أن تكون مسلما في أسبانيا، بقلم: عبد النور برادو
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: الأندلسيون في شتاتهم بأوربا MORISCOS IN EUROPE - MORISQUES EN EUROPE - MORISCOS EN EUROPA :: الأندلسيون في شتاتهم داخل أسبانيا المعاصرة - Moriscos in Spain today - Moriscos en la España de hoy - Morisques en Espagne d'aujourd'hui
صفحة 1 من اصل 1
أن تكون مسلما في أسبانيا، بقلم: عبد النور برادو
أن تكون مسلما في أسبانيا
[rtl]أن تكون مسلما في إسبانيا يعني أن تكون من المنتمين لدين يتعرض للهجوم بشكل مستمر[/rtl]
[rtl]07/02/2012 [/rtl]
[rtl]الكاتب: عبد النور برادو [/rtl]
[rtl]مصدر: ويب إسلام[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[/rtl]
[rtl]مسلمون اسبانيون يصلون صلاة الظهر[/rtl]
[rtl]بسم الله الحمن الرحيم[/rtl]
[rtl]أن تكون مسلما في إسبانيا اليوم يعني أن تكون فردا من إحدى الأقليات الدينية في بلد يعرف تطورا بطيئا على مستوى الحريات الدينية، في بلد ديموقراطي بالكاد خرج من نفق ما يقرب عن 500 عاما من سيادة الدين الواحد المفروض بالقوة، وهي فترة طويلة أضطهد فيها الإسلام بوحشية وقدم رسميا على أنه عدو الوطن. أن تكون مسلما في إسبانيا يعني أن تكون فردا من الذين ينتمون لديانة أغلب أفرادها من مهاجرين يعانون من إقصاء اجتماعي واضح، والذين يحافظون على علاقات قوية مع بلدانهم الأصلية، حيث إن بعض هذه البلدان تقوم على أنظمة سياسية تعتبر الإسلام دين الدولة. وأخيرا، أن تكون مسلما في إسبانيا يعني أن تكون من المنتمين لدين يتعرض للهجوم بشكل مستمر، في ظل سياق العولمة والجغرافيا السياسية الدولية.[/rtl]
[rtl]ذكرنا في بضع جمل عددا من الجوانب التي يبدو تحليلها الخاص معقدا جدا، وتشمل عدة عناصر تاريخية وقانونية وسياسية (وطنية ودولية) واجتماعية وثقافية، ناهيك عن الجوانب الدينية الصارمة. ويحتاج كل جانب من الجوانب محاضرة خاصة للتطرق له بشكل كامل. سنحاول في هذا الباب تقديم صورة واضحة عن مسلمي إسبانيا في القرن والواحد والعشرين، وذلك من منظور شمولي، مع الأخذ بعين الاعتبار الجوانب المحلية والعالمية، وثقل الماضي والمسألة الهوياتية، وهي –كما نعرف– قضايا مترابطة.[/rtl]
[rtl]ولن نتحدث عن تجربة شخصية لمسلم بشأن بدينه، عن ما يعنيه أن يكون الواحد منا مسلما، سواء في إسبانيا أو في الصين. ولو فعلنا ذلك، فإن ذلك يستوجب علينا القول إن كون الواحد مسلما فذلك يعني العيش في حالة خوف، والانغماس والانكباب على عبادة خالق السماوات والأرض، ويتوجب علينا القول بإنه خليفة الله في أرضه، ويحمل على عاتقه أمانة جسيمة. وينبغي أن نوضح أنه إذا كنت مسلما فإن ذلك يعني أنك تتبع شريعة، ودليلا، وتتبني سلسلة من القيم... وعلينا أن نقول إنه إذا كنت مسلما، في إسبانيا أو في أي مكان، فإنه خيار روحي، يسمح لنا بتوسيع رؤيتنا ويحررها من ثقل الأمور الدنيوية، ويجعلنا ننتفتح بذلك على أرض الله الواسعة... وباختصار، أخشى أنه سينتهي بنا المطاف إلى تأليف كتاب عن الدين وليس عن معنى عودة الإسلام إلى الأندلس. وبذلك، لن نركز على الدين في حد ذاته، وإنما على السياق الذي يتطور فيه، أي إسبانيا في بدايات القرن الواحد والعشرين.[/rtl]
[rtl]إن هدفنا يتمثل في طرح مجموعة من القضايا التي نعتبرها أساسية لفهم الإشكالية الداخلية للمجتمعات الإسلامية، التي تتميز عموما بعدم الاستقرار الاجتماعي، وانعدام احترام حقوقهم الدينية، وغياب المساواة القانونية فيما يخص الدين الغالب، والإسلاموفوبيا واستمرار الكاثوليكية باعتباره دين الدولة. وعلى المستوى الداخلي، هناك انقسام داخلي يرجع إلى سوء تكوين معظم القادة الدينيين والأئمة ونشؤء الخصومات الإيديولوجية، والتقدم الحالي للتيارات السلفية والتدخل الأجنبي. كل ذلك في سياق العولمة، الذي يحافظ فيه المهاجرون على علاقات وثيقة مع بلدانهم الأصلية، وهو سياق عالمي يتميز بالتدفق المستمر للمعلومات، مما يعني أن كل ما قد يحدث في الجانب الآخر من كوكب الأرض قد يؤثر في حياتنا اليومية. إنها قضايا عديدة سأتطرق لها بإيجاز.[/rtl]
