تأملات قطة - قصة قصيرة لصلاح ابوشنب
2 مشترك
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: منتديات الأندلسيين المعاصرين-CONTEMPORARY ANDALUSIANS’ FORUMS - FOROS ANDALUCES CONTEMPORÁNEOS - FORUMS DES ANDALOUS CONTEMPORAINS :: منتدى الدبلوماسي المترجم: صلاح أبو شنب Dp. Tr. Salaah Abu Shanab
صفحة 1 من اصل 1
تأملات قطة - قصة قصيرة لصلاح ابوشنب
تأمُّلاتُ قِطَّةٌ
أعْشَقُ الأسكندريةََ فى فصلِ الشتاءِ وأهيمُ بها عِشقاً فى شهرِ أمشير ، خاصةً عند بيتِنا القديم على شاطىء الميناء الشرقىِّ حين ينكمشُ الناسُ فى أماكنهم ويخلُدُونَ إلى النومِ مبكراً وتَخْلُو الشوارعُ إلاّ من صوتِ الريحِ التى تُزمجرُ فوقَ صخور الشاطىء وتحدث صَفِيراً حاداً وهى تمرُّ من خلال ثقوبِ النوافذِ والأبوابِ فيرتعدُ الصغارُ ويسارعُ الكبارُ بسدَّها بالخِرق أو بأوراق الصحفِ القديمةِ...
عند مداخل العمائر التى تحتلُّ الصف الأول من الشاطىء تدفعُك الريحُ بكل قوتها الى الأمام أو الى الخلف دون أن تملك لها حيلة سوى الإنحناء... !!
تلعقُ الأمواجُ وُجُوه الصخورِ وتنهشُ مُلوحَتَها القواقعُ المختبئة فى الثقوب ...
تعدت الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل ...
ودَّع صديقه ، هبط الدَّرجَ الخشبى المتهالك فى البيت القديم الذى يَصْرُخُ بغير مُستجيب كل ليلةٍ مُعلناً قُرْبِ انهياره ...
تهتزُّ درجاتُ السُّلم من تحتِ قدميه ويتمايلُ الدربزانُ الحديدى فيخشى أن تلمسه يداه فيهوى به سافلاً بلا رحمة .
كلما جاء لزيارة صديقه هذا خْفِقُ قلبُه وقشعر بدنُه وارتجفت أوصَالُه خشية أن يكون انهيارُ السُّلمِ لحظة صعوده أو وقت هبوطه، يدعو بدعاء ركوب الدابة راجياً من الله السلامة ، يتنفسُ الصَّعْداءَ حينَ يخرُجَ إلى الشارعِ الذى دائماً ما كان يلفُّهُ ظلامٌ وسكونٌ رهيبين فى ذاك الأنبوب الضيق المنسى من أزقة الاسكندرية القديمة ...
من رأس التين إلى الميناء الشرقىِّ يخْتصِرَ طريقه ليصل الى شارع الحَجَّارى تاركاً خلفه المجاورين الذى كثيراً ما تجنب السيرَ تحتَ جدرانِه المتشققة ...
من خلف ميدان المساجد يشعرُ برهبةٍ عارمةٍ فى هذه الساعة المتأخرة من الليل والمئآذن الشاهقة تخترق عنان السماء ...
ألآت النفخ النحاسية مُعلقة فوقَ واجهة دكان حسب الله المزيكاتى لا يقربُها أحد ...
يقفُ لحظةً مفكراً ، أى طريق يَسلكُ ، العُلوَاية الترابية أم الطريق المسفلت ...؟
المسفلتِ أسهل حتى لو كان أطول ...
هاهو قد وصل الى رصيف الشاطىء ...
الأمواجَ تتلاطم وثورتها على وشك الانطلاق ، وقف ينتظرهاُ أملاً فى الفوز برؤيتها وهى تختطف " بلنصاً " من وسط الماء لتُلقى به فى عرض الطريقِ فوق الأسفلتِ وكأنها النوارس البيضاء التى تخطف الاسماك بمناقيرها الحادة ، هذه عادتها كل عام فى نفس الوقت .
