة بارزاً في تكوين الدولة، وتوطيد أركانها و الدفاع عنها.. وفي المقابل كانت الدول اليمنية القديمة تواجه متاعب ومقاومة شديدة عندما تسعى للقضاء على استقلالية الجماعات القبلية والحد من نفوذها مما كان يؤدي إلى إضعاف الدولة ونشؤ الاضطرابات والقلاقل .
ثانياً : الدور السياسي للقبيلة بعد ظهور الإسلام.
احتفظت القبائل اليمنية بعد ظهور الإسلام واعتناق اليمنيين للدين الجديد بنظمها الاجتماعية، وتقاليدها، وأعرافها القديمة، طالما أنها لم تكن متعارضة مع المبادئ والتشريعات الإسلامية، كما احتفظت بتقسيماتها القرابية والسياسية .
بدأ اعتناق اليمنيين للإسلام بصورة فردية أو مجموعة أفراد حتى كان العام التاسع للهجرة عندما دخل اليمنيون في الإسلام أفواجاً أفواجاً وذهب ممثلو القبائل إلى (المدينة المنورة) لمبايعة الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم- الذي أرسل عدداً من كبار الصحابة– رضوان الله عليهم –لتعليم اليمنيين مبادئ الإسلام .. وباستثناء فتنة الأسود العنسي في نهاية عهد الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم- فلم يشهد اليمن قلاقل خطيرة، وسرعان ما انخرط اليمنيون في حركة الفتوحات الإسلامية وأسهموا فيها إسهاماً جليلاً في بلاد العراق وفارس وما وراء النهرين، وفي بلاد الشام ومصر وشمال إفريقيا وصولاً إلى بلاد الأندلس في جنوب أوربا .
وفي عهود الخلافة الراشدة والدولتين الأموية والعباسية ظلت أوضاع الجماعات القبلية في اليمن كما كانت ، فقد اكتفت العواصم الحاكمة في بغداد أو دمشق بتعيين ممثليها الذين أطلقت عليهم ألقابا مثل: (الولاة – الوزراء – الأمراء)، وهؤلاء كانوا يتولون مهمة حفظ النظام في الولايات والمدن الإسلامية أما المناطق القبلية فقد استعانت الدول المتعاقبة بزعماء القبائل في إدارة شؤونها المحلية، وبقيت الأحوال فيها وفق النظام القبلي المعهود حيث كانت المناطق القبلية تحكم نفسها تحت زعامة رؤساء العشائر والقبائل القوية.
أدت التطورات السياسية في اليمن، و لاسيما بعد ضعف الدولة العباسية وبدء ظهور الدول اليمنية المستقلة، إلى عودة تنامي نفوذ الزعماء القبليين المحليين وخاصة عند اشتداد الصراعات على السلطة بين زعماء ومناصري الطوائف الدينية المختلفة بعضهم بعضا، أو بينهم كل على حدة، وبين الدول المحلية التابعة لدولة الخلافة في دمشق أو بغداد أو القاهرة بسبب محاولات فرض نظام شمولي محل النظام القبلي مما كان يؤدي إلى تذمر الفلاحين واستيائهم وثورتهم على الدولة، ولذلك تميزت الحياة السياسية في اليمن بعدم الاستقرار والاضطراب السياسي، وأدى ذلك إلى ظهور النزوع الاستقلالي لدى الجماعات القبلية المحلية، كما ساعد على ذلك الظروف الجغرافية الصعبة والعوامل الاجتماعية و المذهبية.
وفي العام (284هـ – 897م) جاء الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى اليمن قادماً من المدينة المنورة بعد أن اتصل به بعض زعماء القبائل اليمنيين من (حاشد وبكيل) ودعوه للمجيء إلى اليمن في زمن سادت فيه الفوضى، وعدم الاستقرار، وضياع الحقوق، وقد ساندت تلك القبائل دعوة الإمام الهادي انطلاقاً من رغبتها في وضع حد للتناحر والاقتتال فيما بينها بتأمير واجهات دينية (مهجرة) لم تكن طـرفـاً في القتال القبلي، وكانت قبائل المناطق الشمالية الشرقية (حــاشد وبكــيل التي تنتمي لقبيلة همدان بن زيد) معروفة بولائها للعلويين تاريخياً منذ أيدوا الإمام (علي بن أبى طالب)، وظلوا على ولائهم لذرية الإمام علي، ولذلك يمكن القول إن مساندة القبائل كانت تقوم– أيضاً –على أساس قوي من الاعتبارات الدينية البحتة، والتعاطف مع (آل البيت) الذين صّوروا للقبائل معاناتهم الطويلة والمظالم والبطش والتنكيل الذي لحقهم من قبل الأمويين والعباسيين، كما اعتبرت القبائل اليمنية أنها ملزمة بتقديم الحماية والمساندة لأحفاد الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم- لأنهم ضيوف وليسوا ضمن التكوين القبلي فيجب احترامهم وحمايتهم.