[rtl]ومن بين تلك المواضيع، يبدو أن الرأي العام عموما يهتم فقط بكل شيء يتعلق بالأصولية أو العنف، أو ما يمثله وجود الإسلام باعتباره تهديدا لهوية المنطقة، سواء في إسبانيا بشكل عام أو في أي منطقة من مناطق الحكم الذاتي التي تعرف وعيا وطنيا متقدما. ولكن الحقيقة هي أنه لا يمكن الفصل بين هذه القضايا، لدرجة أن نجاح السلفية أو الأصولية في مجتمع إسلامي يعني من نواح عديدة أنه نتيجة للمجتمعات الأخرى.[/rtl]
[rtl]قد يبدو الوضع الذي سأصفه مأساويا، إلا أنه لابد من الإشارة إلى أنه يتميز أيضا بقوة وتطلعات أكثر من مليون مسلم، رجالا ونساء، يتطلعون إلى حياة كريمة، معظمهم في صالح الاندماج الإيجابي للإسلام في مجتمع هش، ويدعون إلى تبني قيم الديمقراطية والتوافق في الآراء، دون التخلي عن معتقداتهم أو ثقافتهم، في حالة المهاجرين.[/rtl]
[rtl] 1. أولا، يجب أن نشير إلى انعدام الاستقرار الاجتماعي[/rtl]
[rtl]كوننا مسلمين في اسبانيا يضعنا في إطار فئة تتألف أساسا من المهاجرين، مع كل ما يعنيه ذلك من عدم الاستقرار والاضطرابات الاجتماعية. وتصنف إسبانيا رابع دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد المسلمين، أي بما يقارب مليون ونصف مسلم، معظمهم من المهاجرين. وينتمي 80٪ منهم إلى المنطقة المغاربية، فيما ينتمي الباقي إلى دول الشرق الأوسط وباكستان والسنغال ومالي ونيجيريا خصوصا، ناهيك عن ساكنة مدينتي سبتة ومليلية، والجيل الذي ولد في إسبانيا. وهناك أيضا عدد كبير من المعتنقين للإسلام، تشير الأرقام إلى أن عددهم يصل إلى حوالي 50000، ولكنه يبقى مجرد رقم مفترض. ويتجمع حوالي 350 ألفا منهم في مدريد، فيما يتوزع الباقي على إقليم كتالونيا، في حين تحتل أندلسيا المرتبة الثالثة من حيث عدد المسلمين، تليها منطقة مرسية.[/rtl]
[rtl]ويعد معظم المسلمون الذين يعيشون في إسبانيا من المهاجرين، وهو بلد غير معتاد على التنوع ويعرف تطورا متأخرا على مستوى الحقوق الاجتماعية مقارنة مع كثير من البلدان الأوروبية الأخرى التي تعيش بها نسبة عالية من المهاجرين. وكما نعلم، يخضع المهاجرون لعدد من المعايير القانونية التي تختلف عن تلك التي يخضع لها باقي المواطنون. ولا يعترف قانون الأجانب ومجموعة القواعد الخاصة بالأجانب بحقوقهم أو تقلصها، كما يخضعون لمعاملة تمييزية من الناس على أساس انتمائهم القومي. ويزداد هذا التميز حدة عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين الذين يوجدون في وضعية غير شرعية. وفي نهاية المطاف، يحول القانون الأجانب إلى فئة ذات قيمة قانونية واجتماعية أقل، مما يسمح في حالات عديدة باستغلالهم.[/rtl]
[rtl]ومما لا شك فيه، سوف يؤثر ذلك على تجربة الإسلام الذي يمكن أن يعيشه المسلمون في إسبانيا. ويساعد عدم الاستقرار الاجتماعي في تفسير انخفاض مستوى تنظيم المسلمين في اسبانيا.[/rtl]
[rtl]2. ثانيا، أن نكون مسلمين في إسبانيا يضعنا في موقف الاضطرار للرد على جميع الخطابات السلبية التي يتم من خلالها تقديم الإسلام باعتباره عدوا للغرب. وأقصد هنا بالتحديد الإسلاموفوبيا[/rtl]
[rtl]هناك انتشار للخطابات التي تساوي بين الإسلام والعنف وبين الاستبداد والتمييز ضد المرأة. ومن المثير للقلق انتشار هذه الخطابات في برامج الأحزاب الديمقراطية بحجة التشجيع على تفضيل كل ما هو "وطني" أمام تجمعات المهاجرين. ويؤدي هذا المناخ المطبوع بالشك المنتشر على نطاق واسع إلى جميع أنواع التمييز، مثل الرفض الاجتماعي، والصعوبات في الحصول على السكن أو التمييز في الحصول على وظيفة. وفي الوقت نفسه، تشكل الإسلاموفوبيا قيدا على المؤسسات، وبذلك يجد مسلمو إسبانيا صعوبة متزايدة في فتح أماكن للعبادة وأداء الشعائر الأخرى المرتبطة بدينهم.[/rtl]