هاهى السلاسلُ الحديدية تنفرطُ ، والمرساةُ عاجزةً عن التشبثِ بقعر البحر، يُحطِّمُها جَبروتُ المَوْجِ تحطيماً.
صخرةٌ كبيرةٌ ملساء مستويةٌ ، تقع على مسافةِ بضع أمتار من الشاطىء ، يحُوطَهَا الماءُ وكأنها جزيرة.. يستخدمُها الشبابُ كمنطٍ للقفز إلى الماء ...
قطةٌ كبيرةٌ تجلسُ القرفصاء تتأملُ القمرَ الذى كان فى كمالهِ مُعلقاً فى جنوبِ السماءِ الشرقى...!!
ظهرُهاَ الى ناحيتَه ووجهُهُا يقابلُ القَمَرَ ، تعيشُ حالةً غريبةً من الإستغراقِ والتأملِ ...!!
وضع أصبعيه فى فمه ، أطلقَ صافرةً خرجت مبحوحة .. لم تعبأ...!!
بَحَثَ فى الأرضِ عن حَصَواتٍ ألقاها فى الماء سقطت بجانبها ، لم تعبأ ...!!
قفز فوق الحاجز البازلتى وفى يده حجرٌ آخر ، قرر أن يُلقِيَهُ بجانبها مباشرةً...
فى تلك اللحظة كان صوت جُندى خفر السواحل يُنادى من بعيد:
- مَنْ هُناكَ .. مَنْ هُنَاكَ ...؟
لم يُجِبْه ..تابع إلقائه الحَجَرَ...
هرع الجُنْدِىُّ نحوَهُ وضربات حذائِه تكادُ أن تحطِّمَ بلاطَ الرصيفِ ...
قال :
- لماذا تقفُ فوق الرصيفِ فى هذه الساعة ...؟
أجاب :
- أرجو أن تلزم الصمت من فضلك ...
- ألزم الصمت .. هل جُننِتَ .. أنا تابع للحكومة ...؟
- ممنوع .. لماذا ؟
- من أجل التهريب ...
- أنظر معى الى هناك ...
شاهدها جالسةً بلا حَرَاك .. لا تُبَالِى بمن خلفها .. إرتبك .. تملكه خوف وقال :
- قطةٌ وسط الماءِ .. فى هذه الساعةِ .. غيرُمعقول .. كيف سبحت وكيف وصلت إلى تلك الصخرة ؟
قال له :
- سؤال رائع يا حضرة الشاويش ...
- القطط تخشى الماءَ كخشيةِ الموت .. أليس كذلك ؟
- معك حق ...
تحسس الجندى الطبنجة .. أراد أن يَطلقَ طلقاً فى الهواءِ...
- ماذا تنوى أن تفعل .. لم ندخل الحرب بعد ...
- كم حَذَّرنِى أهلى من الوقوفِ ليلاً على ضِفَافِ التُّرعِ والمصارفِ والبحرِ أيضاً .. قالوا:
- ما دُمت قد أصبحتَ عسكرياً تحرسُ السواحلَ فكن دائماً بعيداً عن الماءِ وخصوصاً أثناءَ ساعات الحراسةِ الليليةِ ...
هم بالإنسحاب .. جذبه من سترته ليبقيه إلى جانبه...
- دعنا نفعل شيئاً لانقاذ تلك المسكينة من الغرق ...
- لا شأن لى بها .. مثلما ذهبت تَعُدْ ...
- ربما ألقاها أحدٌ عنوةً كى يتخلَّصَ منها ...
- إسمع يا أفندى ، أنا لستُ مسئولاً عن حماية القطط .. دعها فى حالها ولنكن فى حالنا وراح يُبسملُ .. هيا ننتقلُ الى الرصيف المقابل لنبقى فى أمان...