ومنذ ذلك الحين تعزز الدور السياسي للقبائل اليمنية بقوة، وخاصة في المناطق الشمالية والشرقية حيث ظلت دولة الأئمة الزيديين تعيش في حدودها وتمتد فيها أحياناً وتنكمش أحياناً أثناء العهد الأول لدولة الأئمة، وظلت هذه القبائل– حاشد وبكيل –تلعب دوراً سياسياً وعسكرياً هاماً طوال عهد الإمامة الزيدية حتى سقوطها النهائي في 1962م.
ومع كل تلك الاعتبارات الدينية، فإن العلاقات العسكرية والسياسية والاقتصادية بين الجماعات القبلية من جهة وبين الأئمة من جهة أخرى اتسمت بالتقلب والتحول والتوتر والتمرد بسبب محاولة بعض الأئمة فرض نفوذهم على الشؤون المحلية للقبائل والحد من استقلاليتها، وبالإضافة إلى ذلك فقد كان التنافس بين العلويين على منصب الإمامة وقناعة كل واحد من المتنافسين بأنه أحق بها وفقاً للشروط الأربعة عشرة المشهورة، كان ذلك يزيد من التوتر والتناحر بين الأئمة وبين الجماعات القبلية، حيث كان كل داعية لنفسه بالإمامة يلجأ إلى جماعات قبلية لكسب تأييدها له ومساندتها له في حروبه ضد الآخرين..وقد أشعل هذا الصراع بين الأئمة روح العصبية القبلية بسبب الحروب الدامية المتتالية والانقسامات الشديدة بين القبائل. ويمكن القول إن عهد الأئمة الزيديين قد شهد بروز الدور السياسي والعسكري للجماعات القبلية في المناطق الشمالية الشرقية، كما أدى إلى تعزيز استقلالها وترسيخ مكانة زعمائها القبليين، وبرز أكثر دور قبائل حاشد وبكيل في الأحداث السياسية والحربية رغم بروز الصراع والعصبية القبلية التي كان الأئمة يغذونها لضرب القبائل بعضها ببعض واعتماد سياسة فرق تسد لشغل القبائل بالصراع فيما بينها حتى لا تتفق ضد حكم الأئمة ومواجهة الظلم الواقع عليها.
ومن المفارقات أنه بالرغم من أن الجماعات القبلية في المناطق الشمالية الشرقية شهدت بروز دورها السياسي والعسكري ومحافظتها على وحدتها واستقلاليتها وقوتها في زمن الدويلات التي حكمت اليمن، فإن الجماعات القبلية بالمناطق الوسطى والجنوبية شهدت ضموراً تدريجياً في قوتها ودورها السياسي بسبب نجاح الدويلات في تلك المناطق في إقامة حكم مركزى قوي عكس أثره على الدور القبلي، كما اندمج زعماء القبائل في علاقتهم مع (الدولة) التي تمكنت من تحويلهم إلى ما يشبه (كبار الموظفين) لديها، ورافق ذلك تدهور العلاقات بين الزعماء القبليين – الذين أثروا ثراء فاحشاً وتملكوا الأراضي – وبين رجال القبائل، فلم تعد العلاقات بين الطرفين قائمة على الندية والتقدير والشعور بالمسؤولية، فسادت المظالم والعداء بين الطرفين مما أفقد الظاهرة القبلية في تلك المناطق أهم مقوماتها وهو التضامن والمساعدة والمساواة والقيام بحاجات الرعية وخدمتهم .