[rtl]إننا نشهد إرساء لثقافة العنف التي يظهر فيها "المسلمين" من المعارضين "للقيم الغربية". لذا، يجب أن نكون على بينة من طبيعة الإسلاموفوبيا، والتي ليست مجرد استكمال لمعاداة السامية الأوروبية التقليدية. هناك علاقة بين جميع عناصر العداء الأوروبي التقليدي لليهود مع الإسلاموفوبيا. إن الأمر يتعلق بمعاداة السامية نفسها، لكن مع تجدد هدف الكراهية، حيث يحتل المسلمون دور "الآخر غير المندمج"، الذي يرفض التخلي عن هويته للانغماس في القطيع.[/rtl]
[rtl]إن الإسلاموفوبيا هي فاشية القرن الواحد والعشرين، بل إنها أكبر تهديد للديمقراطية. إنها مرض اجتماعي ونفسي، وتنتمي إلى نفس مجموعة الأمراض التي تشبهها، مثل العنصرية، وكراهية الأجانب ومعاداة اليهود. وتعرف هذه المجموعة من الأمراض باسم الفاشية، وتتأسس على كراهية الآخر، باعتبار هذا الأخير عنصرا غريبا وخطيرا، لا سيما كونه يحمل قيما خاصة، وغريبة ومعدية تشكل تهديدا للمجتمع. الإسلاموفوبيا، مثلها مثل بدائل الفاشية، تهيئ دائما الظروف الملائمة لإبادة أي جماعة تنعت بالشيطانية.[/rtl]
[rtl] 3. إن نكون مسلمين في إسبانيا يضعنا في موقف مشحون بالتوتر أمام تصور معين من إسبانيا، مرتبط بخرافة الوطنية والكاثوليكية، والتي استبعد فيها كل ما هو أندلسي. إننا نجد أنفسنا أمام استمرار وجود النزعة الوطنية والكاثوليكية، التي يرفع المحافظين الجدد تحت مظلتها إشكالية الصدام بين الحضارات[/rtl]
[rtl]إن جميع العناصر التي نتطرق لها تحيلنا إلى واقع اجتماعي مؤلم لا يمكن إنكاره: فوجود الإسلام في إسبانيا يولد تصديا لدى شريحة كبيرة من المواطنين، والذين يلعبون دور كابح للتعايش مع التعددية الدينية، مما يؤدي بالمسلمين إلى العيش على هامش المجتمع. وغالبا ما يرتبط رفض القبول بوجود الإسلام بتصور معين للهوية الإسبانية. ويمكن ملامسة هذا الرفض في البلدان الأوروبية الأخرى، ولكنها تحمل في إسبانيا دلالات خاصة جدا، وإن صح التعبير، "إسبانية للغاية".[/rtl]
[rtl]ويدعي هذا الخطاب أن الإسلام غريب على الهوية الإسبانية، وأن المسلمين الذين عاشوا في شبه الجزيرة الإيبيرية لمدة ثمانية قرون كانوا أجانب، وأن الأندلس لم يكن سوى حقبة مشؤمة، حقبة كانت فيها "إسبانيا الحقيقية" محاصرة في جبال أستورياس، التي انطلقت منها حرب الاسترداد المجيدة. وعاد السيد بيلايو، وسنتياغو ماتاموروس ورودريغو دياث دي بيفار (إل سيد) باعتبارهم قدوة إسبانيا الأبدية.[/rtl]
[rtl]ولا يمكننا أن نتجاهل المعنى النهائي لهذا الربط بين الماضي والحاضر، كما لو تعلق الأمر بحالات قدر لها أن تتكرر. ويقدم وجود الإسلام في إسبانيا القرن الواحد والعشرين على اعتباره ذكرى "الفتح الإسلامي" لإسبانيا القوطية. عندما تبرير محاكم التفتيش وطرد الموريسكيين بالحجة القائلة بأن اسبانيا كانت في حالة حرب مع الإسلام، وأن هؤلاء لم يكونوا يشكلون سوى "طابورا خامسا"، فإنه لا مفر من عقد مقارنة موازية مع الوضع الراهن، حيث من الشائع أن نسمع أننا في "حرب ضد الإسلام"، وأن المواطنين المسلمين ليسوا سوى "طابورا خامسا" يهددون الهوية الإسبانية. ولم يظهر الطرد أو الإبادة باعتبارهما حلا نهائيا لضمان العودة إلى إسبانيا "الطاهرة" التي تركها الأجداد.[/rtl]
[rtl]وإذا كنت أصر على هذه النقطة فلا لشيء سوى لأنها الحقيقة التي نواجهها نحن مسلمي إسبانيا، لأن تلك الخطابات تترك أثرا حقيقيا ومستمرا على حياتنا، وتخلق فجوة فكرية وإيديولوجية، ويقرن فيها كل ما هو إسباني بالكاثوليكية، في حين يمثل الإسلام نقيض ذلك. وإذا أضفنا لاستمرار الوطنية والكاثوليكية إلى تزايد الإسلاموفوبيا، فضلا عن رفض المهاجرين، فإنه يبدو جليا أن لدى المسلمين كل الأسباب للخوف مما هو أسوأ.[/rtl]
[rtl]4. علاقة بما سبق: أن تكون مسلما في إسبانيا يعني الوعي بحمل مشعل الموروث الثقافي الأندلسي[/rtl]