- يا حضرة الشاويش ، إن اقتناعك بأن القطط لا تسبحُ طواعيةً فى الماءِ قد زادَ فضولى فى الاصرار على معرفة حقيقتها ...
- يبدو أنك ستجلبُ لنا مصيبةً لسنا أهلاً لها ...
- لماذا أنت خائف أكثر مما يجب ، أنت عسكرى وأيضا تحمل سلاحاً ، فما الذى تخشاه من قطة ؟
- يبدو أنك لا تدرى شيئا عن هذه الأمور ...
غافله وألقى بالحجر فى الماء .. كاد أن يسقط على رأسها مباشرة لولا أن الريحَ حرفته فسقط فى الماء ...
لم تتحرك ...
ألقى ثان وثالث ...
استدارت ببطىء .. عكست وضعها .. أصبح جسمُها بكامله فى مُقَابِلهما...
حَدَّقَتْ فيهما بنظرةٍ حادةٍ .. لاحظ أن وجهها أكثر جنوحا لوجه أمرأة منه لوجه قطة ...!!
اخترقت نظراتها جسمه كما لو كانت سهامٌ حارقةٌ .. ارتجف .. ارتعد .. مادت الأرض من تحته .. لم تعد ساقاه قادرةٌ على حمله...
صاح الجندى وراح يُهزى بكلماتٍ مُبْمَة ، تابعَ قراءة آيةَ الكُرسىِّ مُتلعثماً ، تركه وهرب الى الجانب الآخر من الطريق...
قفز فوق الحاجز لضربها بحجر أكبر حجماً ...
ما أن رفَعَ يديه إلى أعلى حتى انتصبت واقفةً على رجليها الخلفيتين .. يداها إلى أعلى .. بدا واضحاً نصوع بياضُ أبطيها وبطنِها .. ظهرتْ أثداؤُها تحت ضَوْءِ المصباحِ العالى المثبت فى طرفِ الرصيف .. استطال جسمها وارتفع الى أعلى وهى تتمايل تارة يميناً وأخرى يساراً...!!
كُلما مالت الى ناحية ، تمدد جسمُها وبَهُتَ لونُها ...
صاح مُنادياً على الجندى .. أتى يهرول .. وقف يشاهدُ ما يجرى وهو غارقٌ فى حالةٍ من الاندهاش والتوهان ...
تابعت إحداث هذه الحركة حتى رَقَّ كيانُها وراح يتلاشى ويتحول الى كيانٍ أثيريِّ اختلط لونُه بلون الفضاء الذى حَوْلَها حتى لم يبق منها شىءٌ الا وتطايرَ مُتعرجاً فى الهواءِ كتعرُّجِ سُحُبِ الدُّخانِ المنبعثة من غُليون .
فرَكَ عينيهِ وهو غير مصدق لما يرى .. سمِع صوت الجُنْدىُّ يقول :
الحمد الله على أنها لم تُؤذينا ...
وأقسم أنه لنْ يقفَ على الشاطىء ما بقى له من خدمة..
===========
[img][/img]
أعْشَقُ الأسكندريةََ فى فصلِ الشتاءِ وأهيمُ بها عِشقاً فى شهرِ أمشير ، خاصةً عند بيتِنا القديم على شاطىء الميناء الشرقىِّ حين ينكمشُ الناسُ فى أماكنهم ويخلُدُونَ إلى النومِ مبكراً وتَخْلُو الشوارعُ إلاّ من صوتِ الريحِ التى تُزمجرُ فوقَ صخور الشاطىء وتحدث صَفِيراً حاداً وهى تمرُّ من خلال ثقوبِ النوافذِ والأبوابِ فيرتعدُ الصغارُ ويسارعُ الكبارُ بسدَّها بالخِرق أو بأوراق الصحفِ القديمةِ...
عند مداخل العمائر التى تحتلُّ الصف الأول من الشاطىء تدفعُك الريحُ بكل قوتها الى الأمام أو الى الخلف دون أن تملك لها حيلة سوى الإنحناء... !!