في المرحلة الأولى من الوجود العثماني في اليمن في القرن العاشر الهجري، لم يستطع العثمانيون ضمان الاستقرار والأمن في البلاد بسبب ممارسات بعض الحكام والولاة ضد المواطنين مما مهّد لقيام ثورة ضدهم بقيادة الإمام القـاسم بن محمد عام 1045هـ، وقد لقيت هذه الثورة استجابة قوية من قبل بعض القبائل في المناطق الشمالية الشرقية بين صنعاء وصعدة، بل إن القبائل هي التي بادرت بمطالبة الإمام القاسم بالتمرد، وقام الكثير من رؤساء هذه القبائل بمراسلته سراً ودعوته للهجوم على العثمانيين بسبب تذمرهم من ممارسات ولاتهم، بل وأرسل زعماء القبائل أبناءهم إلى الإمام كرهائن لديه لتأكيد ولائهم له واستعدادهم للقتال معه، ولم يكن التذمر من سياسة الولاة العثمانيين هو السبب الوحيد لثورة القبائل بل كذلك كانت الدعاية الإمامية سبباً مهماً فقد كانت تصف العثمانيين بأنهم خارجون عن الشريعة الإسلامية، ويستبيحون المحرمات كالزنا والخمر والربا، ويمارسون المظالم والعلاقات غير السوية، ونجحت ثورة الإمام القاسم في إلحاق الهزائم بالجيوش العثمانية، واستتب الأمر للإمام بعقد صلح مع العثمانيين آلت بموجبه الأمور إليه، وامتدت سيطرة الدولة المركزية من الحجاز حتى عُمان وعاد مجدداً عهد الوحدة اليمنية .
استقرت الأمور في اليمن بعد جلاء العثمانيين لقرنين من الزمن ، لكن الصراع عاد من جديد بين المتنافسين على الإمامة، وعمت الفوضى من جديد، وضعفت سيطرة الدولة على أجزائها، وبدأ الولاة في بعض المناطق يستقلون بإدارتها، وفي فترة الفوضى هذه نجحت بريطانيا في احتلال عدن عام 1839م بعد أن صارت سيطرة صنعاء عليها اسمية، وأدى الاحتلال الإنجليزي لعدن إلى عودة الاهتمام العثماني باليمن فعاد الجيش العثماني إلى اليمن عام 1849م لكن نفوذه انحصر في الساحل التهامي بعد أن فشل العثمانيون في إحكام سيطرتهم على صنعاء، وبعد أن تجددت الخلافات بين المتنافسين على الإمامة تقدم العثمانيون نحو الشمال وسيطروا على صنعاء لكن المناطق الشمالية ظلت متمردة عليهم مع عجز الطامعين في الإمامة عن توحيد أنصارهم في مواجهة العثمانيين وبعدما بويع الإمام محمد بن يحيى حميد الدين بالإمامة بدأ بمحاربة العثمانيين، واستعان بالقبائل المحاربة من حاشد وبكيل، ولقي مساندة قوية من كبير (آل الأحمر) حينها وزعيم حاشد الشيخ ناصر بن مبخوت الأحمر، واشتبك الإمام ورجال القبائل مع العثمانيين لكن الطرفين لم يستطيعا فرض هيمنتهما على بعضهما، وبعدما توفي الإمام المنصور محمد يحيى حميد الدين تولى الإمامة بعده ابنه الإمام يحيى حميد الـدين بــدعم قوي من الشيخ ناصر مبخوت الأحمر زعيم حاشد الذي حسم الأمر وأصر على مبايعة (يحيى) إماماً في العام 1904م، وتم كل ذلك في مناطق (حاشد) حيث كان الإمام المتوفي يعيش في كنف قبيلة حاشد.
واصل الإمام الجديد يحيى حميد الدين أعمال الحرب ضد العثمانيين مستعيناً بالقبائل ، فنجح في الاستيلاء على مدن مهمة مثل (عمران) و(حجة ) و(ثلا) وحاصر (صنعاء) نفسها، وعجز الأتراك عن فك الحصار، وعجزت قوات الإمام يحيى عن دخول صنعاء حتى ساءت الأحوال بصورة مريعة هددت حياة المواطنين، ثم حدثت مفاوضات مع الإمام يحيى في (كوكبان) تم على إثرها استسلام الذين كانوا في صنعاء التي دخلها الإمام يحيى عام 1905م لكن الدولة العثمانية لم توافق على الصلح، وعاد العثمانيون بجيش عظيم تمكن من دخول صنعاء مجدداً في العام نفسه بعد انسحاب الإمام يحيى وعودته إلى بلاد (حاشد) من جديد، واستمرت المناوشات والمواجهات بين القوات التركية وبين القبائل اليمنية، ولحقت بالأتراك خسائر فادحة بسبب شدة المقاومة مما كلف الدولة العثمانية خسائر باهضة من المال والرجال، فعرض الأتراك على الإمام يحيى المفاوضات لكنها لم تؤدِ إلى نتيجة، وعادت الحروب مجدداً، وفشلت كل المحاولات لإيقاف الحروب وبسط السلام حتى نجحت مساعي الصلح في عقد اتفاق (دعان) في العام 1911م الذي احتفظ للدولة العثمانية بحق السيادة في اليمن، ومنح الإمام يحيى حق تعيين القضاة في المناطق التي يهيمن عليها، والإشراف على المسائل الشرعية وخاصة أن تكون الجباية على الطريقة الشرعية.
وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1918) ورث الإمام يحيى سلطتها في اليمن، وتأسست المملكة المتوكلية اليمنية في المناطق الشمالية والغربية فيما ظلت (عدن) والمناطق الشرقية حتى حضرموت والمهرة تحت سيطرة الإنجليز.
بدأ الإمام يحيى حميد الدين في توطيد قبضته على السلطة بمحاولة القضاء على الجماعات والأفراد الذين دعموا وصوله إلى الإمامة مما أدى إلى نشوب حروب مع القبائل التي تمردت مثل (حاشد) التي عانت من عدم تقدير الإمام لدورها في دعمه للوصول إلى السلطة ومشــاركتها في الحـــروب الطــويلة ضد الأتراك، كما شن الإمام حروباً ضد قبيلة (المقاطرة) في تعز و(الزرانيق) في الحديدة، وقمعت هذه القبائل قمعا شديدا، وأحكم الإمام قبضته على كل البلاد واستخدم القبائل ضد بعضها بعضاً في سبيل تحقيق هيمنته على كل شيء، وفي سبيل إخماد ثورة 1948م الـدستـورية أبـاح الإمـام (أحمد) العاصمة صنعاء للقبائل لمدة ثلاثة أيام انتقاماً لمقتل أبيه، وشهدت فترة الخمسينات عودة ظهور التمرد القبلي ضد الإمامة واستبدادها، وتبلورت حركة القبائل في أواخر الخمسينات لكنها انتهت بالفشل ،وعندما قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م دعمت القبائل الجمهورية النظام الجمهوري بقوة فيما انحازت عدد من القبائل إلى الجانب الملكي تحت مبرر مواجهة النفوذ الأجنبي المصري، وتعزز دور الجماعات القبلية أثناء الحرب الأهلية 621970–م، وبرز عدد من كبار المشائخ في مقدمة الصفوف أثناء الدفاع عن الثورة والجمهورية أو في ممارسة العمل السياسي في زمن السلام.
وعلى الرغم من أن دور الجماعات القبلية يبدو أكثر خفوتاً الآن، إلا أن ذلك لا يعني أن النظام القبلي قد اضمحل ، فما زال هذا النظام موجوداً وإن كان ازدياد قبضة الدولة واستيعابها لمعظم المشائخ قد أدى إلى تراجع دور الزعماء القبليين خلف دور الدولة كما أن الدولة أعادت للنظام القبلي وزعماء القبائل والعشائر اعتباره ودورهم في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ضمن إطار (اليمن الجنوبي) سابقاً بعد أن كان النظام الماركسي الحاكم هناك قد عمل على القضاء على سلطة القبائل .
وما يزال زعماء القبائل والعشائر هم أساس سلطة الدولة في المناطق الريفية، ويقتصر دور المسؤولين الحكوميين المدنيين والعسكريين على الإشراف على القضايا العامة فيما يتولى مشائخ القبائل الكبار والمحليين إدارة شؤون قبائلهم وحل مشكلاتهم، وتمثيلهم لدى السلطات الرسمية التي تعترف رسمياً بهم وبدورهم وتعتمد تعيين المشائخ كجزء من واجهات السلطة المحلية .
مراجع إضافية لمزيد من المعلومات :
1- البنية القبلية في اليمن بين الاستمرار والتغيير، د.فضل علي أبو غانم.
2- التاريخ الاجتماعي للثورة اليمنية، د.عبد الملك المقرمي.
3- تكوين اليمن الحديث اليمن والأمام يحي، أ د.مصطفى سالم .
4- جامع شمل أعلام المهاجرين المنتسبين إلى اليمن وقبائلهم - محمد عبد القادر بامطرف .