[rtl]بمجرد ما أنطق بهذه العبارة أدرك أن الواقع قد لا ينطبق على معظم المسلمين الذين يعيشون في إسبانيا. لا أعتقد أن مهاجرا غامبيا يعمل في الفلاحة قد يهتم بالثقافة الأندلسية كثيرا، ومن المحتمل أنه يجهل أن الإسلام شكل دين الأغلبية في شبه الجزيرة الإيبيرية لقرون عديدة. وعلى الرغم من ذلك، لن يكون هذا العرض كاملا من دون الإشارة إلى هذا الجزء من ذاكرتنا الجماعية.[/rtl]
[rtl]وفيما يتعلق بتاريخ إسبانيا، يجب أن نكون على بينة من الحاجة الملحة إلى رواية شاملة، رواية يتم فيها الإشارة إلى وجود الإسلام في إسبانيا في العصور الوسطى باعتباره ضرورة حتمية. وليام فريخوف (Willem Frijhoff) مدير مشروع "كيف نحصل على هوية جماعية هولندية يعترف فيها بمختلف الثقافات التي تعيش في الأراضي المنخفظة". فحسب هذا المؤرخ، فقد استنفدت نماذج تعدد الثقافات والاندماج، لأنه في الوقت الراهن هناك ميل إلى نموذج ثالث، يصفه بإنه "تشاركي"، ولكن يمكن أن نسميه في إسبانيا "المشترك بين الثقافات".[/rtl]
[rtl]إن الأمر يتعلق بالعمل على الواقع الاجتماعي بطريقة غير إلزامية، من خلال إجراءات عملية، سواء على المستوى الخطابي أو الرمزي. وفي هذا السياق، يؤكد وليام فريخوف أنه في إطار هذا النموذج من الضروري أن "يرهن الجيل الثاني والثالث من المهاجرين هويتهم بتاريخ بلد الاستقبال". ويطالب فريخوف بتنمية قاعدة ثقافية: كل شيء يمكن لمجموعة من الناس أن تعرف وتحس بها لكي تعتبر نفسها جزء لا يتجزء من نفس المشروع الجماعي. يتعلق الأمر بوضع تقنيات حديثة لحل النزاعات، تضع العناصر الأساسية التي تولد الوحدة في مرتبة أعلى من الاختلافات.[/rtl]
[rtl]وفي ظل الظروف الراهنة، حيث لا يتوقف التوتر مع المهاجرين المسلمين من التزايد، سيكون من الخطر تقريبا التخلي عن إمكانية الاندماج التي يمثلها الأندلس.[/rtl]
[rtl]********[/rtl]
[rtl]لقد ذكرنا حتى الآن العوامل الخارجية والاجتماعية والسياسية والتاريخية والثقافية التي تعوق منح الشرعية لوجود الإسلام في مجتمعنا: عدم الاستقرار الاجتماعي، وانتهاك الحقوق، وعدم المساواة القانونية فيما يتعلق بدين الأغلبية، والإسلاموفوبيا واستمرار وجود الكاثوليكية الوطنية.[/rtl]
[rtl]ويجب أن نشير الآن إلى الصعوبات الإسلامية الداخلية، مثل انقسام المجتمعات، وغياب القيادات الجادة، والتدخل الأجنبي وانتشار السلفية وكذا وجود خطابات إسلامية أخرى تكرس لحالة من القطيعة مع المجتمع. ومن الواضح أيضا أن كل مشاكل المسلمين في إسبانيا لا تأتي من الخارج، وأن المجتمعات المسلمة نفسها لم تتوصل إلى الآليات المناسبة لتسهيل اندماجها.[/rtl]
[rtl]5. أن تكون مسلما في إسبانيا يعني الانتماء إلى مجموعة ذات تنظيم ضعيف، الضعف الذي يبدو جليا سواء على المستوى المؤسساتي أو على مستوى تأهيل العديد من الأئمة والزعماء الإسلاميين[/rtl]
[rtl]لقد ذكرنا بالفعل الارتباط بين هذا الضعف التنظيمي والإقصاء الاجتماعي للمسلمين ذوي الأصول المهاجرة. ويتجلى هذا الافتقار إلى التأهيل على جميع المستويات: سواء على المستوى الديني تحديدا عند كثير من الأئمة، أو على مستوى دراية الزعماء الإسلاميين بقوانين المجتمع الإسباني. ولا نقصد بذلك التعميم، ولكن لا بد من إبراز المشاكل الكبرى التي تواجهها المجتمعات الإسلامية داخليا، والتي تعيق للأسف تطورها التطبيعي. وغالبا ما يتسبب أشخاص يتقلدون مناصب القيادة في المجتمعات في إعاقة هذا التطور.[/rtl]
[rtl]وترتبط عدم قدرة العديد من الزعماء الإسلاميين بعدم الإلمام بالبيئة التي يتحركون فيها. ويسهرون على نقل نماذج تنظيمية إلى إسبانيا تخص مجتمعات أخرى، والتي تعد غير فعالة في مواجهة الوضع الجديد. وفي بعض الأحيان، لا تمت المطالب بصلة للواقع. ومثال واحد على ذلك يكفي. واستشهدنا في وقت سابق بعدم احترام الحق في الدفن وفق الشريعة الإسلامية. ومثالا على التفاوض المحبط بسبب الموقف المتعنت لمجموعة من المسلمين، يمكن أن نذكر حالة مدينة فيتوريا، حيث عرض المجلس البلدي قطعة أرضية في المقبرة البلدية، تتوفر على مبنى لغسل الموتى ومسجد. ومع ذلك، لم يتحقق الاتفاق لأن الجماعة الإسلامية اشترطت فتح باب في جدار المقبرة حتى لا يدخل موتى المسلمين من نفس الباب الذي يدخل منه باقي الموتى. وبما أن المقبرة تعتبر تراثا تاريخيا (والطلب في حد ذاته مهانة)، فقد رفض الطلب. وفي هذه الحالة، نجد أنفسنا أمام رغبة حقيقية من جهة المجلس البلدي تمت مواجهتها بآراء متعصبة للمسلمين، مما حال دون التوصل إلى اتفاق في صالحهم.[/rtl]