تلعقُ الأمواجُ وُجُوه الصخورِ وتنهشُ مُلوحَتَها القواقعُ المختبئة فى الثقوب ...
تعدت الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل ...
ودَّع صديقه ، هبط الدَّرجَ الخشبى المتهالك فى البيت القديم الذى يَصْرُخُ بغير مُستجيب كل ليلةٍ مُعلناً قُرْبِ انهياره ...
تهتزُّ درجاتُ السُّلم من تحتِ قدميه ويتمايلُ الدربزانُ الحديدى فيخشى أن تلمسه يداه فيهوى به سافلاً بلا رحمة .
كلما جاء لزيارة صديقه هذا خْفِقُ قلبُه وقشعر بدنُه وارتجفت أوصَالُه خشية أن يكون انهيارُ السُّلمِ لحظة صعوده أو وقت هبوطه، يدعو بدعاء ركوب الدابة راجياً من الله السلامة ، يتنفسُ الصَّعْداءَ حينَ يخرُجَ إلى الشارعِ الذى دائماً ما كان يلفُّهُ ظلامٌ وسكونٌ رهيبين فى ذاك الأنبوب الضيق المنسى من أزقة الاسكندرية القديمة ...
من رأس التين إلى الميناء الشرقىِّ يخْتصِرَ طريقه ليصل الى شارع الحَجَّارى تاركاً خلفه المجاورين الذى كثيراً ما تجنب السيرَ تحتَ جدرانِه المتشققة ...
من خلف ميدان المساجد يشعرُ برهبةٍ عارمةٍ فى هذه الساعة المتأخرة من الليل والمئآذن الشاهقة تخترق عنان السماء ...
ألآت النفخ النحاسية مُعلقة فوقَ واجهة دكان حسب الله المزيكاتى لا يقربُها أحد ...
يقفُ لحظةً مفكراً ، أى طريق يَسلكُ ، العُلوَاية الترابية أم الطريق المسفلت ...؟
المسفلتِ أسهل حتى لو كان أطول ...
هاهو قد وصل الى رصيف الشاطىء ...
الأمواجَ تتلاطم وثورتها على وشك الانطلاق ، وقف ينتظرهاُ أملاً فى الفوز برؤيتها وهى تختطف " بلنصاً " من وسط الماء لتُلقى به فى عرض الطريقِ فوق الأسفلتِ وكأنها النوارس البيضاء التى تخطف الاسماك بمناقيرها الحادة ، هذه عادتها كل عام فى نفس الوقت .
هاهى السلاسلُ الحديدية تنفرطُ ، والمرساةُ عاجزةً عن التشبثِ بقعر البحر، يُحطِّمُها جَبروتُ المَوْجِ تحطيماً.
صخرةٌ كبيرةٌ ملساء مستويةٌ ، تقع على مسافةِ بضع أمتار من الشاطىء ، يحُوطَهَا الماءُ وكأنها جزيرة.. يستخدمُها الشبابُ كمنطٍ للقفز إلى الماء ...
قطةٌ كبيرةٌ تجلسُ القرفصاء تتأملُ القمرَ الذى كان فى كمالهِ مُعلقاً فى جنوبِ السماءِ الشرقى...!!
ظهرُهاَ الى ناحيتَه ووجهُهُا يقابلُ القَمَرَ ، تعيشُ حالةً غريبةً من الإستغراقِ والتأملِ ...!!
وضع أصبعيه فى فمه ، أطلقَ صافرةً خرجت مبحوحة .. لم تعبأ...!!
بَحَثَ فى الأرضِ عن حَصَواتٍ ألقاها فى الماء سقطت بجانبها ، لم تعبأ ...!!
قفز فوق الحاجز البازلتى وفى يده حجرٌ آخر ، قرر أن يُلقِيَهُ بجانبها مباشرةً...