5- الدور السياسي للقبيلة في اليمن 1962م-1990م د.محمد محسن الظاهري. [
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
رد: بنو الأحمر الخزرج الأندلسيون وآل الأحمر اليمنيون أبناء عمومة
تابع 2 للموضوع [ما كنا قد حذفناه من النص بسبب طول اليحث. وقد نبهنا على ذلك بعلامة الحذف الأولى]
حاشد : الجذور التاريخية والأدوار الوطنية...
تعود الجذور الأولى لقبيلة (حاشد) إلى قبيلة همدان الكبرى، وقبيلة (حاشد) وقبيلة (بكيل) هما قبيلتا همدان العظيمتان، وتنحصر قبائل همدان في البطنين: حاشد وبكيل، وحاشد وبكيل هما ابنا جشم بن حُبران بن نوف بن بَتَع بن زيد بن عمرو بن همدان .. ويوجد قبر كل من حاشد وبكيل في منطقة (خيوان).
وهمدان الكبرى قبيلة يمنية ورد ذكرها – باسم بني همدان – في نقوش المسند ابتداء من مطلع القرن الأول الميلادي في زمن ملوك سبأ وذي ريدان..و(همدان) أحد البيوت القبلية الحاكمة في المرتفعات الشمالية لليمن، وكانوا أقيالاً – أي أمراء – لشعـب (حاشد) الذي كان ينتمي لاتحاد (سمعي) ومعه شعب (يُرسم) وأقياله بنو سُخيم، وشعب حُملان وأقياله بنو تبع.
وأما شعب بكيل – أخو حاشد – فكانوا يؤلفون أرباعاً، منها ربع ذي عمران، وربع ذي ريدة، وربع ذي هجر شبام كوكبان.
وقد كان لشعوب اتحاد (سمعي) دور بارز في الصراع القائم بين ملوك سبأ وذي ريدان خلال القرون الثلاثة الميلادية الأولى بسبب وصول الأسرة التبعية الهمدانية إلى الحكم في (سبأ) حيث برز دور الأقيال من بني همدان في الحياة السياسية للدولة السبأية – الريدانية، ومن هذه الأسرة الهمدانية برز الملك الهمداني (شعر أوتر) ملكاً لسبأ وذي ريدان كأبرز الملوك في القرن الثاني الميلادي، وتمكن من إعادة توحيد الجزء الأكبر من اليمن، وتوسيع نفوذه في الأطراف الشمالية.
وفي القرن الميلادي الثاني، أصبحت ظاهرة التحالفات بين الأسر القبلية هي سمة بارزة للتطور السياسي والاجتماعي في مناطق المرتفعات اليمنية، وأدى ذلك إلى حدوث تغييرات في الخارطة القبلية اليمنية وخاصة بعد ظهور دولة (حِمْيرَ).
تمتد أراضي القبائل الهمدانية – حاشد وبكيل – في المساحة الممتدة شمال صنعاء حتى صعدة، وما بين الجوف شرقاً وتهامة غرباً، وتقع أكثر مناطق (بكيل) شرق الخط (الطريق الأسفلتي) ما بين صنعاء وصعدة، فيما تقع (حاشد) غرب الخط..وهناك تداخل فيما بين مناطق القبيلتين قائم في أكثر من منطقة. ومن قبائل (همدان) في حضرموت (آل كثير) ومساكنهم بين شبام وسيئون، وهمدان الشام (صعدة)، وهمدان الجوف، وعزلة همدان في ملحان، وهمدان صنعاء.
وعندما ظهر الإسلام في مكة والمدينة المنورة، اعتنق عدد من اليمنيين من قبائل شتى الإسلام، لكن قبائل اليمن بكاملها لم تعتنق الإسلام إلا بعد إسلام قبيلة (همدان) على يد الإمام على بن أبى طالب.
فعن البراء بن عازب– رضي الله عنه- قال: بعث النبي– صلى الله عليه وآله وسلم- خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه فبعث علياً عليه السلام –وكنت فيمن عقب على علي ثم صّفنا صفاً واحداً، وتقدم بين أيدينا، وقرأ عليهم كتاب رسول الله– صلى الله عليه وآله وسلم- فأسلمت همدان جميعاً، فكتب على إلى رسول الله– صلى الله عليه وآله وسلم- بإسلامهم، فلما قرأ– صلى الله عليه وآله وسلم- الكتاب خرّ ساجداً ثم رفع رأسه فقال : السلام على همدان ثم تتابعت أهل اليمن على الإسلام ..