[rtl]وفي هذا الباب، نشير إلى حالات عديدة لأئمة خلقوا جدالات عقيمة ومتناقضة تماما مع مصالح المسلمين. وأقصد حالات مثل حالة الإمام الذي رفض أن تستجوبه مذيعة، لأن ذلك كان في رمضان، وهي تضع الماكياج. ولا شك أن حالة السيد كمال مصطفى إمام مسجد فوينخيرولا التي تطرقت لها وسائل الإعلام، الذي حكم عليه بالسجن للتشجيع على الإساءة للمرأة. فقد صرح الإمام المذكور أنه "واحد من الإمامين الوحيدين اللذين يحق لهما لتفسير القرآن في إسبانيا". وقد ألحق ذلك ضررا خطيرا بالمجمع الإسلامي، علما أنه في الإسلام لا يوجد هيئة دينية أو مؤسسة تتقلد هذه المهمة.[/rtl]
[rtl]وبصورة عامة، هناك أزمة سلطة وتمثيلية على حد سواء، مع سيطرة الزعماء المحافظين الذين يحظون بدعم المؤسسات، والذين لا يستجيبون لاحتياجات المسلمين الحقيقية. للأسف، فإن كلا من الحكومة الإسبانية وبعض مناطق الحكم الذاتي تدعمان التيارات الإسلامية المحافظة، سواء تعلق الأمر بالقوى اليمينية أو اليسارية. وعندما أتكلم عن دعم الإسلام الرجعي من قبل المؤسسات فإنني أقصد تشجيعها وتمويل قادتها. لماذا؟ لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال، بل هي مجرد فرضيات جريئة. أولا، لأن الرجعية الدينية توفر بنية دينية مناسبة، أي إضفاء الطابع المؤسسي على الإسلام مما يسهل التفاوض معها. ثانيا، لأنها لا تطالب بالحقوق، وبالتالي فهي تقف إلى جانب المؤسسات ضد مصالح المسلمين. وقد كان هذا واضحا في المسألة فتح المساجد برمتها. ثالثا، لأن هذه الهياكل الدينية الرجعية تحظى بدعم دول أجنبية معينة.[/rtl]
[rtl]6. ويقودنا ذلك إلى الموضوع التالي: أن نكون مسلمين في إسبانيا يعني أننا جزء من فئة دينية مجزأة للغاية، والتي يجب أن تتحمل التدخل الأجنبي والسيطرة الإيديولوجية من قبل التيارات المحافظة[/rtl]
[rtl]فمن ناحية، هناك محاولة للسيطرة على المهاجرين إيديولوجيا من قبل بعض البلدان الأصلية. ومن الواضح أن هذا هو الحال في المغرب، الذي يخاف من الحرية الفكرية التي يتمتع بها المغاربة في إسبانيا، ويحاول بكل الوسائل الممكنة السيطرة على النسيج الجمعوي. وتلك هي الإشكالية، لأن النسيج الجمعوي الذي يسيطر عليه البلد الأصلي بالكاد يستجيب لاحتياجات المسلمين في إسبانيا. وهذا هو بالضبط ما يحدث. وعند هذا الحد، تنضاف التدخلات إلى التأهيل الهش للزعماء، الأمر الذي يؤدي إلى الشلل التام. وهناك مؤسسات دينية إسلامية في بلادنا تحظى بدعم الدولة أو مناطق الحكم الذاتي، ولكن مهمتها لا تروم تحسين حقوق المسلمين، بل ضمان عدم انحرافها مذهبيا، وفقا لمعايير الدول الأجنبية.[/rtl]
[rtl]وأرغب، عند هذا الحد، في إضافة عنصر مهم. فعندما نتحدث عن التدخل الأجنبي فإننا لا نعبر بسلبية على حقيقة أن حكومات البلدان الأصلية تحافظ على علاقة مع الجاليات المهاجرة، ولا العلاقات الثنائية بين هذه الدول وإسبانيا التي تهدف إلى تحسين تدبير الهجرة. فعند التحدث عن التدخل فإننا نقصد التدخلات التي تسعى للسيطرة على المهاجرين على أساس الأجندات المحلية، والتي تعيق التطور الطبيعي للإسلام في إسبانيا.[/rtl]
[rtl]لا نستطيع أن ننكر أن هناك صراعا حقيقيا لسنوات عديدة من أجل السيطرة على الخطاب الإسلامي في أوروبا. وهناك بعض المؤسسات الدينية في معظم البلدان الإسلامية المرتبطة بالدولة، والتي تفرض رؤيتها بشأن الإسلام وتحد من حرية التفسير والفكر، بحجة تجنب الخطابات الأصولية. ويقدم إسلام الدولة باعتباره ترياقا للأصولية، لكنه لا ينفك يكون رجعيا في العمق، ولا سيما فيما يتعلق بوضع المرأة. ويمكن أن تكون هناك في أوروبا رؤية للإسلام مستقلة عن تلك الهياكل الرجعية، إسلام في تقدم مستمر، ملتزم بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. ولتجنب ذلك، تستثمر دول، مثل المملكة العربية السعودية، مبالغ مالية ضخمة للسيطرة على الاسلام وتلقين المسلمين عقيدة تنبني على رؤية رجعية حول الإسلام، تتنافى في نواحي كثيرة مع قيم مجتمعنا.[/rtl]
