احتفاء بذكرى مرور ألف سنة على وفاة المجريطي.. ، د. محمد جمال طحّان

احتفاء بذكرى مرور ألف سنة على وفاة المجريطي..
د. محمد جمال طحّان
25/08/2007

احتفاء بذكرى مرور ألف سنة على وفاة العالم العربي الفلكي والكيميائي والرياضي أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي افتتح برعاية السيد المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء صباح 25/6/2007 بجامعة حلب المؤتمر السنوي لتاريخ العلوم عند العرب الذي استمر لمدة ثلاثة أيام على مدرج معهد التراث العلمي العربي، ناقش فيها العلماء والباحثون المشاركون في المؤتمر الذين يمثلون إحدى عشرة دولة عربية وأجنبية من روسيا وإنكلترا ومصر والسعودية وقطر والعراق والأردن وسورية، 48 بحثاً جديداً على مدى ثماني جلسات علمية في مجالات تاريخ العلوم الطبية والتطبيقية والأساسية والتراث العمراني والآثار. وأقيم على هامش المؤتمر عدد من معارض التراث الفني والعلمي والتوثيق التراثي. كما احتفل المؤتمر بذكرى مرور ألف سنة على وفاة المجريطي نظراً لمساهمته في تطوير عمل الكيمياء وتحضير أوكسيد الزئبق.
* * * * *
ولد أبو القاسم بمدينة مجريط (مدريد) في الأندلس، سنة 340 هـ، وتوفي سنة 397 هـ عن سبعة وخمسين عاماً. اهتم بدراسة العلوم الرياضية، فتعمق فيها حتى صار إمام الرياضيين في الأندلس. كما اشتغل بالعلوم الفلكية وكانت له فيها مواقف وآراء، فضلاً عن الكيمياء وسائر العلوم المعروفة. ترك المجريطي مؤلفات علمية متنوعة أهمها: رتبة الحكم (في الكيمياء)، غاية الحكيم (في الكيمياء) وقد نُقل إلى اللاتينية.
عني المجريطي بزيج الخوارزمي وزاد عليه، وله رسالة في آلة الرصد، وبالأسطرلاب. وقد ترك أبحاثاً قيمة في مختلف فروع الرياضيات كالحساب والهندسة، فضلاً عن مؤلفاته في الكيمياء. واهتم المجريطي كذلك بتتبع تاريخ الحضارات القديمة. ومن الدراسات المهمة التي ركز عليها المجريطي علم البيئة. وفي الخاتمة نقول إن المجريطي يعد صاحب مدرسة مهمة في حقل العلوم، تأثر بآرائها العديد من العلماء اللاحقين، أمثال الزهراوي الطبيب الأندلسي المشهور، والغرناطي، والكرماني، وابن خلدون الذي نقل عن المجريطي بعض الآراء التي أدرجها في مقدمته. وقد اعتمدت مؤلفاته للتدريس في الجامعات الأوربية.
أسست أمتنا حضارة واستوعبت الثقافات الأخرى
أكد الدكتور غياث بركات وزير التعليم العالي ممثل راعي الاحتفال أن هذه الأمة المتجذرة في أعماق التاريخ استطاعت أن تؤسس دولة الحضارة وأن تستوعب جميع الثقافات الأخرى لتجعل منها مزيجاً حضارياً متجانساً عمل على خدمة الإنسان.
منهجية قراءة التراث
بدأت الجلسات العلمية للمؤتمر ببحث (التراث العلمي العربي أهميته، منهجية قراءته، وأساليب التعامل معه) قدّمه د. علاء الدين لولح (عميد معهد التراث العلمي العربي) ورأى فيه أن الفضل في التقدم العلمي والتكنولوجي المعاصر يعود إلى مجموعة الجهود الإنسانية التي بذلها علماء الحضارات القديمة كل حسب مساهمته ونصيبه من الإبداع والابتكار، وهي جهود تراكمية الفضل فيها لمن تقدم بما قدم، وتعكس هذه الجهود خصائص هذه الحضارات وصفاتها وتاريخها، وأنماط معيشة سكانها، والسلوكية الاجتماعية السائدة فيها.
السرقات والتزوير