وقال رسول الله– صلى الله عليه وآله وسلم- نعم الحي همدان..ما أسرعها إلى النصر، وأصبرها على الجهد، وفيهم أبدال وفيهم أوتاد الإسلام.
ومما يروى عن الإمام علي بن أبى طالب– رضي الله عنه- في مدح همدان:
تيممتُ همـدان الذين هم هم=وناديتُ فيـهم دعوة فأجابني
فلو كنت بواباً على باب جنة=إذا ناب خطب جنتي وسهامي
فـوارس من همدان غير لئامِ =لقلـت لهمدان ادخـلوا بسلامِ
ثبتت (همدان) على الإسلام رغم الأحداث التي شهدتها جزيرة العرب بعد وفاة الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم –وارتداد عدد من القبائل من بينها قبائل يمنية، وبعد القضاء على الفتنة انخرطت القبائل اليمنية في حركة الفتوحات الإسلامية ومنها قبائل (همدان).
وانتشر الهمدانيون من (حاشد وبكيل) في أصقاع الأرض الإسلامية واستوطنـوا الممالك المفتوحة من العراق وما وراء النهرين حتى الشام والمغرب والأندلس.
وفي أيام الفتنة الكبرى انحاز الهمدانيون إلى الإمام علي بن أبى طالب، وظلوا معروفين بولائهم لذرية الإمام علي ومساندتهم لهم. وبعدما ضعفت سيطرة عاصمة الخلافة الإسلامية في بغداد اتسمت الحياة السياسية في اليمن بعدم الاستقرار والاضطراب مما مهد في القرن الثالث الهجري لقدوم الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى (صعدة) بطلب من بعض القبائل المنتمية لهمدان الكبرى، واعتمد الأئمة على دعم هذه القبائل على احترامهم لذرية الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم-، ورغبتهم في وضع حد للتناحر والاقتتال الأهلي بمبايعة الإمام الهادي .. وظلت قبائل همدان: حاشد وبكيل تلعب دوراً هاماً طوال عهد الإمامة الزيدية ورجحوا كفة هذا الإمام أو ذاك، وشاركوا في كل التطورات السياسية التي شهدتها اليمن منذ ذلك الزمن حتى الآن.
حــــاشــــد فــي التــاريــــخ
قبيلة (حاشد) هي إحدى بطون همدان الرئيسية، وهي أحد جناحي همدان الكبرى و(حاشد) أخو (بكيل) وفيهما تنحصر قبائل همدان الكبرى.
تمتد بلاد (حاشد) من سنحان جنوب العاصمة صنعاء حتى جنوب محافظة صعده ومن الشرق يحدها بلاد القبائل المجاورة لها من بكيل حتى تهامة غرباً ويشمل ذلك كل محافظة حجه وقد ذكر المؤرخ اليمني الهمداني في كتابه الشهير "صفة جزيرة العرب" أن "أول بلد حاشد الجراف من الرحبة حتى حدود الخشب همدان".
أهم مدن حاشد: عمران و خمر وخارف وتوجد في بعض قراها آثار عجيبة وأبنية عجيبة ذات أحجار ضخمة وكانت ملوك حمير تسكن في بعض هذه المناطق وفي خمر ولد أسعد تبع المشهور في التاريخ اليمني القديم بأسعد الكامل ومن.
ومن مدن (حاشد) أيضا: حوث وفيها قبور بعض الأئمة، و(ظليمة حبور) وهي ناحية واسعة تشمل قرى وبلدات كثيرة وفيها مزارع وأودية ومركزها حبور التي كانت عامرة بالعلماء والصالحين، وكذلك السودة وشهاره.
حاشد : الجذور التاريخية والأدوار الوطنية...
تعود الجذور الأولى لقبيلة (حاشد) إلى قبيلة همدان الكبرى، وقبيلة (حاشد) وقبيلة (بكيل) هما قبيلتا همدان العظيمتان، وتنحصر قبائل همدان في البطنين: حاشد وبكيل، وحاشد وبكيل هما ابنا جشم بن حُبران بن نوف بن بَتَع بن زيد بن عمرو بن همدان .. ويوجد قبر كل من حاشد وبكيل في منطقة (خيوان).