[rtl]7. أن تكون مسلما في إسبانيا يعني أنك شاهد على تطور الأصولية والسلفية، وخصوصا بين الشباب[/rtl]
[rtl]يولد الوضع الحالي استياء داخليا متناميا بين المجتمعات المحلية، مثل انهيار العلاقات الاجتماعية والسخط واللامبالاة تجاه ثقافة الدولة المستقبلة وردود الفعل الهوياتية. وتقدم السلفية للعديد من الشباب المسلمين في أوروبا أجوبة على عدم اندماجهم، وذلك من خلال تقديم هوية قوية أمام مجتمع يرفضهم(في رأيهم). ويقدم الإسلام في ظل هذا الوضع هوية مضادة قوية تلعب دورا محوريا في بعض المجالات باعتباره عاملا من عوامل التماسك الداخلي للمجتمع خارج الإيديولوجية السائدة. ويتضاعف ذلك بسبب الوضع الدولي: في فلسطين والعراق والشيشان وكشمير... نحن أمام ديناميات الانغلاق الهوياتي، وهو من الأعراض الواضحة التي ترسم الحدود النفسية بين قيم الإسلام وقيم الثقافة السائدة. وببساطة، إذا كان من المستحيل أن يكون الإسلامي غربيا، فالعكس صحيح.[/rtl]
[rtl]ويرتكز هذا الخطاب الهوياتي على معارضة قيم المجتمع الغربي، بل يعتبرها فاسدة تماما وعدوة للإسلام. إنه إسلام متشدد وعقائدي، يركز على القواعد ونقل المحتويات. إنه خطاب بسيط جدا يتم نشره من قبل الدعاة والأشرطة السمعية البصرية التي تسمح للكثير من الشباب الذين انقطعوا عن أصولهم اجتماعيا أو ثقافيا أن يشعرول باندماجهم في مجتمع افتراضي للمؤمنين. ولا حاجة للدخول في حلقة مفرغة. وكلما كانت الخطابات الهوياتية الوطنية التي تدعو المسلمين إلى الاندماج قوية، كلما زادت قوة جاذبية الخطاب السلفي بالنسبة لكثير من هذه الجماعات. وفي الحالات القصوى، قد يؤدي الإقبال على الخطابات السلفية إلى العنف. ويولد النموذج الليبراليي الجديد نفسه والخطاب المعادي للإسلام السائد هذه الديناميات، ويجعلها حتمية وفي الوقت نفسه يستفيد منها، عن طريق استغلال اليد العاملة المهاجرة غير الشرعية، والزيادة في الاعتمادات المخصصة للأمن وإعادة تأهيل مناخ عام للشك في المسلمين.[/rtl]
[rtl]8. ويقودنا كل ذلك إلى معالجة الوضع القانوني: فأن تكون مسلما في إسبانيا يعني أنك عضو في أقلية دينية تعيش في بلد يعرف تطورا متأخرا فيما يخص التعددية الدينية، ومعظم مؤسساته لا تبالي بالحقوق الدينية للمسلمين[/rtl]
[rtl]ونقصد هنا عدم احترام الدولة المركزية وحكومات مناطق الحكم الذاتي والبلديات عموما لحقوق المسلمين الدينية، ولا نستثني من ذلك المدارس، والسجون والمستشفيات. وعندما نتحدث عن احترام الحقوق فإننا لا نقصد المطالب المجتمعية، بل نقصد القوانين الإسبانية عينها. لقد وقعت اللجنة الإسلامية في إسبانيا قانون اتفاق التعاون مع الدولة في سنة 1992، والذي تعترفان بموجبه بمجموعة من حقوق المسلمين في إسبانيا:[/rtl]
- الوضع القانوني للقيادات الدينية الإسلامية والأئمة.
- المساعدة الدينية وفق الشريعة الإسلامية في الجيش، والسجون، والمستشفيات والمؤسسات العمومية.
- الحماية القانونية للمساجد أو أماكن العبادة.
- منح الآثار المدنية للزواج المبرم وفقا للطقوس الدينية الإسلامية.
- التعليم الديني في المدارس العامة والمعاهد المشتركة مع الدولة.
- الاستفادة من المزايا الضريبية على أصول معينة وأنشطة خاصة بالجماعات المنتمية إلى اللجنة الإسلامية في إسبانيا.
- الاحتفال بالاعياد الدينية الاسلامية.
- تنظيم الدفن والمقابر الاسلامية.
- تسجيل ختم ضمان الأغذية الحلال وتوفيرها في المراكز التجارية العامة.
- مشاركة اللجنة الإسلامية في إسبانيا في حفظ وتعزيز التراث الإسلامي التاريخي والفني.