فى تلك اللحظة كان صوت جُندى خفر السواحل يُنادى من بعيد:
- مَنْ هُناكَ .. مَنْ هُنَاكَ ...؟
لم يُجِبْه ..تابع إلقائه الحَجَرَ...
هرع الجُنْدِىُّ نحوَهُ وضربات حذائِه تكادُ أن تحطِّمَ بلاطَ الرصيفِ ...
قال :
- لماذا تقفُ فوق الرصيفِ فى هذه الساعة ...؟
أجاب :
- أرجو أن تلزم الصمت من فضلك ...
- ألزم الصمت .. هل جُننِتَ .. أنا تابع للحكومة ...؟
- ممنوع .. لماذا ؟
- من أجل التهريب ...
- أنظر معى الى هناك ...
شاهدها جالسةً بلا حَرَاك .. لا تُبَالِى بمن خلفها .. إرتبك .. تملكه خوف وقال :
- قطةٌ وسط الماءِ .. فى هذه الساعةِ .. غيرُمعقول .. كيف سبحت وكيف وصلت إلى تلك الصخرة ؟
قال له :
- سؤال رائع يا حضرة الشاويش ...
- القطط تخشى الماءَ كخشيةِ الموت .. أليس كذلك ؟
- معك حق ...
تحسس الجندى الطبنجة .. أراد أن يَطلقَ طلقاً فى الهواءِ...
- ماذا تنوى أن تفعل .. لم ندخل الحرب بعد ...
- كم حَذَّرنِى أهلى من الوقوفِ ليلاً على ضِفَافِ التُّرعِ والمصارفِ والبحرِ أيضاً .. قالوا:
- ما دُمت قد أصبحتَ عسكرياً تحرسُ السواحلَ فكن دائماً بعيداً عن الماءِ وخصوصاً أثناءَ ساعات الحراسةِ الليليةِ ...
هم بالإنسحاب .. جذبه من سترته ليبقيه إلى جانبه...
- دعنا نفعل شيئاً لانقاذ تلك المسكينة من الغرق ...
- لا شأن لى بها .. مثلما ذهبت تَعُدْ ...
- ربما ألقاها أحدٌ عنوةً كى يتخلَّصَ منها ...
- إسمع يا أفندى ، أنا لستُ مسئولاً عن حماية القطط .. دعها فى حالها ولنكن فى حالنا وراح يُبسملُ .. هيا ننتقلُ الى الرصيف المقابل لنبقى فى أمان...
- يا حضرة الشاويش ، إن اقتناعك بأن القطط لا تسبحُ طواعيةً فى الماءِ قد زادَ فضولى فى الاصرار على معرفة حقيقتها ...
- يبدو أنك ستجلبُ لنا مصيبةً لسنا أهلاً لها ...
- لماذا أنت خائف أكثر مما يجب ، أنت عسكرى وأيضا تحمل سلاحاً ، فما الذى تخشاه من قطة ؟
- يبدو أنك لا تدرى شيئا عن هذه الأمور ...
غافله وألقى بالحجر فى الماء .. كاد أن يسقط على رأسها مباشرة لولا أن الريحَ حرفته فسقط فى الماء ...
لم تتحرك ...
ألقى ثان وثالث ...
استدارت ببطىء .. عكست وضعها .. أصبح جسمُها بكامله فى مُقَابِلهما...
حَدَّقَتْ فيهما بنظرةٍ حادةٍ .. لاحظ أن وجهها أكثر جنوحا لوجه أمرأة منه لوجه قطة ...!!
اخترقت نظراتها جسمه كما لو كانت سهامٌ حارقةٌ .. ارتجف .. ارتعد .. مادت الأرض من تحته .. لم تعد ساقاه قادرةٌ على حمله...
صاح الجندى وراح يُهزى بكلماتٍ مُبْمَة ، تابعَ قراءة آيةَ الكُرسىِّ مُتلعثماً ، تركه وهرب الى الجانب الآخر من الطريق...
قفز فوق الحاجز لضربها بحجر أكبر حجماً ...