وهمدان الكبرى قبيلة يمنية ورد ذكرها – باسم بني همدان – في نقوش المسند ابتداء من مطلع القرن الأول الميلادي في زمن ملوك سبأ وذي ريدان..و(همدان) أحد البيوت القبلية الحاكمة في المرتفعات الشمالية لليمن، وكانوا أقيالاً – أي أمراء – لشعـب (حاشد) الذي كان ينتمي لاتحاد (سمعي) ومعه شعب (يُرسم) وأقياله بنو سُخيم، وشعب حُملان وأقياله بنو تبع.
وأما شعب بكيل – أخو حاشد – فكانوا يؤلفون أرباعاً، منها ربع ذي عمران، وربع ذي ريدة، وربع ذي هجر شبام كوكبان.
وقد كان لشعوب اتحاد (سمعي) دور بارز في الصراع القائم بين ملوك سبأ وذي ريدان خلال القرون الثلاثة الميلادية الأولى بسبب وصول الأسرة التبعية الهمدانية إلى الحكم في (سبأ) حيث برز دور الأقيال من بني همدان في الحياة السياسية للدولة السبأية – الريدانية، ومن هذه الأسرة الهمدانية برز الملك الهمداني (شعر أوتر) ملكاً لسبأ وذي ريدان كأبرز الملوك في القرن الثاني الميلادي، وتمكن من إعادة توحيد الجزء الأكبر من اليمن، وتوسيع نفوذه في الأطراف الشمالية.
وفي القرن الميلادي الثاني، أصبحت ظاهرة التحالفات بين الأسر القبلية هي سمة بارزة للتطور السياسي والاجتماعي في مناطق المرتفعات اليمنية، وأدى ذلك إلى حدوث تغييرات في الخارطة القبلية اليمنية وخاصة بعد ظهور دولة (حِمْيرَ).
تمتد أراضي القبائل الهمدانية – حاشد وبكيل – في المساحة الممتدة شمال صنعاء حتى صعدة، وما بين الجوف شرقاً وتهامة غرباً، وتقع أكثر مناطق (بكيل) شرق الخط (الطريق الأسفلتي) ما بين صنعاء وصعدة، فيما تقع (حاشد) غرب الخط..وهناك تداخل فيما بين مناطق القبيلتين قائم في أكثر من منطقة. ومن قبائل (همدان) في حضرموت (آل كثير) ومساكنهم بين شبام وسيئون، وهمدان الشام (صعدة)، وهمدان الجوف، وعزلة همدان في ملحان، وهمدان صنعاء.
وعندما ظهر الإسلام في مكة والمدينة المنورة، اعتنق عدد من اليمنيين من قبائل شتى الإسلام، لكن قبائل اليمن بكاملها لم تعتنق الإسلام إلا بعد إسلام قبيلة (همدان) على يد الإمام على بن أبى طالب.
فعن البراء بن عازب– رضي الله عنه- قال: بعث النبي– صلى الله عليه وآله وسلم- خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه فبعث علياً عليه السلام –وكنت فيمن عقب على علي ثم صّفنا صفاً واحداً، وتقدم بين أيدينا، وقرأ عليهم كتاب رسول الله– صلى الله عليه وآله وسلم- فأسلمت همدان جميعاً، فكتب على إلى رسول الله– صلى الله عليه وآله وسلم- بإسلامهم، فلما قرأ– صلى الله عليه وآله وسلم- الكتاب خرّ ساجداً ثم رفع رأسه فقال : السلام على همدان ثم تتابعت أهل اليمن على الإسلام ..
وقال رسول الله– صلى الله عليه وآله وسلم- نعم الحي همدان..ما أسرعها إلى النصر، وأصبرها على الجهد، وفيهم أبدال وفيهم أوتاد الإسلام.
ومما يروى عن الإمام علي بن أبى طالب– رضي الله عنه- في مدح همدان:
تيممتُ همـدان الذين هم هم=وناديتُ فيـهم دعوة فأجابني
فلو كنت بواباً على باب جنة=إذا ناب خطب جنتي وسهامي
فـوارس من همدان غير لئامِ =لقلـت لهمدان ادخـلوا بسلامِ
ثبتت (همدان) على الإسلام رغم الأحداث التي شهدتها جزيرة العرب بعد وفاة الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم –وارتداد عدد من القبائل من بينها قبائل يمنية، وبعد القضاء على الفتنة انخرطت القبائل اليمنية في حركة الفتوحات الإسلامية ومنها قبائل (همدان).