[rtl]وبعد مرور ستة عشرة سنة على المصادقة على القانون المذكور، من الواضح أن المسلمين يلاقون صعوبات جمة في ممارسة حقوقهم. لذلك، يمكننا القول أن تطور الحرية الدينية للمواطنين المسلمين يعرف وضعا مزريا، بل أسوأ مما كانت عليه عام 1992، نظرا لتزايد عدد المؤمنين. ومع أننا نتمتع بإطار قانوني مناسب، إلا أننا نفتقر إلى الآليات الضرورية والرغبة السياسية في تطويره. ونؤكد على أن الإعلان عن الحقوق شيء واحترامها شيء آخر.[/rtl]
[rtl]وسنحلل في وقت لاحق أسباب عدم احترامها ومخالفتها. ولكننا سنستبق الأمور للحديث عن بعضها، مثل غياب رغبة حقيقة لدى الدولة، والتي تتحرك ببطء شديد، إن لم تكن تتقهقر إلى الوراء. ونشهد انعداما تاما لثقافة التعددية الدينية في إسبانيا، والتي تتجلى ببشاعة عندما يرغب أحد ما في التعامل مع بعض المؤسسات. إن ثقل 500 عاما من سيادة الدين الوحيد أثقل من الحجر. ومن أجل استيعاب الواقع الجديد في البلد لا بد من إجراء تغيرات وتكييف القوانين مع التعددية الدينية الجديدة. وأي تغيير يولد المقاومة، وتكون المقاومة أكبر عندما تؤثر على نقطة حساسة للغاية مثل الدين، الذي يعتبره البعض جوهر الوطن. وبالتالي، يقدم تطوير الحرية الدينية مثل عمل يعادي الوطنية ومحاولة لتقويض الهوية الكاثوليكية في إسبانيا.[/rtl]
[rtl]ولا يمكن أن ينسب كل شيء للدولة أو المؤسسات: فمن بين أسباب عدم تطور الحقوق الدينية للمسلمين نجد الانقسام بينهم وفشل قادتهم الذين يبدون اهتماما أكبر بالظهور في صورة مع وزير ما وتلقي المساعدات المعتادة، وليس المطالبة بحقوق المسلمين. وسنعود إلى هذا الموضوع لاحقا إن شاء الله.[/rtl]
[rtl]9. ويجرنا ذلك إلى ذكر الجانب الأخير، المتعلق بعدم المساواة قانونيا مع دين الأغلبية[/rtl]
[rtl]يشكل نظام التمويل الحالي للكنيسة الكاثوليكية انتهاكا لمبدأي عدم التمييز والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون بغض النظر عن دينهم، وهي من المبادئ الأساسية الواردة في الدستور الإسباني والقانون الأساسي للحرية الدينية. ونجد أنفسنا أمام نظام امتيازات يتعارض مع العلمانية، والذي ينبغي أن يضمن المعاملة العادلة للأديان على اختلافها، ولهذا تأثير سلبي على الطبيعة الديمقراطية، وحتى على التعايش بين الأديان.[/rtl]
[rtl]ومن الثابت أن الكنيسة الكاثوليكية تعمل على تشويه صورة الإسلام في وسائل الإعلام المؤثرة بفضل التمويل الذي تحصل عليه من الدولة. وتخصم من الأموال العامة مصاريف معيشة الآلاف من القساوسة، والكنائس والجمعيات الخيرية المرتبطة بالكنيسة، يختص بعضها (سرا) في تنصير المهاجرين المسلمين.[/rtl]
[rtl]ولا تمثل المبالغ التي تتلقاها الكنيسة الأسقفية من الضريبة التي يخصصها المؤمنون لدينهم من حصة التصريح الضريبي سوى جزء صغيرا. ويأتي الباقي من خزائن مختلف الوزارات، مثل الدفاع، والتعليم والثقافة، والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية، وميزانيات مستشاريات الحكومة في مناطق الحكم الذاتي. ولا مجال لمقارنة قوة الكاثوليكية الإسبانية، التي تقاس بعدد القساوسة والراهبات، والأساقفة والمراتب الدينية الأخرى، وبالمال أو العقارات والخدمات الخيرية والتعليمية والاجتماعية لأنها تتغذى على آليات مداخل خاصة معقدة وغامضة في بعض الأحيان، وخاصة التمويل والدعم الحكومي. وكل ذلك فضلا عن الدعم المباشر أو المنح التي تستفيد منها الكنيسة من أجل الحفاظ على تراثها الفني الضخم والعقارات: 280 متحف، 130 كاتدرائية أو كنيسة مجمعية وما يقرب ألفا من الأديرة. وأنفقت وزارة التربية والتعليم والعلوم ما يقرب عن 112 مليون يورو فقط لإنفاذ الأحكام المتعلقة بأساتذة الديانة الكاثوليكية. هذا بالإضافة إلى 63.1 مليون يورو لتعويض الأساتذة.[/rtl]
[rtl]إنه جهاز ذو سلطة لا يتردد في ممارسة أي نوع من الإكراه لتشجيع فرض عقيدتها على غير الكاثوليك، كما رأينا في حالة زواج المثليين أو الإجهاض. ومنذ سنوات، نطالب نحن المسلمون بالانتقال إلى الديمقراطية في مجال التعددية الدينية. وفي يومنا هذا، لا تحترم مبادئ العلمانية، والمساواة وعدم التمييز بين الديانات، على الرغم من أنها تشكل عماد النظام الديمقراطي. ومما لا شك فيه، فإن الحل هو وضع حد لامتيازات الكنيسة الكاثوليكية وتعزيز العلمانية، التي تعني فضاء للتعايش، تتساوى فيه جميع الأديان والمساواة من حيث المعاملة.[/rtl]
[rtl]الاستنتاجات[/rtl]
[rtl]وبعد هذا العرض، من الواضح أن الصورة العامة غير مشجعة للغاية. إن الغالبية العظمى من المسلمين الذين يعيشون في إسبانيا من المواطنين الذين يريدون أن يعيشوا حياة طبيعية، والعمل ورؤية أسرهم تنمو وتكبر. ومع ذلك، يعيق انعدام الأمن الاجتماعي والتحيز وعدم احترام حقوقهم تطورهم الطبيعي مثل باقي المواطنين. ونلاحظ أن هناك مواجهات في كل مجال من هذه المجالات، مما يحيلنا على الصراعات المحتملة أو الفعلية، الخفية نوعا ما أو الظاهرة، والتي يمكن أن تنفجر في ظل ظروف معينة، كما حصل في الماضي في الميريا أو في تيراسا. إن التفاعل بين جميع الصراعات يمكن أن تؤول إلى الانفجار، مما يضعنا أمام عمل جاد وجازم حول الاندماج الإيجابي للإسلام في فضاء علماني.[/rtl]
[rtl]ويؤدي كل ذلك لطرح السؤال: ماذا يمكننا أن نفعل؟ بما أنني لا أتوفر على سلطة في هذا السياق، فلن أتوانى عن إبداء رأيي:[/rtl]
1. اتخاذ التدابير اللازمة لضمان التنمية الكاملة للحقوق الدينية للمسلمين. وإن الاندماج الاجتماعي في أي مجموعة يمر عبر منحهم فرصة الوصول إلى حقوقهم، وممارسة المواطنة الكاملة.2. النهوض بالعلمانية والمساواة القانونية بين جميع المواطنين، وهو ما يعني إعادة النظر في القانون الأساسي للحرية الدينية (الذي لا يشكل في الواقع سوى قانونا للأقليات الدينية)، وإلغاء الاتفاقات المبرمة مع الفاتيكان، لأنه يشكل نظاما قانونيا منفصلا يعطي امتيازات لبعض المواطنين على الآخرين.