ما أن رفَعَ يديه إلى أعلى حتى انتصبت واقفةً على رجليها الخلفيتين .. يداها إلى أعلى .. بدا واضحاً نصوع بياضُ أبطيها وبطنِها .. ظهرتْ أثداؤُها تحت ضَوْءِ المصباحِ العالى المثبت فى طرفِ الرصيف .. استطال جسمها وارتفع الى أعلى وهى تتمايل تارة يميناً وأخرى يساراً...!!
كُلما مالت الى ناحية ، تمدد جسمُها وبَهُتَ لونُها ...
صاح مُنادياً على الجندى .. أتى يهرول .. وقف يشاهدُ ما يجرى وهو غارقٌ فى حالةٍ من الاندهاش والتوهان ...
تابعت إحداث هذه الحركة حتى رَقَّ كيانُها وراح يتلاشى ويتحول الى كيانٍ أثيريِّ اختلط لونُه بلون الفضاء الذى حَوْلَها حتى لم يبق منها شىءٌ الا وتطايرَ مُتعرجاً فى الهواءِ كتعرُّجِ سُحُبِ الدُّخانِ المنبعثة من غُليون .
فرَكَ عينيهِ وهو غير مصدق لما يرى .. سمِع صوت الجُنْدىُّ يقول :
الحمد الله على أنها لم تُؤذينا ...
وأقسم أنه لنْ يقفَ على الشاطىء ما بقى له من خدمة..
===========
[img][/img]
عدل سابقا من قبل صلاح ابوشنب في الأحد 09 يناير 2011, 07:55 عدل 1 مرات
صلاح ابوشنب- مفكر وقائد في القضية الأندلسية المعاصرة
- الجنس :
العمر : 78
تاريخ الميلاد : 29/08/1946
تاريخ التسجيل : 22/12/2009
عدد المساهمات : 74
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 34
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 167
رد: تأملات قطة - قصة قصيرة لصلاح ابوشنب
قصة عجيبة، ممهورة بالرموز والأساطير، لكن فيها توقيع المدينة...
من الذي لا تسحره الإسكندرية؟
ومن الذي لا يسحره جانبها الشرقي؟
ومن الذي لا يسحره بحرها، على الرغم من خفر السواحل المزعجين؟
أحييت في نفسي أشواقا إلى تلك الأماكن؛ من أقصاها الشمالي عند مبني خفر السواحل إلى مكتبة الإسكندرية وما يتبعها جنوبا. اشتقت حتى إلى ركوب قطارها الداخلي البطيء.
ثم تأتي قصة هذه القطة التي أثارت في نفسي كثيرا من الفضول...
القطة لا تؤذي فلماذا يخاف منها العساكر وهم يحملون أسلحتهم المحشوة بالرصاص القابل لاختراق بدن كل حي...؟
لماذا فضلت الانصراف بالتلاشي دون توديع؟
لماذا لم تخبرنا عن قصتها؟
لماذا لم تبح لنا بسر حزنها الذي آلمنا؟
لماذا لم تبال بالكرب الذي كانت فيه؟
أسئلة كثيرة تدفعنا إليها قصتك الجميلة بجمال فكرتها والتشويق في سردها...
سدد الله قلمك في التنفيس عن المكروبين، في هذا العالم الأناني.
من الذي لا تسحره الإسكندرية؟
ومن الذي لا يسحره جانبها الشرقي؟
ومن الذي لا يسحره بحرها، على الرغم من خفر السواحل المزعجين؟
أحييت في نفسي أشواقا إلى تلك الأماكن؛ من أقصاها الشمالي عند مبني خفر السواحل إلى مكتبة الإسكندرية وما يتبعها جنوبا. اشتقت حتى إلى ركوب قطارها الداخلي البطيء.
ثم تأتي قصة هذه القطة التي أثارت في نفسي كثيرا من الفضول...