وانتشر الهمدانيون من (حاشد وبكيل) في أصقاع الأرض الإسلامية واستوطنـوا الممالك المفتوحة من العراق وما وراء النهرين حتى الشام والمغرب والأندلس.
وفي أيام الفتنة الكبرى انحاز الهمدانيون إلى الإمام علي بن أبى طالب، وظلوا معروفين بولائهم لذرية الإمام علي ومساندتهم لهم. وبعدما ضعفت سيطرة عاصمة الخلافة الإسلامية في بغداد اتسمت الحياة السياسية في اليمن بعدم الاستقرار والاضطراب مما مهد في القرن الثالث الهجري لقدوم الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى (صعدة) بطلب من بعض القبائل المنتمية لهمدان الكبرى، واعتمد الأئمة على دعم هذه القبائل على احترامهم لذرية الرسول– صلى الله عليه وآله وسلم-، ورغبتهم في وضع حد للتناحر والاقتتال الأهلي بمبايعة الإمام الهادي .. وظلت قبائل همدان: حاشد وبكيل تلعب دوراً هاماً طوال عهد الإمامة الزيدية ورجحوا كفة هذا الإمام أو ذاك، وشاركوا في كل التطورات السياسية التي شهدتها اليمن منذ ذلك الزمن حتى الآن.
حــــاشــــد فــي التــاريــــخ
قبيلة (حاشد) هي إحدى بطون همدان الرئيسية، وهي أحد جناحي همدان الكبرى و(حاشد) أخو (بكيل) وفيهما تنحصر قبائل همدان الكبرى.
تمتد بلاد (حاشد) من سنحان جنوب العاصمة صنعاء حتى جنوب محافظة صعده ومن الشرق يحدها بلاد القبائل المجاورة لها من بكيل حتى تهامة غرباً ويشمل ذلك كل محافظة حجه وقد ذكر المؤرخ اليمني الهمداني في كتابه الشهير "صفة جزيرة العرب" أن "أول بلد حاشد الجراف من الرحبة حتى حدود الخشب همدان".
أهم مدن حاشد: عمران و خمر وخارف وتوجد في بعض قراها آثار عجيبة وأبنية عجيبة ذات أحجار ضخمة وكانت ملوك حمير تسكن في بعض هذه المناطق وفي خمر ولد أسعد تبع المشهور في التاريخ اليمني القديم بأسعد الكامل ومن.
ومن مدن (حاشد) أيضا: حوث وفيها قبور بعض الأئمة، و(ظليمة حبور) وهي ناحية واسعة تشمل قرى وبلدات كثيرة وفيها مزارع وأودية ومركزها حبور التي كانت عامرة بالعلماء والصالحين، وكذلك السودة وشهاره.
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
مواضيع مماثلة
» عشيرة الفريجات بالعراق من أبناء رابع ملوك بني الأحمر
» الشهداء السوريون الأندلسيون، من آل الأحمر، في محاربة النصيرية الكافرة
» الأندلسيون في فرنسا
» الشهداء السوريون الأندلسيون، من آل الأحمر، في محاربة النصيرية الكافرة
» الأندلسيون في فرنسا
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: الأندلسيون في شتاتهم بآسيا - MORISCOS IN ASIA - MORISQUES EN ASIE - MORISCOS EN ASIA :: الأندلسيون في شتاتهم باليمن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:57 من طرف محمدي بن يحي
» حمل المئات من كتب النحو والصرف والإعراب (أمهات الكتب)
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:55 من طرف محمدي بن يحي
» ألقاب عائلات أندلسية في الجزائر
السبت 24 أغسطس 2024, 02:42 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» Ansys Electromagnetics Suite 2024 R1
الثلاثاء 27 فبراير 2024, 02:43 من طرف dlhtserv
» لقب: خلـــيفة، بالشرق الجزائري
الجمعة 06 أكتوبر 2023, 23:06 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» مسرحية (ولادة)، علي عبد العظيم (نالت الجائزة الأولى للتأليف المسرحي من وزارة الشؤون الاجتماعية، بمصر)، 1948م
السبت 05 أغسطس 2023, 17:22 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» WSDOT BridgeLink v7.0.1.0 English 64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:52 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniSettle v4.0.0.58 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:50 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniPile v5.0.0.60 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:48 من طرف dlhtserv