3. محاربة الإسلاموفوبيا، من خلال حملات التوعية على جميع المستويات، وخاصة داخل جهاز الدولة.
4. استعادة الذاكرة التاريخية في الأندلس باعتبارها عاملا من عوامل الاندماج.
5. وتشجيع القراءة عن الإسلام لتكون أكثر انسجاما مع القيم التي تعطي التماسك في مجتمعنا، مثل الديمقراطية وحرية الضمير والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين.
[rtl]وكما ذكرت في بداية، لا يمكن تخطي العقبات التي يواجهها المسلمون سوى بمواجهتها عن طريق الاستفادة، أو بالأحرى، اللعب بورقة القوة وتحدي ما يزيد عن مليون مسلم من الرجال والنساء الذين يعيشون في إسبانيا ويطمحون إلى حياة كريمة، ويساندون في أغلبهم الاندماج الإيجابي للإسلام في الفضاء العلماني، ويدعون إلى تبني قيم الديمقراطية والتوافق في الآراء، دون التخلي عن معتقداتهم أو خصوصياتهم الثقافية، في حالة المهاجرين.[/rtl]
[rtl]وفي الأساس، يتعلق الأمر باستكشاف كل الاحتمالات التي توفرها دولة القانون والديمقراطية لتحقيق غلبة إسلام بعيد عن أي شكل من أشكال التطرف، في نفس الوقت الذي تحارب فيه الإسلاموفوبيا، وتطور الحرية الدينية، والعمل على وضع قراءة لتاريخ إسبانيا يشمل التنوع. وما من شك في أن الديمقراطية توفر الإطار الأمثل لتنمية القدرة الداخلية للروحانية الإسلامية، وهو ما يقودنا إلى ظهور إسلام تقدمي وديمقراطي وملتزم بالتعددية الدينية، والمساواة بين الجنسين و العدالة الاجتماعية. ويشكل نشر وترسيخ الروحية الإسلامية فوق أي أيديولوجية آلية متميزة لتنظيم ايجابي لوجود الإسلام. وفي هذه المرحلة يمكن أن ندرك جميعا ما يمكن للإسلام أن يسهم به في مجتمعنا. ومن وجهة نظر إسباني مسلم ملتزم بتحقيق إسلام ديمقراطي وعادل في إسبانيا، فإن هذه ليست مسألة رأي بل مسألة بقاء. وللأسف، ليس هذا هو التوجه العام، فإن صعود نجم السلفية ودعم المؤسسات للإسلام الرجعي حقيقة واقعة بيننا.[/rtl]
المترجم: Mohammad Alnouneh
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
مواضيع مماثلة
» مدونة: إسلام أسبانيا، بالأسبانية، من أسبانيا
» السياسي الأندلسي عبد النور كوكا، رحمه الله: 1944م-1997م، في 22 صورة
» موريسكيون أم أندلسيون؟، بقلم: د. أحمد الطاهري
» السياسي الأندلسي عبد النور كوكا، رحمه الله: 1944م-1997م، في 22 صورة
» موريسكيون أم أندلسيون؟، بقلم: د. أحمد الطاهري
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: الأندلسيون في شتاتهم بأوربا MORISCOS IN EUROPE - MORISQUES EN EUROPE - MORISCOS EN EUROPA :: الأندلسيون في شتاتهم داخل أسبانيا المعاصرة - Moriscos in Spain today - Moriscos en la España de hoy - Morisques en Espagne d'aujourd'hui
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:57 من طرف محمدي بن يحي
» حمل المئات من كتب النحو والصرف والإعراب (أمهات الكتب)
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:55 من طرف محمدي بن يحي
» ألقاب عائلات أندلسية في الجزائر
السبت 24 أغسطس 2024, 02:42 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» Ansys Electromagnetics Suite 2024 R1
الثلاثاء 27 فبراير 2024, 02:43 من طرف dlhtserv
» لقب: خلـــيفة، بالشرق الجزائري
الجمعة 06 أكتوبر 2023, 23:06 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» مسرحية (ولادة)، علي عبد العظيم (نالت الجائزة الأولى للتأليف المسرحي من وزارة الشؤون الاجتماعية، بمصر)، 1948م
السبت 05 أغسطس 2023, 17:22 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» WSDOT BridgeLink v7.0.1.0 English 64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:52 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniSettle v4.0.0.58 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:50 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniPile v5.0.0.60 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:48 من طرف dlhtserv