(السرقات والتزوير والانتحالات التي أصابت التراث العلمي العربي الإسلامي) عنوان بحث د. سُرى سبع العيش (الأردن). رأت فيه أنه في هذا الزمن, زمن العولمة، أصبح للملكية الفردية في التأليف والثقافة والإبداعات العلمية والاختراعات حقوق محفوظة عالمياً, ولها مؤسسات تراقب حمايتها، بينما كثرت حالات القنص والتّزوير والانتحالات التي أصابت تراثنا العلمي. لقد تميز بدء انتقال التراث العلمي الطبي العربي الإسلامي إلى أوربا بالقنص والنهب والانتحال, وقد تردد في التاريخ اسم قسطنطين الإفريقي كأول منتحل مزور في التاريخ الطبي, وأول كتاب قدمه باللاتينية مدّعياً تأليفه سماه كتاب- طب العيون- ثم تبيّن بعد مئات السنين أن ذلك الكتاب ترجمة حرفية لكتاب حنين بن إسحاق العبادي (العشر مقالات في العين). وقد اكتشف مؤرخ طب العيون الألماني جوليوس هيرشبرغ في نهاية القرن التاسع عشر سرقات قسطنطين الأفريقي، التي لم تقتصر على كتاب حنين, فقد سطا أيضاً على كتاب ابن الجزار (زاد المسافر). وكذلك انتحل كتاب (الكامل في الصناعة الطبية) لعلي بن العباس الأهوازي, فسماه كتاب (مجمل الفن) وانتحله لنفسه.
الأسرار الكمينة بأحوال الكينة كينة
(من تراث الطب والتراث بتونس)عنوان مشاركة د. الكرّاي القسنطيني (تونس) وفيه خصص الحديث عن حمى المستنقعات ودواء الكينة كينة، إذ تعدّ الملاريا أو حمّى المستنقعات عدوّة الإنسان منذ القديم، وما زالت إلى اليوم تصيب ما لا يقل عن 500 مليون إفريقي بالعدوى، يموت منهم مليون أو مليونان كل عام، معظمهم من الأطفال. واتخذ الإنسان عبر التاريخ وسائل لحماية نفسه ولمعالجة استتباعات هذا الداء.
حنين بن إسحاق.. شيخ المترجمين العرب
مشاركة المطران يوحنا إبراهيم (حلب ـ سورية) ركزت الحديث على حنين بن إسحاق وهو عربي مسيحي من الحيرة، ولد في عائلة علمية، وحصل على ثقافة عالية بعد أن أتقن اللغة اليونانية، وتعرف على الفكر الهلسنتي، وتمرّس بالترجمة، وتعمّق في علم الطب. اهتم حُنين بترجمة كتب حكماء اليونان. كتب عنه الكثيرون من المؤرخين، وقالوا عنه إنه شيخ المترجمين العرب، وخلّدت ذكره أهم المصادر العربية مثل: القفطي وابن أبي أصيبعة وابن العبري وابن النديم.
ولما وجدنا تكراراً في بعض الأبحاث التي قُدّمت اكتفينا بإيجاز المفيد وتركنا التكرار الذي كان أولى بالباحثين الانتباه إليه، ومن حق اللجنة المنظمة أن تستبعد الأبحاث المتشابهة المقدمة للمشاركة في المؤتمر. ومن ذلك أيضاً ماجاء تحت عنوان (الحياة العلمية الطبية في الأندلس في عصر المجريطي، إبن عبد ربه نموذجاً) قدمه د. خالد بصمه جي (معهد التراث)، وهو على أهميته جاء مكرِّراً لما سبق من أبحاث، بحيث لم يعد خافياً على أحد أن معظم العنوانات التي طرحت في المؤتمر أكدت أن الأندلس شهدت في القرن الرابع للهجرة يقظة علمية مميزة من الازدهار في مختلف العلوم ومن ضمنها الصناعة الطبية الصيدلانية.
إن هذه اليقظة العلمية في الأندلس التي كانت على اتصال علمي مستمر مع حواضر النهضة العلمية آنذاك كبغداد ودمشق والقاهرة والقيروان، قد جعلت العلماء وطلاب العلم يتنقلون بين المشرق العربي الإسلامي ومغربه، كما أن المؤلفات الطبية التي تظهر في المشرق سرعان ما كانت تجد سبيلها إلى الأندلس في وقت مبكر.
وفي آخر الجلسات العلمية للمؤتمر قدم الفنان محمد قدري دلال مداخلة عن طقوس الذكر في حلب تلته جلسة ختامية حفلت بالتوصيات، ثم استمتع الحاضرون بحفلة موسيقية تراثية قدمها الفنان محمد قدري دلال وفرقته.

http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=1676

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
	1	2	3	4	5	6
7	8	9	10	11	12	13
14	15	16	17	18	19	20
21	22	23	24	25	26	27
28	29	30