القطة لا تؤذي فلماذا يخاف منها العساكر وهم يحملون أسلحتهم المحشوة بالرصاص القابل لاختراق بدن كل حي...؟
لماذا فضلت الانصراف بالتلاشي دون توديع؟
لماذا لم تخبرنا عن قصتها؟
لماذا لم تبح لنا بسر حزنها الذي آلمنا؟
لماذا لم تبال بالكرب الذي كانت فيه؟
أسئلة كثيرة تدفعنا إليها قصتك الجميلة بجمال فكرتها والتشويق في سردها...
سدد الله قلمك في التنفيس عن المكروبين، في هذا العالم الأناني.
أ. د. جمال بن عمار الأحمر- رئيس منظمة الشعب الأندلسي العالمية
- الجنس :
العمر : 64
تاريخ الميلاد : 22/02/1960
تاريخ التسجيل : 02/05/2009
عدد المساهمات : 2938
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 3
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 4879
العمل/الترفيه : أستاذ جامعي. مؤسس في حركة إسلامية قوية في نهاية السبعينيات. وسياسي قديم. ومرشح برلماني سابق
شكر واجب
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى الكريم د. جمال الاحمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعدنى ردكم وتعليقكم المفيد الرائع .. سلام لك من الاسكندرية .. من مكتبتها .. من شاطئها ورمالها ، ومن شرقها وغربها وشمالها وجنوبها وجميع اهلها ، اكرر شكرى ،،،
اخى الكريم د. جمال الاحمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعدنى ردكم وتعليقكم المفيد الرائع .. سلام لك من الاسكندرية .. من مكتبتها .. من شاطئها ورمالها ، ومن شرقها وغربها وشمالها وجنوبها وجميع اهلها ، اكرر شكرى ،،،
صلاح ابوشنب- مفكر وقائد في القضية الأندلسية المعاصرة
- الجنس :
العمر : 78
تاريخ الميلاد : 29/08/1946
تاريخ التسجيل : 22/12/2009
عدد المساهمات : 74
نقاط الشكر على الجدية الأندلسية : 34
نشاطه في منظمة ش الأندلسي ع : 167
مواضيع مماثلة
» مكايــــــــــــــــــد - قصة قصيرة لصلاح ابوشنب
» المطرود - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب
» اشباح قلعة قايتاباى - قصة قصيرة لصلاح ابوشنب
» المطرود - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب
» اشباح قلعة قايتاباى - قصة قصيرة لصلاح ابوشنب
منظمة الشعب الأندلسي العالمية World Organization of Andalusian People :: منتديات الأندلسيين المعاصرين-CONTEMPORARY ANDALUSIANS’ FORUMS - FOROS ANDALUCES CONTEMPORÁNEOS - FORUMS DES ANDALOUS CONTEMPORAINS :: منتدى الدبلوماسي المترجم: صلاح أبو شنب Dp. Tr. Salaah Abu Shanab
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:57 من طرف محمدي بن يحي
» حمل المئات من كتب النحو والصرف والإعراب (أمهات الكتب)
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 12:55 من طرف محمدي بن يحي
» ألقاب عائلات أندلسية في الجزائر
السبت 24 أغسطس 2024, 02:42 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» Ansys Electromagnetics Suite 2024 R1
الثلاثاء 27 فبراير 2024, 02:43 من طرف dlhtserv
» لقب: خلـــيفة، بالشرق الجزائري
الجمعة 06 أكتوبر 2023, 23:06 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» مسرحية (ولادة)، علي عبد العظيم (نالت الجائزة الأولى للتأليف المسرحي من وزارة الشؤون الاجتماعية، بمصر)، 1948م
السبت 05 أغسطس 2023, 17:22 من طرف أ. د. جمال بن عمار الأحمر
» WSDOT BridgeLink v7.0.1.0 English 64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:52 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniSettle v4.0.0.58 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:50 من طرف dlhtserv
» UniSoft GS UniPile v5.0.0.60 English 32-64-bit
الجمعة 19 مايو 2023, 14:48 من طرف dlhtserv